محمد البرغثي: أعداء ليبيا يعرقلون بناء الجيش.. وعهد الانقلابات العسكرية انتهى

وزير الدفاع الليبي أكد لـ «الشرق الأوسط»: أن المنقوش باق في منصبه رئيسا لهيئة الأركان

وزير الدفاع الليبي محمد البرغثي
TT

قال وزير الدفاع الليبي محمد البرغثي إن عهد الانقلابات العسكرية في ليبيا قد انتهى، نافيا أي اتجاه لإقالة اللواء يوسف المنقوش رئيس أركان الجيش الليبي، من منصبه. واعتبر البرغثي، في حواره مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة الليبية، طرابلس، أن الحديث عن إقالة المنقوش غير صحيح، وليس واردا، مشيدا بالدور الذي يلعبه المنقوش لمصلحة الوطن والجيش.

وقال إن من وصفهم بأعداء ليبيا في الداخل والخارج هم من يعرقلون مساعي الحكومة الليبية الانتقالية، برئاسة الدكتور علي زيدان، لبناء جيش وطني قوي، مشيرا إلى أنه تم تشكيل لجنة للنزاهة وإصلاح الجيش بهدف التخلص من القيادات التي لا تعمل لصالح الجيش.

وكشف البرغثي عن اتجاه بلاده لبناء جيش محترف صغير العدد ومسلح بشكل فعال لسيطرة على الحدود مترامية الأطراف في البلاد، لكنه أكد في المقابل عدم رضاه شخصيا عن الميزانية المخصصة للجيش هذا العام.

وقال البرغثي إن الظروف الحالية التي تمر بها ليبيا حتمت منح الأولوية لصالح المواطن، عبر بناء البيوت التي تهدمت خلال حرب التحرير، ودفع تكاليف علاج الجرحى في الخارج. وهذا نص الحوار:

* ما حقيقة ما تردد عن إقالة اللواء يوسف المنقوش من منصبه رئيسا للأركان؟

- هذا الخبر عارٍ تماما عن الصحة.

* لكن جمعة السائح رئيس لجنة الدفاع بالمؤتمر الوطني أعلنه لقناة محلية؟

- هذا الكلام يُسأل فيه الشخص الذي أدلى به، لكن هذا الكلام غير صحيح وغير وارد وغير موجود.

* لكن يبدو أن هناك تململا لدى بعض الضباط في الجيش من وجود المنقوش؟

- بالنسبة للواء المنقوش؛ فأداؤه جيد جدا بالنسبة لي كوزير للدفاع، وأرى أن هذه المحاولات هي محاولات فردية وشخصية أو عداء شخصي أو شيء من هذا القبيل، لكن ليس من مصلحة الجيش أو مصلحة الوطن.

* خلافا لما كان الأمر عليه مع وزير الدفاع السابق؛ هل علاقتك مع المنقوش على ما يرام وليس هناك أي خلاف؟

- بالنسبة للواء المنقوش لم أكن أعرفه شخصيا، وعرفته بعد تقلدي لمنصبي، وأداؤه في الفترة الماضية كان جيدا؛ فهو ضابط قدير وكفء ووطني لا ينتمي إلى أي جهة أو أي طائفة، كما أنه هو مستقل في أفكاره ويعمل لمصلحة بناء الجيش والوطن.

* إلى أين وصلت جهودكم لبناء الجيش؟

- نحن جاهزون لبناء الجيش على أسس سليمة وصحيحة، لكن هناك أعداء لليبيا في الداخل من النظام السابق ما زالت لهم نشاطات في زعزعة الوضع الداخلي والتأثير على بعض القيادات، ونحن اتخذنا إجراءات للتخلص من بعض منها، فقد قمنا بإنشاء هيئة تسمى «النزاهة وإصلاح الجيش»، وبالتالي كل القيادات التي تعرقل بناء الجيش ستزاح عن الساحة.

* سيخرج إذن المئات من الضباط والقيادات؟

- ليس المئات، ولكن ستخرج بعض القيادات المعرقلة.

* في رأيك مَن مصلحته عرقلة الجيش؟

- هؤلاء الأشخاص عرقلتهم تأتي من تأثيرات داخلية وخارجية، أحيانا نزاعات قبلية جهوية، وأحيانا تابعة لجهات أخرى تعمل من الخارج في اتجاهات لا تراعى فيها مصلحة بناء الجيش في ليبيا.

