مقتل جندي سلام دولي في دارفور.. وواشنطن قلقة من تصاعد التدهور الأمني

مفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية في أديس أبابا الثلاثاء

TT

في وقت أكدت فيه البعثة المشتركة من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لحفظ السلام أن مسلحين مجهولين أطلقوا الرصاص وقتلوا أحد أفرادها في الجزء الشرقي من منطقة دارفور، عبرت الولايات المتحدة عن قلقها لتدهور الأوضاع الأمنية في الإقليم السوداني المضرب، وجددت دعوتها لنزع سلاح الميليشيات فيه، وبذل الجهود لضم الحركات غير الموقعة على وثيقة سلام الدوحة لوقف إطلاق النار في دارفور.

وأبدى القائم بالأعمال بسفارة الولايات المتحدة في الخرطوم قلق بلاده مما سماه «التدهور الأمني» المتصاعد في دارفور، وقال جوزيف استانفورد في مؤتمر صحافي أمس إن حكومة بلاده قلقة جراء التدهور الأمني واستهداف المدنيين، وأدان بشدة الهجوم على بعثة حفظ السلام المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يونميد) الذي أدى إلى مقتل أحد أفرادها وجرح اثنين بمنطقة مهاجرية أول من أمس، السبت. وندد بما سماه استهداف المدنيين من قبل الميليشيات بمنطقتي مهاجرية ولبدو، وطلب من حكومة الخرطوم وحكومة إقليم دارفور إجراء تحقيقات شاملة وموثوقة حول الهجمات التي تتعرض لها بعثة «يونميد»، ومحاسبة المسؤولين عنها.

وكان استانفورد قد زار إقليم دارفور والتقى المسؤولين الأسبوع الماضي. ودعا أطراف النزاع للالتزام بـ«القانون الدولي الإنساني»، وطلب من الخرطوم السماح لبعثة «يونميد» والمنظمات الإنسانية فورا ودون عرقلة بالوصول إلى جميع المناطق في دارفور، لا سيما مهاجرية، وفقا لوثيقة الدوحة للسلام.

وجدد استانفورد استمرار دعم الولايات المتحدة لوثيقة الدوحة باعتبارها آلية لحل النزاع في الإقليم، وأضاف: «البطء يلازم إنفاذ الوثيقة، وإنزال بنودها إلى أرض الواقع، لذا فإن أهل الإقليم لم يروا الوثيقة»، ودعا أطراف الاتفاق لتسريع إنفاذ الوثيقة، وصرف التعويضات، وتقويه نظام الإدارة الأهلية، والسلطة الإقليمية.

واعتبر مؤتمر المانحين الذي انعقد في الدوحة الشهر الماضي لإعمار دارفور «خطوة إيجابية لو توفرت الإرادة المخلصة»، واصفا جهود الولايات المتحدة بشأن القضية بأنها مناسبة مع تطور الأوضاع في الإقليم. ودافع استانفورد عن فكرة اقتصار الدعم الأميركي على برنامج الغذاء العالمي دون المنظمات الأخرى بأنه القناة المناسبة لإيصال الدعم بنجاح إلى الجهات المعنية، مؤكدا توفر النية لاستمرار الحوار بين واشنطن والخرطوم على مختلف المستويات، بغض النظر عن تحديات العلاقة بين البلدين، ووجود رغبة أكيدة لتقويته.

يذكر أن حركة تحرير السودان الدارفورية (جناح مني) سيطرت على منطقتي مهاجرية ولبدو بولاية شرق دارفور بداية الشهر الحالي، واستردتها القوات الحكومية الخميس الماضي بعد معارك عنيفة أدت إلى مقتل وجرح مدنيين وإلى نزوح 18 ألفا حسب تصريحات بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بداية الأسبوع الحالي.

