الصدر وعلاوي يحملان الحكومة مسؤولية عزوف العراقيين عن الانتخابات المحلية

بغداد الأقل إقبالا وصلاح الدين الأكثر.. والقوائم الكبيرة تستبق النتائج بإعلان تقدمها

موظفو المفوضية العليا للانتخابات العراقية يعدون الأصوات الانتخابية في مركز لتحليل البيانات الانتخابية في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

لم يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر نتائج الانتخابات المحلية في العراق أول من أمس، التي سبقتها حملة دعائية ربما تكون الأضخم في تاريخ التحول الديمقراطي في العراق، فضلا عن كونها الأكثر تقديما للضحايا من بين المرشحين (14 قتيلا جميعهم من قوائم سنية).

المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اكتفت أمس بإعلان نسب المشاركة في هذه الانتخابات التي تبلغ 51 في المائة قابلة للزيادة كنسبة كلية بعد إجراء انتخابات محافظتي الأنبار ونينوى في الثامن عشر من الشهر المقبل، لكن الكيانات السياسية الكبيرة بدأت باستباق النتائج الرسمية التي ربما تتأخر ليومين آخرين بالإعلان عن تحقيقها تقدما في الكثير من المحافظات، وبالذات «كتلة المواطن» التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، وائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي، علما بأن هذا الائتلاف دخل تحالفا انتخابيا مع كل من منظمة بدر بزعامة هادي العامري، وحزب الفضيلة بزعامة رجل الدين محمد اليعقوبي، وتيار الإصلاح الوطني بزعامة إبراهيم الجعفري.

ومع إقرار النسبة الكلية للمشاركة في الانتخابات، وفي إطار ما تم الإعلان عنه، فإن الإقبال الأكبر على الانتخابات كان في محافظة صلاح الدين (61 في المائة) والأضعف في بغداد (33 في المائة). وبينما اكتفى رئيس الوزراء بشكر المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني لحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات، فإن زعيمي التيار الصدري مقتدى الصدر وائتلاف العراقية إياد علاوي حملا الحكومة مسؤولية عزوف المواطنين عن المشاركة؛ بسبب إجراءات حظر التجوال في الكثير من المحافظات التي كانت أكثرها قساوة العاصمة بغداد.

وقال الصدر في بيان له: «نقف مرة أخرى أمام تقصير آخر للحكومة العراقية بصورة جلية وواضحة، ونقف مرة أخرى أمام نتائج الفساد والإرهاب المستشري في بلدنا الحبيب، فقد عزف الكثيرون عن الانتخابات والإدلاء بأصواتهم»، عازيا السبب إلى «عدة أمور، منها عدم كبح جماح الإرهاب من قبل الحكومة، وعدم وضع آليات سلسة للاقتراع والانتخابات، وحظر التجوال الذي أدى إلى قلة الناخبين».

وأضاف الصدر أن «من ضمن الأسباب أيضا تراكم الفساد، واللامبالاة، وحصد أموال الشعب، واللعب على الذقون، والاستهتار بمقدرات العراق من قبل السابقين، مما أدى إلى النفور عن الانتخابات، وسيطرة بعض الأحزاب، وإقصاء الشخصيات الفذة والكفاءات من الترشيح وخدمة المواطن، مما أدى إلى النفور، وكذلك عدم تجديد سجلات الناخبين أدى لعدم مشاركتهم إجبارا واضطرارا».