* هل تميل إلى بناء جيش صغير؟ وهل حسمت الأمر مع الأمم المتحدة؟

- بكل تأكيد استعنا بعدة خبرات من دول مختلفة، منها كندا وأستراليا والهند وباكستان والأردن، وبالدرجة الأولى مصر؛ فرئيس أركان الجيش المصري كان يزورنا في طرابلس مؤخرا برفقة بعض قيادات الجيش المصري، وفي الحقيقة مصر فتحت الأبواب أمام التدريب الممتاز وتبادل الخبرات في هذا المجال، ونحن نمضي بخطوات ممتازة.

وكذلك لدينا اعتبار خاص للهيكلية والورقة البيضاء التي قدمت إلى الأمم المتحدة باعتبار أننا نسعى لبناء جيش يتناسب تعداده مع تعداد السكان، على الرغم من سعة الخريطة الليبية والأرض، لكن بطرق تؤدي إلى تكوين تشكيلات في مستوى صغير في حجمها، لكن ستكون مجحفلة ومزودة بأسلحة خاصة، ويستخدم فيها الطيران بصفة خاصة.

* هل تعاني من قرارات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بمنع تصدير الأسلحة إلى بلادكم؟

- البند السابع لا يزال موجودا، وتم تمديده لعام، مؤخرا، لكن هذا لا يمنع، كما وعدت بعض الدول، باتخاذ استثناءات خاصة بتزويدنا بهذه الأسلحة للسيطرة على حدودنا ومنع الهجرة غير الشرعية والتهريب.. إلى آخره، لكن السلاح الفعال، الذي نصبو إليه بمجرد السيطرة على كامل التراب الليبي من ناحية منع الميليشيات والتكوينات التي تعتبر متطرفة نوعا ما، سيعطي لنا بالتأكيد الفرصة لاقتناص سلاح متقدم، ونحن ننتظر بعد انتهاء العام الذي تم تمديده لأن تكون ليبيا قادرة على استيراد الأسلحة، خاصة من الدول التي تساعدها في هذا الإطار.

* ما زالت هناك ميليشيات خارج سيطرتكم؛ هل يعرقل بعض الثوار بناء الجيش؟

- طبعا ليس هناك شك، لكن هؤلاء لا نستطيع أن نطلق عليهم لقب «ثوار» على الإطلاق، لأن الثوار حقيقة معنا قلبا وقالبا، دخلوا الجيش بأعداد جيدة وممتازة، وتخرج عدد فيهم مؤخرا، وأوفدنا المئات في دورات لدول خارجية وعربية، الثوار متعاونون معنا إلى أبعد حدود، وحتى لدينا تشكيلات لغير عسكريين مدربين جيدا وشاركوا في معارك التحرير، وهم الآن تحت مظلة الجيش وسيلتحقون بالجيش ويُدربون.

لكن هناك أشخاصا لا علاقة لهم بالثوار على الإطلاق، فلدينا عصابات خرجت من السجون، ولدينا أطراف أخرى مناوئة لبناء الدولة والحكومة، والآن نحن بصدد تعقبهم والسيطرة على الأماكن التي يوجدون بها وتجريدهم من سلاحهم.

* هل خطوات بناء الجيش سارية على الرغم من المعوقات التي يمثلها هؤلاء؟

- طبعا، بكل تأكيد، فنحن قفزنا قفزة جيدة جدا، ومسيطرون سيطرة كلية على البلاد، وليست لدينا مشكلات على الإطلاق؛ سواء مع الجيران أو في الداخل، من وقت لآخر هذه الزمر التي نتحدث عنها تفاجئنا ببعض التهجمات على معسكراتنا أو معسكرات الشرطة، لكن فشلت كل هذه المحاولات، واستطعنا حتى اعتقال مجموعات كبيرة منهم، وهم الآن في السجن.

* ما المهمة الأولى التي اعتزمتها كوزير للدفاع؟

- هي بناء جيش محترف، مثل بقية جيوش العالم، وليس كما كان الجيش في ظل النظام السابق، الذي كان في حقيقته ضحك على الذقون، كما يقولون، عبر ما يسمى «جيش الشعب المسلح»، والكيفية التي نراها هي بناء جيش مدرب بشكل جيد ومسلح بسلاح حديث، والعقيدة الأولى الخاصة به هي حبه للوطن واحترامه للدستور واحترامه السلطة المدنية المتمثلة في الحكومة والمؤتمر الوطني، وبسط الديمقراطية، وما نطمح إليه هو بناء جيش مهمته الأولى هي الدفاع عن أرض الوطن واحترام السلطة المدنية التي هي سلطة الشعب.