من جهتها قالت البعثة المشتركة من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لحفظ السلام إن مسلحين مجهولين أطلقوا الرصاص وقتلوا أحد أفرادها في الجزء الشرقي من منطقة دارفور في السودان. وقال متحدث باسم البعثة إنه بذلك يصل إجمالي عدد أفراد البعثة الذين قتلوا في دارفور إلى 44 منذ عام 2007. ورغم وجود أكبر بعثة لحفظ السلام في العالم في دارفور استمرت المعارك بين جيش السودان والمتمردين منذ ذلك الحين إلى جانب اشتباكات بين القبائل والعصابات. وقالت البعثة إن أحد أفرادها قتل بالرصاص في ساعة مبكرة من صباح أول من أمس قرب مهاجرية في ولاية شرق دارفور. وذكرت في بيان أن اثنين آخرين أصيبا ولكن امتنعت عن ذكر جنسية الضحايا. وأضافت البعثة أنها تجري تحقيقا في الواقعة بالتعاون مع الحكومة السودانية. وفي ديسمبر (كانون الأول) قتل أحد أفراد البعثة ثلاثة من زملائه قبل أن يقتل نفسه في دارفور.

إلى ذلك، تبدأ غدا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية في الشمال اللتين تخوضان حربا منذ عامين في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان راح ضحيتها المئات، وتشرد الآلاف إلى دولتي جنوب السودان وإثيوبيا. وقال الدكتور إبراهيم غندور رئيس وفد الحكومة السودانية في المفاوضات في تصريحات صحافية إن المحادثات بين وفده والحركة الشعبية قطاع الشمال ستبدأ غدا الثلاثاء في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا تحت رعاية الآلية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي برئاسة ثابو مبيكي رئيس جنوب أفريقيا السابق، وأضاف أن التفاوض سيكون محصورا حول منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، نافيا وجود أي اتجاه لتأجيل المحادثات. وقال إن وفده لم يصل إليه من الاتحاد الأفريقي ما يفيد بأن المفاوضات قد تم تأجيلها.

من جهته قال المتحدث الرسمي باسم الحركة الشعبية في شمال السودان ارنو لودي لـ«الشرق الأوسط» إن حركته تتمسك بأن يكون التفاوض وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2046، الذي صدر في التاسع والعشرين من أبريل (نيسان) من العام الماضي، وكذلك الاتفاق الإطاري الذي وقعه مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع مع رئيس الحركة مالك عقار في يونيو (حزيران) من عام 2011، مجددا موقف الحركة الشعبية بأنها مستعدة لوقف العدائيات لأغراض إنسانية حتى يتم تمرير المساعدات إلى المحتاجين من النازحين في ولايتي النيل الأزرق وجبال النوبة. وقال إن الحكومة ما زالت تمارس عمليات القصف الجوي على المدنيين وأنها قصفت أول من أمس قرى في ولاية النيل الأزرق أدت إلى مقتل 3 أشخاص، وأضاف: «هدف الحكومة من عملياتها الحربية منع المواطنين في مناطق الحركة من الحصول على أي مساعدات إنسانية ومنعهم أيضا من أي نشاط زراعي يؤمن لقمة عيشهم».

وكانت الحكومة السودانية والحركة الشعبية في الشمال قد فشلتا في الاتفاق على بدء المفاوضات بينهما بعد محاولات كثيرة من قبل الاتحاد الأفريقي.

إلى ذلك، تعقد اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين السودان وجنوب السودان، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اليوم، اجتماعا فوق العادة، دعت له الآلية الأفريقية الرفيعة برئاسة ثابو مبيكي تمهيدا لاجتماع اللجنة مع الآلية يوم غد الثلاثاء، ويتوقع أن يقدم السودان مقترحا إلى دولة جنوب السودان لفتح المعابر بين البلدين، وسيستمع الاجتماع إلى قائد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في منطقة أبيي، التي أوكل إليها الإشراف على مراقبة الحدود، وسيقدم تقريره حول عملية انسحاب جيشي البلدين والمنطقة المنزوعة السلاح.