استياء واسع بعد خطف مطرانين في حلب.. والنظام والمعارضة يتبادلان الاتهامات

عقب رفضهما ترك المدينة وانخراطهما في تقديم المساعدات للمحتاجين

TT

أعلن حبيب إفرام رئيس الرابطة السريانية، وصول المطرانين يوحنا إبراهيم رئيس طائفة السريان الأرثوذكس في حلب وتوابعها، وبولس يازجي رئيس طائفة الروم الأرثوذكس في حلب وتوابعها، إلى كاتدرائية حلب وهما «بصحة طيبة». إلا انه لم يتم تأكيد مكان تواجدهما حتى طباعة هذا الخبر.

وأثار خطف المطرانين قرب حلب في شمال سوريا على يد مسلحين مجهولين موجة قلق وتنديد دوليين؛ ففي حين أعلن المتحدث باسم الحبر الأعظم فيدريكو لومباردي أمس أن البابا فرنسيس يصلي من أجل إطلاق سراح المطرانين الأرثوذكسيين، أعلن الناطق باسم الحكومة اليونانية أن رئيس الوزراء أنتونيس ساماراس «على اتصال دائم» مع رئيس الكنيسة الأرثوذكسية برتلماوس في إسطنبول، وبطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي المقيم في دمشق، ومع رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض بالوكالة جورج صبرا.

وكان المطرانين قد خطفا في بلدة المنصورة غرب مدينة حلب أول من أمس؛ إذ اعترضتهما مجموعة مسلحة وأنزلتهما من السيارة التي كانت تقلهما، وأقدم أفرادها على قتل السائق وخطف المطرانين إلى جهة مجهولة، بحسب مصادر بطريركية الروم الأرثوذكس في دمشق.

وتعد حادثة اختطاف رجلي دين مسيحيين بهذه الرتبة الدينية، الأولى من نوعها منذ اندلاع الثورة السورية المطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، مما ينذر بتداعيات خطيرة لا سيما أن المسيحيين في سوريا الذي يصل تعدادهم إلى 1.5 مليون نسمة يخشون أن يكون مصيرهم مشابها لما حصل مع مسيحيي العراق بعد الإطاحة بنظام صدام حسين.

ورغم أن المنطقة التي حصلت فيها عملية الخطف تخضع عمليا لسيطرة المعارضة السورية، فإن رئيس المجلس العسكري في مدينة حلب، العقيد عبد الجبار العكيدي، اتهم من سماها «عصابات النظام السوري بالوقوف وراء عملية الاختطاف». وقال العكيدي لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تواصلنا مع جميع الكتائب والقطع العسكرية العاملة تحت قيادتنا، وتأكدنا أنه لا علاقة لهم بهذه العملية المستنكرة»، مشيرا إلى «وجود كتائب مؤلفة من الأمن والشبيحة تتبع المخابرات السورية وتنشط في المنطقة ذاتها التي خطف فيها المطرانين».

وولد اختطاف المطرانين شعورا عاما بالاستياء في مدينة حلب، خصوصا أن كليهما رفض ترك حلب، ويعملان على تخليص المخطوفين وتقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين من دون تمييز. وأكدت المصادر أن «المطرانين كانا في طريقهما للتفاوض وجلب كاهن مخطوف حين اعترضت سيارتهما مجموعة مسلحة في منطقة تخضع لسيطرة كتيبة (نور الدين زنكي)، وقتلت سائق المطران إبراهيم ورمت رجلا كان معهما في الطريق واقتادتهما إلى جهة مجهولة».

لكن العكيدي نفى أن «يكون لـ(كتيبة نور الدين زنكي) التابعة للمجلس العسكري في حلب أي صلة بالحادث»، موضحا أن «النظام السوري يسعى إلى خلق فتنة بين المسيحيين والمسلمين خصوصا بعد تولي شخصيات مسيحية بارزة مثل جورج صبرا مناصب قيادية في المعارضة، الأمر الذي يحرج النظام ويدفعه إلى الذهاب نحو خيار زرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد».

وأصدرت كل من بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس وبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، بيانا مشتركا أشارتا فيه إلى أن المطرانين خطفا وهما «في طريق عودتهما إلى حلب من مهمة إنسانية». وأضاف البيان: «نحن، إذ نأسف لعملية الخطف هذه، كما لأية عملية مشابهة تطال المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم، نناشد الخاطفين احترام حياة الأخوين، فهما رسولا محبة في العالم، يشهد لهما عملهما الديني، والاجتماعي، والوطني». وناشدت البطريركيتان «شركاءنا في المواطنة، من المذاهب الإسلامية كافة، كي نتضافر وإياهم، فنعلن ونعمل على رفض المتاجرة بالإنسان كسلعة سواء كان ذلك عبر جعله درعا بشريا في القتال، أو سلعة مقايضة مالية أو سياسية».

بدورها، اتهمت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، «إرهابيين» باعتراض سيارة المطرانين في قرية «كفر داعل» بريف حلب و«قاموا بإنزال السائق من السيارة وخطف المطرانين مع السيارة إلى جهة مجهولة».

من ناحيته، قال الرئيس المستقيل للائتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب، إن عشرات أجهزة الاستخبارات الغربية تنتشر في سوريا، مرجحا أن يكون «أحدها وراء خطف المطرانين» في حلب. بدوره، أدان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية «خطف المطرانين وكل أعمال الخطف والتعرض للمدنيين عامة، ورجال الدين على وجه الخصوص». واعتبر الائتلاف في بيانا أصدره أمس «الحادثة مؤشرا خطيرا على السعي المحموم لإشغال المجتمع السوري عن هدفه الأسمى وهو الخلاص من نظام القهر والاستبداد وبناء دولة الحرية والعدالة والمساواة». وأضاف البيان أن مؤشرات كثيرة تؤكد على ضلوع نظام الأسد بعملية الخطف، خصوصا بعد التصريحات الأخيرة للأب إبراهيم التي أكد فيها خاصة على أن بقاء المسيحيين في سوريا لا يرتبط ببقاء النظام. كما أشار إلى أن «الائتلاف يواصل جهوده لكشف مكان احتجاز المطرانين والعمل على تحريرهما، ويدعو المواطنين السوريين للتعاون مع الجيش الحر في هذه الشأن الوطني، وإيلائه الأولوية التي يستحقها».

يشار إلى أن المطران بولس يازجي هو شقيق البطريرك يوحنا يازجي الذي تم انتخابه حديثا رئيسا للطائفة الأرثوذكسية في سوريا ولبنان، أما المطران يوحنا إبراهيم فهو من الوجوه المعروفة على صعيد الحوار الإسلامي - المسيحي، وسبق له أن أدلى بتصريح إلى هيئة الإذاعة البريطانية قبل أيام من اختطافه، أكد فيه أن المسيحيين في سوريا غير مستهدفين مثلما هي الحال في العراق، فالجميع - حكومة ومعارضة - أكدوا له خلال لقاءاته بهم، على احترامهم ومحبتهم للمسيحيين، كما حثوه على تشجيع المسيحيين على البقاء في سوريا وعدم الهجرة منها.