هيغل يراقب المعارك في سوريا من مقاتلة إسرائيلية فوق الجولان

يعلون: إيران أخطر على العالم من كوريا الشمالية

وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل يستمع إلى نظيره الإسرائيلي موشيه يعلون خلال جولة لهما في طائرة عسكرية فوق الجولان المحتل أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، أن إيران تعتبر أخطر دولة على السلام الإقليمي والعالمي وأشد خطرا من كوريا الشمالية، لأنها تفعل أذرعا عسكرية لها في معظم دول العالم. ولكنه اقترب من الموقف الأميركي، إذ قال إنه يؤيد استمرار وتفضيل الجهود الدبلوماسية لثني إيران عن مشروعها للتسلح النووي وترك الضربة العسكري كآخر خيار.

وجاءت هذه التصريحات، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقد في مقر وزارته في تل أبيب أمس، إثر المحادثات مع وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل، حيث أعلن أنه أبرم اتفاق تبيع الولايات المتحدة بموجبه إسرائيل أسلحة متطورة جدا، تتضمن صواريخ وأنظمة رادار وطائرات تزود بالوقود وطائرات «في 22» التي أكد هيغل أن بلاده لم يسبق أن منحتها لأية دولة خارج الحدود الأميركية. وقال يعلون إن هذه الأسلحة تضمن التفوق الجوي الإسرائيلي للجيل القادم، وتوفر لسلاح الجو الإسرائيلي ذراعا ضاربة بعيدة المدى. وأضاف أن إسرائيل والولايات المتحدة تواجهان تحديات مشتركة تقف إيران على رأسها. وبحسبه فإن إيران «لا تشكل خطرا على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط فحسب، وإنما على العالم بأسره، فإذا كان العالم يخشى اليوم من كوريا الشمالية، وبحق، بسبب عربدتها العسكرية وتهديداتها لشقيقتها كورية الجنوبية، فإن إيران تهدد معظم دول العالم وتعتدي على كل جيرانها وتقوم بتشغيل مقاولين تحولوا إلى أذرع لها، مثل حركة حماس وغيرها في قطاع غزة وحزب الله في لبنان والنظام السوري، وتتدخل بشكل مباشر في الشؤون الداخلية في العراق وأفغانستان والسودان واليمن، وفوق كل هذا تطور أسلحة نووية».

وتابع يعلون أن الحوار حول طرق مواجهة هذه التحديات لا يزال يتواصل مع الحلفاء الأميركيين، لكنه استخدم نفس كلمات نظيره الأميركي، فقال إن «إسرائيل تفضل الحل الدبلوماسي، ولكن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وفق ما صرح به الرئيس الأميركي باراك أوباما»، على حد تعبيره. وردا على سؤال بشأن تصريحات سابقة له ضد الهجوم العسكري على إيران، قال هيغل إنه أيد دوما إبقاء كل الخيارات على الطاولة بكل ما يتصل بإيران، مشيرا إلى أنه يتبنى موقف الرئيس الأميركي الذي يقضي بعدم السماح لإيران بتطوير أسلحة نووية. وأكد هيغل أن العقوبات ضد إيران فعالة جدا وبدأت تترك آثارها، ووعد بتشديدها أكثر وأكثر.

وحول الجدول الزمني المتوقع لإنجاز القنبلة النووية الإيرانية، وعن الخلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة بهذا الشأن، تجنب يعلون الإجابة المباشرة وقال إن توجه إسرائيل واضح، فبطريقة أو بأخرى يجب وقف البرنامج النووي العسكري الإيراني، وإن الخيار العسكري هو الخيار الأخير، وإن هناك أدوات أخرى يجب استنفادها أولا مثل العقوبات الاقتصادية ودعم المعارضة الإيرانية. وأضاف أنه دون إبقاء الخيار العسكري تهديدا واضحا وصارما فإن النظام الإيراني لن يقتنع بوقف البرنامج النووي.

واعترف يعلون لأول مرة بشكل رسمي بأن الجيش الإسرائيلي هو الذي قصف بغارة جوية في سوريا في يناير (كانون الثاني) الماضي على قافلة أسلحة متجهة نحو لبنان، موضحا أن إسرائيل «تحركت» لمنع وصول أسلحة متطورة إلى أيدي حزب الله أو عناصر مارقة أخرى. وعقب نظيره الأميركي، هيغل، على ذلك قائلا إن بلاده ستدعم إسرائيل عسكريا كي تستطيع مواجهة أخطار المرحلة القادمة. وأضاف هيغل: «إسرائيل تمتلك قدرات عسكرية كبيرة ولديها ذراع جوية طويلة، وسنقدم لها الدعم العسكري كما وعد الرئيس أثناء زيارته إسرائيل، مؤكدا التعاون العسكري بين الجانبين، الذي يمر بمرحلة متطورة لم تشهدها هذه العلاقات سابقا».

