الخطيب يجدد استقالته وضغوط لإقالة هيتو.. واتفاق مع الكتائب المقاتلة لتوريد النفط

«أصدقاء سوريا» يزيدون الدعم «غير الفتاك» وخيبة المعارضة تفجر بنيتها السياسية

عناصر من الجيش السوري الحر تتموضع في منطقة خان العسل في حلب أمس (رويترز)
TT

أبدت المعارضة السورية خيبة أملها من نتائج اجتماع «أصدقاء سوريا» الذي انعقد ليل السبت الماضي في إسطنبول، وكانت أولى نتائجه إعادة طرح رئيس الائتلاف الوطني المعارض معاذ الخطيب استقالته، رافضا أن يكون «شاهد زور» على ما يجري، منتقدا «تقاعس المجتمع الدولي عن القيام بواجباته حيال السوريين». وتزامنت هذه الاستقالة مع معلومات شبه مؤكدة عن اتجاه لدى قوى المعارضة لسحب «التكليف» المعطى لغسان هيتو لتأليف حكومة انتقالية للمعارضة، تتخذ من المناطق الخارجة عن سيطرة النظام مقرا لها.

وقالت مصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» إن هيتو الذي فشل حتى الآن في تقديم تشكيلة حكومية سيواجه ضغوطا محتملة لتقديم استقالته، كاشفة عن أن الاتجاه هو لتسمية «شخصية من الداخل السوري» لتأليف هذه الحكومة. وأوضح عضو بارز في الائتلاف رفض الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط» أن جماعة الإخوان المسلمين في سوريا سحبت تأييدها لهيتو الذي فشل في الحصول على تأييد القوى الأساسية في الداخل السوري، خصوصا «الجيش الحر»، موضحة أن مجموعتين فقط داخل الائتلاف لا تزالان تؤيدانه، هي مجموعة مصطفى الصباغ، أمين عام الائتلاف، ومجموعة عماد الدين رشيد. وأشار المصدر إلى أن هيتو كان من المفترض أن يعود إلى الائتلاف بتشكيلته في 19 أبريل (نيسان) الحالي، لكنه لم ينجزها، علما بأن النظام الداخلي للائتلاف يعطيه مدة شهر، مما يمنحه بعض الوقت، لكن المصدر أكد أن استقالة أو إقالة هيتو هي مسألة وقت لا أكثر.

وكانت المعارضة السورية قد أظهرت خيبتها من تردد المجتمع الدولي في مدها بالسماح النوعي، رغم أنها اعتبرت أن ما حصل في اجتماع أصدقاء سوريا شكل «تقدما نوعيا في هذا المجال» في حين قالت مصادر في الخارجية التركية إن ما اتفق عليه هو «خطوة إلى الأمام»، مشيرة إلى أن موضوع رفع الاتحاد الأوروبي الحظر عن السلاح إلى سوريا شهد تطورات إيجابية جدا بعد تراجع ألمانيا عن موقفها المتشدد.

وقال عضو الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية مروان حاجو إن الخطيب «جدد تقديم استقالته.. بسبب عدم تفاعل المجتمع الدولي مع الأزمة السورية وغياب مساندة الشعب السوري». وأوضح حاجو أن الخطيب أبلغ الائتلاف باستقالته على هامش اجتماع «مجموعة أصدقاء سوريا» في إسطنبول السبت. وقال حاجو إن الدول الداعمة للمعارضة «لا تقدم المساعدة الكافية» للشعب السوري و«لها معاييرها الخاصة في الدعم». وأضاف أن «الاستقالة تأتي للتنديد بعدم وجود تحرك جدي لإعانة الشعب السوري»، معتبرا أن على مجموعة أصدقاء سوريا أن «تسلم المعارضة أسلحة ثقيلة لتمكين السوريين من الدفاع عن أنفسهم».