أما علاوي فقد أكد في بيان أن «أكثر من 50 في المائة من العراقيين لم يمارسوا حقهم الدستوري في الانتخاب لظروف قاهرة كان لسياسة الحكومة الحالية التأثير الأكبر فيها»، مبينا أن «هناك خروقا كثيرة سجلها العراقيون والمراقبون ولوح بها الإعلام المستقل وتدعو للقلق». وأضاف أن «الإقبال الضعيف على الانتخابات وضعف الرقابة المستقلة على المراكز الانتخابية وتكرار المشكلة المتعلقة بسجل الناخبين لمن حرموا من الاقتراع الخاص، وحتى سجل الناخبين المتعلق بعامة الشعب، وغياب الأسماء وعدم تدقيقها بالشكل الصحيح، يجعلنا ندرك جيدا أن هناك من لا يعي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه بحكم مركزه الوظيفي». واتهم القوات الأمنية بـ«ممارسة دور غير مقبول من خلال قيامها بالتدخل وترهيب المواطنين أو الترويج لصالح كتل معينة»، مؤكدا أن «فرض الحظر في عموم المحافظات أثر سلبا على نسبة المشاركة بالانتخابات، وتعذر على الناخبين الوصول إلى مراكز الاقتراع».

من جهته، قال عضو البرلمان العراقي عن قائمة «متحدون» حميد الزوبعي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «العزوف الجماهيري عن المشاركة في الانتخابات يعود في الجانب الأكبر منه إلى التضييق الذي مارسته الأجهزة الأمنية والقوات العسكرية، سواء من خلال حظر التجوال أو في إطار دورها السلبي الذي تمثل في عدم مساعدة الناس في مناطق معينة، وهي مناطق غرب وجنوب غربي بغداد»، مشيرا إلى أن «الشكاوى بدأت تصلنا في وقت مبكر عن عمليات المنع والمضايقات، وقمنا بمناشدة القيادات العسكرية والسياسية لعمل شيء ولكن دون جدوى».

وأشار الزوبعي إلى أن «هناك قوات أمنية تدخلت حتى في عمل المفوضية، وهو ما يجعلنا نخشى على ما يسمونه الديمقراطية في العراق». وأكد أن «الناس بدأت تقبل في وقت متأخر عندما تم رفع الحظر، وبالتالي كان المفروض أن تمدد المفوضية الاقتراع لساعة على الأقل، ولكنها لم تفعل ذلك وكأنها كانت مأمورة أن لا تمدد».

بدوره، أكد رئيس ائتلاف إرادة الأهالي غسان العطية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المسألة المهمة التي كان يجب أن يتم الالتفات إليها، هي أن الطرف الذي يملك زمام السلطة الآن، وهو المكون الشيعي طبقا للتسميات الدارجة الآن، عليه أن لا يسقط خيار صندوق الانتخاب من أيدي الآخرين؛ لأن هؤلاء الآخرين سيتحولون إلى صندوق رصاص»، مشيرا إلى أن «الخطر الأكبر على الديمقراطية هو عندما يفقد الشعب ثقته بصندوق الاقتراع؛ لأن البديل سيكون السلاح، وهو أمر في غاية الخطورة». واعتبر العطية أن «المؤشرات الأولية لم تتضح بعد، ولكن ما يجب التأكيد عليه أن الأحزاب الحاكمة، وبسبب إغراء السلطة، تعاملت مع الانتخابات وكأنها معركة سياسية، وهو أمر يدل على قصر نظر كبير».

من جهة أخرى، نقلت مصادر غير رسمية النتائج الأولية لانتخابات مجالس المحافظات في المناطق المتنازع عليها، وتشير إلى تقدم القائمة الكردية المشتركة (تحالف التآخي والتعايش) المكونة من جميع أحزاب السلطة والمعارضة في إقليم كردستان.

وحسب مصادر إعلامية كردية، أظهرت النتائج في خانقين حصول مرشحي الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني على 12.150 صوتا مقابل 6.200 للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني، و1750 صوتا لحركة التغيير المعارضة، و1640 صوتا للاتحاد الإسلامي. وفي ناحية جلولاء حصل مرشح الاتحاد الوطني كريم علي محمد على الأغلبية بواقع 1335 صوتا، مقابل حصول مرشحي الديمقراطي الكردستاني أمل عمران على 369 صوتا، وآزاد علي شفي على 295 صوتا. أما في مناطق شهربان والسعدية وجبارة وقره تبه ومندلي، فإن الأرقام الأولية تشير أيضا إلى تقدم مرشحي القائمة الكردية هناك.