وبعد اللقاء المطول بينهما، أخذ يعلون ضيفه الأميركي في جولة بطائرة هليكوبتر حربية فوق سماء إسرائيل والمناطق التي تحتلها منذ عام 1967، فأطلعه على المعارك الدائرة في الجولان بين جيش النظام السوري والمعارضة، مبينا «كم هي إسرائيل بحاجة إلى الجولان لحماية نفسها». ثم أطلعه على أوضاع الجنوب اللبناني، ثم أخذه إلى منطقة الضفة الغربية مظهرا له «كم هي إسرائيل صغيرة وكم هو صعب الدفاع عن أمنها من حدود ما قبل 1967»، وبذلك حاول تبرير سبب إصرار إسرائيل على الاحتفاظ بقوات عسكرية في منطقة غور الأردن وعلى طول الحدود مع الأردن في الجنوب. ثم أخذه إلى جولة فوق قطاع غزة، مبينا كيف يطلقون الصواريخ باتجاه إسرائيل وكيف يدخلون إلى سيناء المصرية ويستغلون أراضيها لضرب إسرائيل.

ونشرت في إسرائيل، أمس، تفاصيل عن صفقة الأسلحة الأميركية الجديدة على النحو التالي:

أولا: طائرة «في 22 أوسبري» («صقر السمك»). وهي طائرة حربية مقاتلة لكنها تطير على مرتفعات منخفضة مثل المروحية، التي تعتبر فريدة من نوعها في العالم، حيث تستطيع أن تفعل ما لا تستطيع فعله أية وسيلة طيران أخرى في العالم تقريبا. وهي تقلع وتهبط مثل مروحية وتطير مثل طائرة. ويهب هذه الميزة لـ«في 22» جناح معقد كثيرا، وهو إنجاز هندسي وتقني يحمل في طرفيه أيضا محركات المروحية، وهو قادر أيضا على أن يغير وضعها من أفقي إلى عمودي، وهكذا دواليك. وهذا الجناح هو السر وراء الـ«في 22». وقد رفضت الولايات المتحدة أن تكشف عنه لأية دولة أخرى منذ كانت طلعتها الأولى في 1989 إلى الآن. وستكون إسرائيل الدولة الأولى في العالم التي ستحصل على «أوسبري» خارج الولايات المتحدة. وإسرائيل كانت قد أبلغت واشنطن بأنها محتاجة جدا إلى «أوسبري» لتحل محل مروحيات «يسعور» التي أطيل أمد حياتها وبدأت تكثر الحوادث فيها. فليس لسلاح الجو الإسرائيلي اليوم بديل حقيقي عن المروحية القديمة التي وقف إنتاجها في سنة 1978. ويستعمل السلاح مروحية النقل الثقيلة هذه بصورة مكثفة جدا وشاركت في جميع الحروب منذ جاءت في حرب الاستنزاف وفي مئات العمليات الجريئة إن لم يكن في الآلاف، وعدد منها سري، وراء حدود العدو. وستجلب «في 22» إلى سلاح الجو الإسرائيلي وسيلة طيران حديثة متطورة تضيف أداء وقدرات وأمنا أكبر لمن يطيرون بها، ولا يقل عن ذلك أهمية توفير نحو 25 في المائة من الوقود إذا قيست بمروحية «يسعور».

ثانيا: طائرة تزويد بالوقود من طراز «كي. سي 135»، وهي عمليا «محطة وقود طائرة». وحينما توضع هذه المحطة في المسار الحربي الصحيح فإنها تطيل الذراع الطويلة أصلا لسلاح الجو الإسرائيلي وتمكن طائراته الحربية من الخروج لعمليات بعيدة عن حدود الدولة. إن الـ«كي. سي 135» التي هي اليوم العمود الفقري لتزويد سلاح الجو الأميركي بالوقود في الجو تعتمد على طائرة الركاب القديمة «بوينغ 707» التي طارت في سنة 1957. ومع أن هذه الطائرة (بوينغ 707) تخدم في سلاح الجو الإسرائيلي أيضا كطائرات للتزويد بالوقود، فإن الـ«كي. سي 135» ابتعدت جدا عن طائرة الركاب التي كانت أساسا لها. فقد تم تخطيط أجزاء من جسمها وأجنحتها وإنتاجها من جديد واستبدل بمحركاتها محركات جديدة وأنجع وأضيف إليها عدد كبير من النظم الإلكترونية ونظم الطيران التي تجعلها عصفورا من نوع مختلف تماما، ويعتبرها الإسرائيليون مضاعفة قوة عظيمة الشأن لسلاح الجو عندهم.

ثالثا: يحمل هيغل «بشرى» للحكومة الإسرائيلية هي الوعد ببدء مفاوضات من أجل تجديد وتمديد اتفاقية المساعدات السنوية لإسرائيل، التي تنتهي في سنة 2017. فمنذ حرب أكتوبر 1973 والولايات المتحدة تقدم لإسرائيل دعما ثابتا بقيمة 30 مليار دولار في كل عشر سنوات، في البداية قسمته ما بين مساعدات مدنية ومساعدات عسكرية، بيد أنه تحول إلى مساعدة عسكرية فقط. وتشترط الولايات المتحدة على إسرائيل أن تدفع هذه المساعدة بـ«البضائع»، أي بالأسلحة والعتاد. وتسمح لإسرائيل أن تشتري بمبلغ 500 مليون دولار في السنة من مصانع إسرائيلية. وهذه المساعدة تعطى لإسرائيل إضافة إلى تمويل منظومة «القبة الحديدية» للصواريخ المضادة للصواريخ. فقد حصلت على دعم بقيمة 600 مليون دولار حتى الآن، وستحصل على دعم إضافي لها في المستقبل.