المئات يلبون دعوة الشيخ الأسير للقتال في القصير.. والسلفيون منقسمون

الحريري يرفض قتال حزب الله والفتاوى المقابلة.. وتحذيرات من امتداد الحرب للبنان

TT

تطور الرد اللبناني على انخراط حزب الله في القتال إلى جانب النظام السوري في القصير، أمس، من إطار الانتقاد السياسي، إلى إصدار فتاوى جهادية للقتال إلى جانب المعارضة السورية في القصير، عل الرغم من أن فتوى الشيخين سالم الرافعي وأحمد الأسير لم تحظ بإجماع الإسلاميين والسلفيين الذين يتخوفون، بحسب مصادرهم، من انتقال الصراع إلى لبنان الذي يهدد استقراره، وسط تحذير الرئيس سعد الحريري من أن تدخل حزب الله والدعوات المقابلة للجهاد «تحقق هدف النظام السوري بزج لبنان وغيره في أتون النار السورية».

وبموازاة تأكيد مصادر المعارضة السورية أن حزب الله «قلب ميزان المعركة في القصير لصالح النظام السوري»، أعلن إمام مسجد التقوى في طرابلس الشيخ سالم الرافعي التعبئة العامة لنصرة اللبنانيين السنة الذين يتعرضون للاعتداء في القصير السورية، مشيرا إلى أن هناك «مئات العائلات اللبنانية في تلكلخ وغيرها تطلب الاستغاثة وتنشد من يدافع عنها». وأضاف الرافعي أن «حزب الله هو البادئ في خرق سياسة النأي بالنفس، والدولة اللبنانية والجيش لم يحركا ساكنا»، معتبرا أن «دعوة الجهاد من شأنها أن تردعه عن مساندة القتلة».

وما لبث الرافعي أن هدأ من وقع الفتوى التي أصدرها أول من أمس، بالتأكيد أن وزير الداخلية مروان شربل اتصل به وأبلغه استعداده لسحب الدعوة إلى الجهاد في سوريا عند توقف حزب الله عن إرسال المقاتلين إليها.

وتزامنت فتوى الرافعي مع إعلان إمام مسجد بلال بن رباح في صيدا الشيخ أحمد الأسير عن تشكيل فصائل المقاومة الحرة، ودعا الأسير كل من يستطيع التوجه إلى سوريا لمساعدة المظلومين في القصير وحمص. ووجه رسالة إلى كل اللبنانيين الخائفين من اعتداءات حزب الله للتسلح ضمن مجموعات سرية مؤلفة من خمسة أشخاص للدفاع عن أنفسهم.

وحازت فتوى الأسير على تأييد واسع في صفوف مناصريه الذين هرع ما يزيد على 300 منهم لتعبئة استمارة للقتال في القصير، بحسب ما قالته مصادر لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى ترجيحات بأن يصل رقم الملبين لدعوته إلى آلاف خلال أسبوع. وأضافت المصادر: «لم يتخذ الشيخ الأسير بعد قرارا بالآلية التي يجب اتباعها لإيصالهم إلى القصير، لكننا نبحث في هذه الآلية». ونفت المصادر أن يكون الشيخ الأسير نسق في فتواه مع إسلاميين آخرين في طرابلس، أو أحد من قادة السلفيين. وقال: «الإعلان جاء عفويا ردا على انخراط حزب الله في قتل الشعب السوري إلى جانب النظام، ولم يتواصل الشيخ الأسير مع أي أحد من القادة السلفيين، كما لم تصله ردود فعل المشايخ السلفيين على الفتوى التي أصدرها»، مشددا على أن دعوته للجهاد في القصير «لاقت تأييدا واسعا من القاعدة الشعبية الرافضة لاضطهاد السنة في القصير على أيدي لبنانيين».

غير أن فتوى الجهاد في القصير، وانخراط السنة في القتال هناك، لم تحظ بتأييد سائر القادة السلفيين في لبنان. وقالت مصادر بارزة في هذا التيار لـ«الشرق الأوسط» أن فتوى الأسير والرافعي «لم تحظ بتأييد الجميع، كون الانخراط في القتال تترتب عليه تحديات لبنانية متعلقة بنقل الصراع إلى لبنان». وأكدت أن «الدعوة للقتال إعلامية بما يتخطى القدرة الفعلية على حشد المقاتلين إليها، بحكم إحكام النظام سيطرته على الحدود، وسيطرة حزب الله على منافذ أخرى، وهدفت الفتوى لتهدئة الرأي العام الإسلامي الغاضب من انخراط حزب الله في قتل الشعب السوري».

وأشارت المصادر إلى اقتراح عرض على الشيخ سالم الرافعي قبل إصدار الفتوى، يتمثل بعقد مؤتمر صحافي تعلن فيه أدلة قطعية على انخراط الحزب في القتال، من ضمنها مواقع سيطرته وعدد المقاتلين له في سوريا، فضلا عن أسماء القتلى الذي تخطوا الأربعين. ولفتت المصادر إلى أن القادة الإسلاميين في لبنان «يمتلكون الوثائق كاملة التي تؤكد مشاركة حزب الله بألفي مقاتل في سوريا، يوجدون بقوة في القصير»، مؤكدة أن موقف القادة الإسلاميين الرافض لإطلاق الفتوى «ينطلق من أن الشعب السوري يحتاج إلى السلاح والمال والدعم الإعلامي، ولا يحتاج إلى الرجال والمقاتلين».

وبالتزامن مع احتدام المعارك، تواصلت ردود الفعل السياسية اللبنانية المستنكرة لتدخل الحزب العلني في القتال في سوريا، إذ أكد رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري أن ما يقوم به حزب الله «جريمة بحق لبنان واللبنانيين بمثل ما هي جريمة بحق سوريا وشعبها»، داعيا اللبنانيين إلى رفض التورط فيها، معلنا في الوقت نفسه رفضه القاطع لأي دعوات مقابلة توجه من لبنان للجهاد في سوريا. وحذر من أن مثل هذه الدعوات تحقق هدف (الرئيس السوري) بشار الأسد المعلن لزج لبنان وغيره من دول المنطقة في أتون النار السورية. وقال في تصريح آخر: «إن انخراط حزب الله في القتال في سوريا هو انخراط في الدفاع عن النظام السوري مهما كانت الحجج المذهبية والفئوية التي يقدمها الحزب لتبرير هذه الجريمة التي تجر لبنان إلى أتون نار بشر بشار الأسد قبل غيره بأنه سينشرها في المنطقة».

واعتبر الحريري أن «جريمة دفع الشباب اللبناني للموت بالعشرات على أرض سوريا دفاعا عن نظام مجرم يضاعف من هولها وخطورتها أنها جزء من جريمة أكبر، وهي جر لبنان إلى صراع دموي وإقليمي لا طاقة ولا إرادة للبنانيين، كل اللبنانيين وأولهم جمهور حزب الله، على الدخول فيه».

بدوره، ناشد عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل رئيس الجمهورية ميشال سليمان «إرسال الجيش بمؤازرة (يونيفيل) لضبط الحدود اللبنانية - السورية».