وكان الخطيب قد كتب الليلة قبل الماضية على صفحته على موقع «فيس بوك» بعد انتهاء الاجتماع «اللهم لن أشهد على زور». وقال مصدر مقرب منه لـ«الشرق الأوسط» إن قوى المعارضة قدمت كل ما في إمكانها من ضمانات لعدم تسرب السلاح المقدم للمعارضة إلى المتطرفين «لكننا لم نحصل على نتائج، فإذا كان المطلوب إطالة أمد الأزمة لمزيد من القتل والتدمير، فلن نقبل أن نرقص على القبور».

وأعلن الائتلاف الوطني السوري أمس أنه يرفض بشدة «كل أشكال الإرهاب». وتعهد في وثيقة خطية قدمها إلى مؤتمر أصدقاء سوريا بعدم وصول الأسلحة التي يحصل عليها إلى جهات خطأ. وقال الائتلاف إنه لن يسمح بوقوع عمليات انتقامية ضد أي مجموعة في سوريا.

وكان الاجتماع الوزاري لمجموعة أصدقاء سوريا قد أنهى اجتماعا فجر أمس استمر ست ساعات، أوضح بعده وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن قيمة المساعدة الأميركية التي ستقدم إلى المعارضين أصبحت 250 مليون دولار. وقال أمام الصحافيين «إننا نمر اليوم في وقت دقيق وهذا ما قادنا إلى هنا». وأضاف «إن المخاطر في سوريا واضحة جدا: خطر استخدام أسلحة كيميائية، وقتل الشعب بصواريخ باليستية واستخدام أسلحة دمار شامل أخرى، وخطر الوصول إلى عنف طائفي». وأضاف: «هذا العنف بدأ الآن يعبر الحدود ويهدد الدول المجاورة»، متابعا: «حمام الدم هذا يجب أن يتوقف».

ولم يعط كيري تفاصيل عن طبيعة المعدات الجديدة التي ستسلم إلى المعارضين السوريين، لكنه أوضح أنها «ستتخطى الوجبات الغذائية العسكرية والأدوات الطبية لتتضمن أنواعا أخرى من التجهيزات غير القاتلة».

وأوضح كيري في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع الخطيب ووزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، أن المجتمعين تعهدوا بأن تتم كل مساعدة للمعارضة المسلحة عبر القيادة العسكرية العليا للجيش السوري الحر بقيادة سليم إدريس.

وقال الخطيب من جهته في المؤتمر: «نحن ملتزمون بالحفاظ على هذا البلد بلدا موحدا ذا استقلال كامل قراره السيادي ينبع من أبنائه». كما طالب روسيا بـ«أن تتخذ دورا إيجابيا تجاه الأزمة السورية»، و«المشاركة في رفع هذا العناء الذي يعيشه الشعب السوري». كما دعا إلى «ألا تتورط إيران أكثر مما تورطت وأن تسحب خبراءها وضباطها وأن توعز إلى حزب الله بسحب مقاتليه تجنيبا لجر المنطقة إلى معركة أكبر سيكون الخاسر الأكبر فيها هذه الجهات»، بحسب قوله.

وإزاء عدم حصول تقدم في مجال التسليح النوعي، شدد الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية خلال الاجتماع على وجوب «صياغة والتزام تحالف للدول المقتدرة من مجموعة أصدقاء الشعب السوري لتنفيذ إجراءات محددة وفورية لتعطيل قدرة بشار الأسد عن استخدام الأسلحة الكيماوية والصواريخ الباليستية من خلال ضربات جراحية للمواقع التي ثبت إطلاق صواريخ منها عن طريق طائرات من دون طيار». كما طالب، بحسب ما أوضح في بيان صادر عنه، بـ«العمل على فرض حظر طيران وحماية على الحدود الشمالية والجنوبية لضمان عودة وسلامة اللاجئين السوريين».

