مجموعة الـــ20 تشكك في نجاعة خطط إنقاذ الاقتصاد العالمي

بعد ضخ البنوك المركزية 6 تريليونات دولار لإنعاشه

TT

بعد ضخ البنوك المركزية 6 تريليونات دولار لإنعاش الاقتصاد العالمي من أزمة المال، لا تزال تتواصل الشكوك حول نجاعة خطط إنقاذ الاقتصاد من أسوأ فترة كساد مر بها في التاريخ القريب. بعد أكثر من ثلاث سنوات، لا يزال تباطؤ النشاط الاقتصادي في الدول الغنية والفقيرة يربك صناع السياسات، الذين كانوا يتوقعون تقدما أكبر ويثير مخاوف من عدم وفرة الخيارات المتاحة لتنشيط النمو. ويواجه صناع السياسات قائمة من المشكلات. فالاقتصاد الأميركي لا يزال محاصرا بجبال ديون القطاع العائلي ويواصل التراجع الحاد بين فترات من النمو المتواضع.

ومنطقة اليورو غارقة في الركود، وتترنح من أزمة إلى أخرى، وتتعامل حاليا مع أحدث بؤر التوتر وهي قبرص. وحتى الدول ذات الأداء الاقتصادي المدهش، كالصين والبرازيل، تعاني نقص القوة الدافعة لمواصلة النمو. فقد سجلت الصين عام 2012 أقل معدل نمو سنوي لها منذ 1999. وتراجع اقتصاد البرازيل إلى نقطة قريبة من الصفر بينما تواجه البلاد تهديد التضخم بشكل متزايد. وعلى خلفية ذلك، بدا واضحا غضب وزراء المالية ومسؤولي البنوك المركزية الذين شاركوا في اجتماعات مجموعة العشرين وصندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي. وكشفت البيانات الرسمية والمناقشات الجانبية عن إحباط هؤلاء المسؤولين بسبب عدم القدرة حتى الآن على صياغة حزمة سياسات فعالة للسيطرة على أزمة طويلة الأمد، لم تظهر علامات تذكر على قرب نهايتها.

وقال وزير المالية البرازيلي، جيدو مانتيجا، يوم الجمعة: «لا يمكننا أن نعلن بوضوح أننا تجاوزنا أسوأ مرحلة». وأضاف: «يمكن أن يطول أمد الأزمة، رغم كل جهودنا في مجموعة العشرين وغيرها من المحافل الدولية». وأبقت البنوك المركزية للدول المتقدمة أسعار الفائدة عند أدنى مستوياتها منذ 2008، وضخت أكثر من ستة تريليونات دولار في أجهزتها المصرفية في صورة قروض وعمليات شراء أصول تعرف باسم «التيسير الكمي».

وساعد «المركزي» الأوروبي في خفض تكاليف الاقتراض لحكومتي إسبانيا وإيطاليا. وتم منح أموال إنقاذ لآيرلندا والبرتغال واليونان. وعدل صندوق النقد الأسبوع الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي لعام 2013.

وتواجه البلدان الغنية نموا أقل من 2% للعام الثالث على التوالي، مع توقعات بنمو الناتج المحلي الأميركي 9.‏1% فقط. وتوقع الصندوق أداء ضعيفا للاقتصاد الياباني هذا العام بحيث لا يزيد تضخم أسعار المستهلكين عن 1.‏0%. وتوقع أيضا تسارع وتيرة النمو في الصين بنسبة طفيفة إلى 8%.

وأدى ضعف الطلب إلى تراجع كبير لأسعار السلع الأولية، بما في ذلك النحاس، مما يضر باقتصادات أميركا اللاتينية.

وفي اجتماعات كبار مسؤولي المالية بواشنطن، بدا الإحباط واضحا، بشكل خاص، بشأن منطقة اليورو التي تعاني أزمة ديون. وتوقع صندوق النقد انكماش اقتصاد منطقة اليورو للعام الثاني على التوالي.

وقال وزير المالية الهندي ب. شيدامبارام في حديث على هامش الاجتماعات: «ما لم توحد أوروبا جهودها، وما لم تزهر البراعم الخضراء التي نراها في الولايات المتحدة، وما لم تنجز اليابان مهمة إنعاش اقتصادها شبه المستحيلة وتسجل معدل تضخم عند 2% - كيف تستطيع الاقتصادات النامية والناشئة تحقيق نمو مرتفع». وتساعد الرغبة في أخذ مسار نمو مرتفع في تفسير ترحيب المسؤولين - حتى في الأسواق الناشئة - بخطط اليابان الجديدة لحفز اقتصادها بمبلغ 4.‏1 تريليون دولار من خلال شراء البنك المركزي للسندات.

وأشار وزير المالية البرازيلي إلى ارتفاع البطالة في الاقتصادات المتقدمة الكبيرة، وأن مكافحتها قد تتطلب مزيدا من الحوافز المالية، وهو علاج قوبل بالرفض في بعض الدول، ولا سيما منطقة اليورو. وقال إن الأسواق الناشئة «متأثرة حتما» بفتور الطلب في الولايات المتحدة واليابان ودول أخرى، في ظل عدم قدرتها على الحفاظ على مستويات نمو الأعوام السابقة.

إلا أن المسؤولين عبروا أيضا عن قلقهم من إفراط الاقتصادات المتقدمة في الاعتماد على السياسات النقدية شديدة التيسير التي تراجعت فاعليتها بمرور الوقت. وقد تمهد سنوات من انخفاض سعر الفائدة الطريق أمام الأزمة المالية المقبلة. وقال مسؤول كوري جنوبي لـ«رويترز» في اجتماعات مجموعة العشرين: «رغم استخدام اقتصادات متقدمة للتيسير الكمي عدة مرات لم يتغير شيء».

ويعود جانب من مناخ الإحباط في دوائر صنع السياسات العالمية إلى أن الاقتصاد العالمي أصبح أكثر تشابكا في التمويل والتجارة منه قبل عقود قليلة، مما يجعل من الصعب تبني سياسات تساعد بلدا معينا دون أن تؤثر سلبا على بلدان أخرى.

وقبل الأزمة المالية التي اندلعت بين 2007 و2009، كانت مجموعة قليلة من الدول المتقدمة تسيطر على السياسة الاقتصادية العالمية. أما الآن، فقد أصبحت مجموعة العشرين التي تشمل دولا غنية وفقيرة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، هي من يدير دفة الاقتصاد العالمي. وتتخوف الدول الفقيرة من أن تضرب الحوافز المالية في الدول الغنية استقرار الاقتصادات عبر إغراقها بالأموال أو رفع التضخم أو تكوين فقاعات أصول. وتخفض طباعة النقود بالولايات المتحدة وأوروبا واليابان قيمة عملات الدول الغنية وتساعد مصدريها على حساب مصانع في دول كالبرازيل.