سياسيون عراقيون من مختلف التيارات ينعون مفهوم الشراكة مع المالكي

بعضهم اتهم رئيس الوزراء بإشعال الحرب الطائفية «تنفيذا لأجندة إيرانية»

TT

إذا كان الاستنفار العشائري الذي شهدته المحافظات الغربية والشمالية في العراق أمس من أبرز التداعيات الأمنية لأحداث الحويجة فإن استقالة وزير التربية محمد تميم، وهو من جبهة الحوار الوطني بزعامة نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات والقيادي في القائمة العراقية صالح المطلك، كانت من أبرز تداعياتها السياسية. في الوقت نفسه نعى سياسيون من قوى مختلفة مفهوم الشراكة مع رئيس الوزراء نوري المالكي.

أطراف كثيرة من رجال دين وسياسة حاولوا احتواء الأزمة. وفي هذا السياق بذل رئيس البرلمان أسامة النجيفي، القيادي في القائمة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي، جهودا لتهدئة الأوضاع من خلال اتصالات مكثفة أجراها مع رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري وزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني. ومع أن النجيفي استثنى الرجل الأهم في الأزمة وهو المالكي فإن وجود نائب الأخير، المطلك، على خط رئيس الوزراء من جهة وخط القائمة العراقية من جهة أخرى لم يسفر بعد عن نتيجة خصوصا أنه طبقا للتسريبات كان يوم القائمة العراقية أمس حافلا بالمشادات الكلامية بين بعض أقطابها خاصة بعد استقالة تميم، وهو من أبناء قبيلة الجبور ومن سكنة الحويجة. وفي هذا السياق ربط المطلك، الذي عينه المالكي على رأس لجنة حكومية لتقصي الحقائق من بين أعضائها حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، بين استقالته هو من منصبه واستقالة النجيفي.

قيادي بارز في القائمة العراقية أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «القائمة العراقية قررت اتخاذ موقف حاسم من هذه الأزمة». وأضاف النائب شعلان الكريم، وهو أحد أبرز منظمي مظاهرات سامراء، قائلا: إن «جهود المالكي لتشكيل حكومة أغلبية سياسية ذهبت سدى بعد إصراره على إراقة الدماء وعدم الاعتراف بالشراكة». واعتبر أن «المالكي كان قد بيت هذا الأمر من خلال ما أعلنه قبل أيام من المحافظات الجنوبية بأنه سوف يقتحم الساحات وبالفعل فقد نفذ تهديده رغم أن جهودا كبيرة بذلت من قبل لجنة تفاوض برلمانية وكادت تصل إلى نتيجة»، مشيرا إلى أن «المالكي رفض كل المبادرات بما في ذلك دخول لجنة المفاوضات البرلمانية إلى الساحة مع الجيش لتفتيشها وتسليم المطلوبين طبقا لأوامر القبض». وأكد الكريم أن «المالكي يهدف إلى إشعال الحرب الطائفية تنفيذا لأجندات خارجية وبالذات إيرانية وهو لا يهمه أن يسيل الدم العراقي أم لا».

بدوره، قال عضو البرلمان عن القائمة العراقية حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الأحداث أثبتت أن السيد المالكي يريد أن يستأثر بالسلطة تحت ذريعة مفهوم الأغلبية السياسية رغم أن الحكومة التي يرأسها هو الآن قامت على أساس الشراكة واستنادا لاتفاقية أربيل». وأضاف قائلا: إن «هذه هي ليست التجربة الأولى التي يثبت فيها عدم احترامه للشراكة بل إن التفرد في اتخاذ القرار واحتكار الملف الأمني برغم كل ما فيه من خروقات إنما هو تجسيد لذلك وبالتالي فإن المالكي الآن يسوق الآن لمفهوم الأغلبية لكن من زاوية إقصاء الآخر لأن الأغلبية هي الأخرى شراكة ولكن في إطار البرامج السياسية».

من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني حسن جهاد في تصريح أن «المالكي نفسه نعى مفهوم الشراكة إذ أنه ومنذ مدة يعلن أنه ضد الشراكة وأن الشراكة التي أوصلته مرتين إلى السلطة أصبحت عائقا أمام تنفيذ المشاريع والإنجازات». وأضاف جهاد أن «المالكي بات يريد الأغلبية حتى في الحكومات المحلية وبالتالي فإن هذا الأمر أصبح نهجا ثابتا له». وبشأن إمكانية تحقيق ذلك في المستقبل وكيفية تعامل الأكراد مع هذه الطروحات قال جهاد إن «كل التقديرات تشير إلى أن المالكي سوف لن يبقى في منصبه للفترة المقبلة وبالتالي فإنه في حال جاء شخص آخر من التحالف الوطني لرئاسة الوزراء فإن الأمور سوف تتغير لأن التحالف الوطني بكل قواه يؤمنون بالشراكة الوطنية فضلا عن أننا نرى أن المالكي يريد أن يستخدم ذلك ذريعة لعدم وجود إنجازات أو لتبرير الفشل».

وفي السياق نفسه، أكد عضو البرلمان العراقي عن التيار الصدري أمير الكناني أن «التيار الصدري عمل على مفهوم الشراكة مع أبناء الوطن لكي لا يخسر الشيعة على المستوى الاستراتيجي»، معتبرا أن «المالكي ليست لديه نظرة للمستقبل وإنما يتصرف في ضوء تكتيك مرحلي». وأكد الكناني «أننا عملنا على احتواء السنة لأنهم شركاء في الوطن كما عملنا على احتواء الأكراد الذين هم شركاء أيضا وسنة كذلك وبالتالي فإن إبعادهم تحت ذريعة الأغلبية سيكون أمرا خطيرا ليس على مستقبل العراق فقط وإنما على مستقبل الشيعة بشكل عام».