تشدد مغربي يستبق مشاورات مجلس الأمن بشأن توسيع مهام «مينورسو» في الصحراء

فرنسا وإسبانيا ستقترحان «حلا وسطا» يقرب بين مواقف واشنطن والرباط

TT

أعلنت الحكومة المغربية أن مشروع قرار توسيع مهمة البعثة الأممية في الصحراء (مينورسو) ليشمل مراقبة حقوق الإنسان غير قابل للتطبيق، لأنه يساوي بين دولة ذات سيادة و«منظمة إرهابية»، في إشارة إلى جبهة البوليساريو، مشددة على أن الأمر يعد «خطا أحمر لا يمكن التفاوض بشأنه».

وتقول الرباط إن الفصل السادس الذي تعتمد عليه الأمم المتحدة لتسوية النزاع ينص على ضرورة «التوافق» لتعديل مهام «مينورسو». ويستبق الموقف المغربي مشاورات ستبدأ في مجلس الأمن ابتداء من اليوم (الاثنين) حول مسودة قرار قدمته الولايات المتحدة يقترح توسيع مهام «مينورسو» في المنطقة لمراقبة حقوق الإنسان عبر آلية خاصة، ويفترض أن يصوت المجلس على قرار بشأن مهام «مينورسو» قبل يوم 28 من الشهر الحالي. وأفادت معلومات يعتد بها بأن كلا من فرنسا وإسبانيا أبلغت واشنطن رفضها فكرة توسيع مهام «مينورسو»، وقدمت مدريد اقتراحا بتكليف المفوضية الأممية العليا للاجئين بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء.

وبموازاة موقف الرباط الرافض، أعلنت فرنسا، الحليف الرئيس للمغرب، أنها لن تعرقل الاقتراح الأميركي (استعمال الفيتو) لكنها ستقترح تعديله، واعتبر ذلك «حلا وسطا» للأمر. وفي غضون ذلك، يواصل وفد مغربي رفيع المستوى جولة في عواصم الدول دائمة العضوية، ويتوقع أن يصل الوفد في وقت لاحق إلى باريس قبل أن يتوجه إلى واشنطن. وكانت الخارجية الأميركية أكدت أنها قدمت مشروع قرار حول مراقبة حقوق الإنسان في المنطقة، وأثارت المبادرة الأميركية استياء بالغا في الرباط، مما أدخل العلاقات المغربية - الأميركية منعطفا غير مسبوق.

وفي الرباط، أبلغ يوسف العمراني، الوزير في وزارة الخارجية، البرلمان بأن بلاده «ستواصل معارضة المبادرات التي من شأنها المس بالجهود الرامية إلى الوصول إلى حل سياسي لنزاع الصحراء». وقال العمراني أمام اجتماع مشترك للجنتي الخارجية والدفاع بمجلسي النواب والمستشارين إنه بعد تقديم كي مون تقريره بيومين فوجئ المغرب بوجود مشروع اقتراح حول الصحراء دون مشاورات مع بلاده (عرضته واشنطن على أعضاء في المجلس) ينص على إنشاء آلية دولية من قبل مجلس الأمن لمراقبة حقوق الإنسان في المنطقة. وأضاف أن المغرب عبر بشكل قاطع ونهائي عن رفضه المطلق لإنشاء أي آلية كيفما كانت طبيعتها وشكلها ومهمتها، لأن ذلك يتعارض مع المهمة الأساسية لبعثة «مينورسو» وهي حفظ السلام. يشار إلى أن المغرب عضو غير دائم العضوية في مجلس الأمن.

وقدم المسؤول المغربي توضيحات بشأن التحفظات التي أثارتها التوصية، وقال إن «التوصية غير مبررة لأنه لا شيء على أرض الواقع يتطلب اقتراحا من هذا القبيل، إذ لا وجود لانتهاكات ممنهجة ولا تجاوزات كبيرة في الصحراء تبرر إنشاء آلية دولية لمراقبة حقوق الإنسان» على حد قوله.

من جانبهم، حذر برلمانيون من المعارضة والأغلبية أن يكون مشروع توصية إنشاء آلية دولية لمراقبة حقوق الإنسان مقدمة لتقسيم المنطقة مثلما حدث في تيمور الشرقية. يشار إلى أن مصدرا في الخارجية الأميركية كان قد قال لـ«الشرق الأوسط» ردا على أسئلة مكتوبة إن مشاورات ستجرى بين أعضاء مجلس الأمن قبل مناقشة مشروع القرار والتصويت عليه الأسبوع المقبل. وقال المصدر «نحن نعمل بحيوية لتقييم مهمة بعثة الأمم المتحدة المكلفة بتنظيم الاستفتاء في الصحراء (مينورسو). وتعمل الولايات المتحدة بشكل وثيق مع شركائها في مجلس الأمن حول هذه المسألة». وزاد المصدر قائلا «نحن ما زلنا ندعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة والرامية إلى تحقيق حل سلمي ودائم ومتفق عليه بين جميع أطراف النزاع، مع احترام حقوق الإنسان لجميع الأشخاص». ومضى المصدر يقول «نحن ندعم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالصحراء (كريستوفر روس)، ونشجع جميع الأطراف للاستمرار في جهودها للدفع قدما بهذا المسلسل من أجل تحقيق حل فعلي. كما أننا نتطلع إلى محادثات بناءة بين المغرب والجزائر، وتعزيز تعاونهما الثنائي حول هذه المسألة (مشكلة الصحراء)».

وفي باريس، أعلنت الخارجية الفرنسية أنها ستطلب تعديل الاقتراح الأميركي بشأن توسيع مهام «مينورسو» قبل أن تقرر في أي اتجاه ستصوت. ولمحت فرنسا إلى أن التعديل يجب أن يحظى بقبول الرباط.

يذكر أن واشنطن عرضت اقتراحها على مجموعة يطلق عليها «أصدقاء الصحراء»، وتضم أميركا وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا وروسيا. وأبلغ فيليب لاليوت، المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، المراسلين بأن بلاده تؤيد مشروع الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب لتسوية نزاع الصحراء، مشيرا إلى أن موقف فرنسا لم يتغير.