* هل يعني ذلك انتهاء عهد الانقلابات العسكرية في ليبيا؟

- إن شاء الله تعالى، بكل تأكيد، الآن لا مجال للتفكير في خلق دولة يحكمها ديكتاتور.

* ما رسالتك للمواطن الليبي في هذه المرحلة؟

- أن يعتز بثورة 17 فبراير (شباط)، وأن يعمل من أجل بناء الوطن، وأن ينعم بخيرات الوطن والبلاد في ظل الحرية والديمقراطية.

* حضرت مؤخرا اجتماعا للحكومة؛ ماذا ناقشتم فيما يخص الجيش؟

- تحدثنا في واجبات الحاكم العسكري في الجنوب، وعن إعطائه المزيد من الميزانيات للسيطرة على الحدود، وبالذات الهجرة غير الشرعية والتهريب.

* ما الخطوات التي اتخذتموها لمنع عمليات تهريب السلاح؟

- طبعا، الآن هناك دوريات استطلاع بواسطة السيارات، وأخرى بواسطة الطائرات، لا يوجد هناك تهريب فيما يخص السلاح، هذا أمر مؤكد، ربما كان ذلك في المدة الماضية، لكن تمت السيطرة عليها كلية، سواء من جانبنا أو من جانب الدول المجاورة والصديقة مثل الشقيقة الجزائر، كانت هناك بعض العصابات تستغل الفراغ الأمني والعسكري لتهريب السلاح، لكن الآن ولله الحمد قضينا عليها ونسيطر عليها تماما.

* كيف ترى الجدل حول تصريحات منسوبة لرئيس الحكومة عن الاستعانة بقوات أجنبية لفرض الأمن؟

- في الواقع هذا الكلام فُهِم خطأ، وتم التعامل معه بطريقة خاطئة، هو لم يقل هذا صراحة، نحن نؤكد لكل العالم أنه لا يوجد على الأرض الليبية أي وجود عسكري أجنبي على الإطلاق، كل العسكريين الذين لدينا هم موظفون في السفارات كملحقين عسكريين، لكن ليس لدينا تجمع عسكري أجنبي على الإطلاق، نحن يمكن أن نستعين في المستقبل بجلب بعض العناصر ذات الأعداد المحدودة جدا جدا، بهدف التدريب الراقي من الدول الصديقة، وعلى رأسها مصر.

* ما العلاقة الآن مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)؟

- نحن وعدنا منذ ثورة 17 فبراير بأننا سنتعاون مع الدول التي وقفت معنا خلال حرب التحرير، بحيث إنها تأخذ الأولوية فيما يخص استيراد الأسلحة والتعاون العسكري، هذا وعد وعدناه للدول التي ساهمت معنا في تلك الحرب، ونحن سنفي بوعدنا.

* هل أنت راض عن ميزانية بناء الجيش؟

- لا، الميزانية المخصصة لبناء الجيش لست راضيا عنها بكل تأكيد، لأنها لا تمثل الاحتياجات التي نحتاجها الآن، وفي ظروفنا الحالية، لكن هناك مشاريع أخرى قد تكون في الأهمية ذاتها، مثل بناء بيوت للمواطنين التي هدمت خلال حرب التحرير في مدن مثل مصراتة وأجدابيا، وهناك أولويات نتيجة لحرب التحرير، فهناك أسبقية فيما يخص مصلحة المواطن طبعا، وأيضا الشيء نفسه بالنسبة لما يتم الآن من دفع أموال للجرحى وعلاجهم في الخارج، وكلها تتطلب ميزانيات كبيرة ربما أثرت في تحديد الميزانية المخصصة لوزارة الدفاع هذه السنة.

* البرغثي في سطور:

* يبلغ من العمر 71 عاما، وتقول سيرته الذاتية الرسمية إنه خريج الدفعة الرابعة بالكلية العسكرية الملكية عام 1962، كما حصل على شهادة الأكاديمية الجوية الأميركية عام 1965.

عمل طيارا مقاتلا وملحقا عسكريا وآمرا لركن الدفاع الجوي، واستقال من الخدمة العسكرية سنة 1994. كان من أوائل الموجودين بمطار بنينة في أول أيام ثورة 17 فبراير. وهو أب وجد ولديه 10 أبناء؛ 3 ذكور و7 بنات.