وجدد المجتمعون في بيان صدر عن الاجتماع تأييدهم للجلوس على طاولة التفاوض لحل الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من سنتين، في إطار اتفاقات جنيف التي تم التوصل إليها في يونيو (حزيران) 2012. وتقول الوثيقة: «إذا رفض النظام السوري هذه الفرصة، فسنعلن زيادة مساعدتنا للمعارضة».

إلى ذلك، رحب وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي أمس بإعلان المعارضة السورية «المعتدلة» نأيها بنفسها عن القوى المتشددة. وقال إن المعارضة السورية «اعترفت بشكل صريح برفضها للإرهاب كما تعهدت بالالتزام بالديمقراطية»، موضحا أن بلاده عازمة على توسيع نطاق التعاون مع الائتلاف الوطني «على هذا الأساس».

وكانت جبهة النصرة قد حلت ضيف ثقيلا على لقاء مجموعة «أصدقاء سوريا» الذي أسفر عن رفع مستوى الدعم من قبل الدول المؤيدة للثوار، وتحديدا الولايات المتحدة، لكنها لم تصل إلى حد تلبية طموحات المعارضين الذين يطالبون المجموعة بتسهيل وصول الأسلحة «النوعية» إلى المقاتلين. ورفع الائتلاف لائحة مطالب جديدة إلى المجتمعين، أعادت طرح خيار «الحظر الجوي» إلى الطاولة كخيار رديف لمواجهة المخاوف الدولية من وصول الأسلحة المضادة للطائرات إلى المقاتلين الإسلاميين، بالإضافة إلى خيار توجيه ضربات جوية ضد مراكز الأسلحة الباليستية السورية التي قال هيتو في الاجتماع المغلق إنها «العدو الأكبر بعد سلاح الطيران»، كما أفادت مصادر شاركت في الاجتماع لـ«الشرق الأوسط».

وقالت مصادر شاركت في الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» إن موضوع «المتطرفين الإسلاميين» كان الموضوع الرئيس على طاولة الاجتماعات لجهة مناقشة ظاهرة تمددهم في سوريا ومخاطر انتشار نفوذهم. وأوضح مصدر في المعارضة السورية أن المعارضين وافقوا على «تعهد خطي» بمنع وصول أي مساعدات غربية تقدم للمعارضين إلى «الأيادي الخاطئة».

وقال رئيس أركان الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس الذي شارك في الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» إنه مستعد لضمان إعادة هذه الأسلحة أي مصادرها بعد انتصار الثورة، مشيرا إلى أن «كل تلكؤ في مد الثوار بالسلاح والدعم لفعلي من شأنه المساهمة في إطالة عمر الأزمة وإسقاط المزيد من الضحايا». وقال إدريس إن المعارضة «لا تريد تدخلا دوليا، بل تريد سلاحا نوعيا يسمح لها بمواجهة آلة النظام القاتلة».

وقال الناطق باسم هيتو إن موضوع شراء النفط من قبل الدول الأوروبية «يبحث بجدية». وأوضح أن ثمة اتصالات يجريها هيتو لتأمين بيع النفط السوري لتأمين موارد لحكومته المقبلة. وأوضح أن ثمة «تفاهما أنجز مع الكتائب التي تسيطر على الآبار النفطية السورية، وأبدت استعدادها للتعاون، ومع شركاء أوروبيين. ورحب الائتلاف الوطني السوري بطرح الاتحاد الأوروبي مشروع قرار لرفع الحظر جزئيا عن استيراد النفط السوري لصالح قوى الثورة والمعارضة السورية»، معربا عن أمله «بتبني المشروع حين عرضه على التصويت» اليوم. وأشار إلى أن هذا من شأنه «أن يمكن الشعب السوري من الحصول على جزء من ثرواته التي اغتصبها النظام طوال عقود، وتمويل جزء من حاجاته الملحة والسماح للحكومة السورية المؤقتة بالقيام بواجباتها تجاه المواطنين السوريين في المناطق المحررة وحيثما وجدوا».