فرنسا تبحث عن مخرج لمأزق مشروع القرار الأميركي حول الصحراء في مجلس الأمن

باريس تريد تحاشي مأزق التصويت معه أو ضده

TT

فيما يتفاعل مشروع القرار الأميركي لتوسيع صلاحيات قوة «المينورسو» في الصحراء بعد الرفض المغربي القاطع لأي تعديل في مهمة القوة المذكورة ، واعتبار الرباط أنه انتقاص من السيادة المغربية، تتجه أنظار المغرب إلى باريس، الحليف الرئيسي الذي اعتاد الوقوف إلى جانبه في المحافل الدولية لمنع إقرار المشروع الأميركي بالشكل الذي طرح فيه. غير أن باريس امتنعت حتى الآن عن الخوض مباشرة وعلنا في التعديلات الأميركية المقترحة «تكليف القوة المذكورة مراقبة أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء» كما أنها ترفض الكشف عما سيكون عليه موقفها في حال طرح الموضوع على التصويت وفق ما هو مقرر أواخر الشهر الحالي.

وحتى الآن، اكتفت فرنسا بالعموميات وبالتذكير بالأسس «التقليدية» التي يقوم عليها موقفها من مسألة نزاع الصحراء علما أن عليها أن توفق بين دعمها للمغرب وبين رغبتها في الامتناع عن «إغضاب» الجزائر التي تدعم جبهة البوليساريو. وسبق للرئيس فرنسوا هولاند أن زار الجزائر أواخر العام الماضي وزار المغرب بداية الشهر الحالي مما يعكس رغبته في إقامة علاقات «متوازنة» مع الجانبين.

وعمدت الخارجية الفرنسية إلى التذكير بأسس موقفها الذي وصفته بأنه «واضح وثابت» وهو ينهض أولا على دعم البحث عن «حل عادل، دائم ومقبول من الجانبين» وثانيا، على دعم خطة الإدارة الذاتية التي قدمها المغرب باعتبارها «قاعدة جدية وذات صدقية لحل متفاوض عليه بموجب قرارات الأمم المتحدة». وإذ تعتبر باريس أن «لا مصلحة لأحد» في استمرار الوضع القائم، فإنها تؤكد أن المغرب «حقق تقدما مهما في موضوع حقوق الإنسان» في السنوات الأخيرة، وأنه يتعين بالتالي تشجيعه على الاستمرار في ذلك.

لكن باريس تجد نفسها في موقع «غير مريح» بالنسبة للمشروع الأميركي وفق ما قالته مصادر سياسية فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إذ عليها أن تناور بين متطلبات واشنطن المستجدة وبين تشدد الرباط في موضوع يتحلى بحساسية خاصة لأنه يتناول حقوق الإنسان التي تقول باريس إنها «تدافع عنه أينما كان». ولذا، فإن الخارجية تقول إنها اليوم «تدرس» الموضوع، وإنه موضع تباحث في إطار مجموعة «أصدقاء الصحراء» التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وإسبانيا أي أربعا من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن «باستثناء الصين» يضاف إليها إسبانيا، القوة المستعمرة السابقة للصحراء.

وما بين التصويت لصالح المشروع الذي من شأنه نسف العلاقة مع الرباط وهو ما لا تريده باريس أو استخدام حق النقض «الفيتو» ضده وهو أمر مستبعد بالنظر لسابقة تهديد فرنسا باستخدام الفيتو ضد قرار يتيح التدخل العسكري في العراق في عام 2003، فإن باريس تسعى لمخرج.

وكشفت وزارة الخارجية الفرنسية عما يمكن أن يشكل مخرجا بحديثها عن «تعديل» مشروع القرار الأميركي باعتباره «أحد الخيارات الممكنة» خصوصا أن المناقشات ما زالت في بدايتها. وبحسب الدبلوماسية الفرنسية فإن أي مشروع قرار يعرض على مجلس الأمن يمر في مراحل متلاحقة ونادرا ما يطابق النص الذي يصوت عليه مع النص الأصلي. وتريد باريس أن ترى «ما يمكن إضافته للنص وما يمكن للمغرب أن يقبله».

غير أن مهمة باريس «لا تبدو سهلة» خصوصا إذا تمسكت واشنطن بمشروعها وإذا تمترس المغرب بموقف الرفض المطلق للمهمة الجديدة التي تريد واشنطن تكليف المينورسو بها أي مراقبة أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء التي وصلت إليها في عام 1991 بعد الهدنة المعلنة بين المغرب وجبهة البوليساريو، ومنذ ذلك العام لم يحصل أي تقدم على طريق تسوية مسألة الصحراء التي يعتبرها المغرب مسألة «وطنية» يجمع عليها المغاربة بكل انتماءاتهم. ويفهم من الكلام الفرنسي أن باريس تسعى إلى «تدوير الزوايا»، وإرضاء كل الأطراف بالاعتماد على دبلوماسيتها التي ستسعى للتخفيف من قوة المشروع الأميركي عبر تليينه أو تأجيل العمل فيه أو تشكيل لجنة تناط بها مهمة دراسة الوضع.. إلى ما هنالك من المخارج التي يخزنها الدبلوماسيون في جعبتهم.

لكن باريس تبدو «منزعجة» من الطرح الأميركي. ونقل عن مصادر فرنسية أن واشنطن «لم تشاور أحدا» قبل رمي مشروعها على الطاولة مع تيقنها المسبق أن الرباط لا يمكن أن تقبله بأي حال.