مصر: اتصالات بين الرئاسة وقيادات في «الإنقاذ» المعارضة قبيل التعديل الوزاري

القضاة يجتمعون اليوم لـ«رفض تمرير» مشروع قانون السلطة القضائية

الرئيس المصري محمد مرسي خلال لقائه في قصر الاتحادية أول من أمس مجلس القضاء الأعلى، حيث تعهد باحترام استقلال القضاء، وأكد حرصه على صيانة الدستور والقانون (رويترز)
TT

بينما يترقب المصريون الإعلان عن أسماء الوزراء الذين سيشملهم التعديل الوزاري المرتقب الذي أعلن عنه الرئيس محمد مرسي، تصاعدت أمس حدة أزمة مشروع قانون السلطة القضائية الذي يعتزم الرئيس إصداره، حيث رفض ممثلو 15 نقابة مهنية ما سموه «الهجمة الخطيرة على كيان الدولة المصري»، فيما يعقد نادي القضاة اليوم (الأربعاء) جمعية عمومية لإعلان رفضهم لمشروع القانون وإعلان مزيد من الخطوات التصعيدية التي يعتزمون اتخاذها.

ويترقب المصريون إعلان التعديل الوزاري مطلع الأسبوع الجاري، فيما قال الدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي، القيادي بجبهة الإنقاذ الوطني، أكبر كيان معارض بالبلاد، عن تلقيه اتصالا تليفونيا من الدكتورة باكينام الشرقاوي، مساعد رئيس الجمهورية، تطلب فيه مقترحات الجبهة بالنسبة للتعديل الوزاري.

وقال أبو الغار، في تصريح له أمس إنه أرسل لرئاسة الجمهورية مقترحا من 4 نقاط محددة تتلخص في تغيير الوزراء الذين لهم علاقة مباشرة بالعملية الانتخابية، بحيث يكونون محايدين تماما وبعيدين كل البعد عن أي قرار سياسي ومعروف عنهم النزاهة، وتغيير رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل، وتعيين رئيس وزراء محايد، ووقف ما سماه «أخونة المحافظين» ووقف الحملة على القضاء المصري.

يأتي ذلك فيما عقدت قيادات جبهة الإنقاذ اجتماعا لمناقشة محاولات الرئاسة الدفع بالجبهة للمشاركة في التعديل الوزاري المنتظر، حيث أكدت الجبهة أن تغيير بعض الحقائب الوزارية مرفوض من الجبهة وعلى رئاسة الجمهورية مخاطبة الجبهة باسمها وليس السعي وراء استقطاب أعضاء منها، سعيا من الرئاسة لشق صف المعارضة.

وقالت المصادر، إن الحديث عن ضرورة التدخل في الأزمة المثارة حاليا بين النظام الحالي وجماعة الإخوان المسلمين بشأن قانون السلطة القضائية المعروض على مجلس الشورى لمناقشته ويشهد اعتراضا من عدد كبير من القوى المجتمعية، على أن يكون التحرك سريعا ويبدأ من اليوم، الأربعاء، بالحشد الجماهيري أمام دار القضاء العالي بوسط القاهرة لمنع أي تدخلات في الجمعية العمومية للقضاة من جانب القوى الإسلامية المؤيدة لقانون السلطة القضائية.

ومن جانبها قالت أماني الخياط، المتحدثة باسم جبهة «الإنقاذ» إن «الجبهة لم تتلق أي طلب رسمي لتقديم مقترحها بشأن التعديلات الوزارية المزمع إجراؤه، وكل الاتصالات التي جرت مع قيادات الجبهة جرت بحكم صفاتهم الحزبية وليس بحكم وجودهم في جبهة الإنقاذ».

وأكدت أن الجبهة اتفقت على عدم تقديم مقترحات في حال توجيه طلب رسمي لها حيث إنها تتمسك بتغيير الحكومة كاملة، مشيرة إلى أن الجبهة ستدعم القضاء في الأزمة التي يمر بها الآن بكل الطرق لمنع تمرير قانون السلطة القضائية.

إلى ذلك أعرب نادي قضاة مصر عن رفضه لبيان الرئاسة المصرية الذي صدر عقب لقاء الرئيس مرسى مع مجلس القضاء الأعلى بالقصر الجمهوري، واعتبره كأن لم يكن، مستنكرا تجاهله للانتهاكات التي يتعرض لها القضاء المصري وتعهد الرئيس باتخاذ خطوات فعلية لإزالة العدوان.

وقال المستشار أحمد الزند رئيس النادي في مؤتمر صحافي عقده الليلة قبل الماضية «إن بيان الرئاسة الصادر بشأن أزمة القضاء لا يغني ولا يسمن من جوع ونعتبره كأن لم يكن».

وأوضح الزند أن البيان «أغفل ما حدث من إهانات للقضاء في مليونية الجمعة الماضية ولم يستنكر الرئيس أو يعتذر عن هذه الانتهاكات»، مؤكدا أن القضاة ماضون في طريقهم لعقد الجمعية العمومية اليوم والتوجه للمحكمة الجنائية الدولية لتقديم البلاغات ضد من نظموا ودعوا لمليونية «تطهير القضاء» ومن أساءوا وأهانوا السلطة القضائية.

وقالت مصادر مقربة من أحمد الزند رئيس نادي القضاة لـ«الشرق الأوسط»: «كل الخيارات مفتوحة أمام القضاة في جمعيتهم العمومية اليوم، وقد يصل الأمر إلى تعليق العمل بالمحاكم».

وتوقعت المصادر أن تشهد الجمعية العمومية حضورا كبيرا، وحملت الشرطة مسؤولية أي اعتداءات تقع على اجتماع القضاة بدار القضاء العالي، مشيرة إلى أن واقعة محاولة إطلاق الرصاص على المستشار الزند أمام نادي القضاة ما زالت ماثلة أمام الأذهان، كما تعرضت اجتماعات القضاة أكثر من مرة لمحاولات إرهاب عبر إطلاق الخرطوش والتظاهر أمام دار القضاء العالي.

ودعا سامح عاشور نقيب المحامين المصريين لتأمين الجمعية العمومية للقضاة المقرر عقدها اليوم لحمايتهم من البلطجية، على حد قوله، مؤكدا أن التفاف الشعب مع القضاة هدفه الدفاع عن استقلال الوطن.

وقال عاشور «لن نسمح لمجلس الشورى أن يضع مشروع قانون السلطة القضائية ليلا مثل تمرير الدستور، والكرة في ملعب الشعب المصري الآن، ونناشد المواطنين وأعضاء النقابات المهنية الدفاع عن هذا العدوان ضد القضاة».

من جانبها، أكدت لجنة شباب القضاة والنيابة العامة أن معركة الدفاع عن استقلال القضاء معركة مصيرية تخوضها من أجل الحفاظ على حق المواطن في العدالة العمياء دون تمييز، قائلة: «ولن نفرط أو نخضع لأي جهة أو نتهاون في اتخاذ أي إجراءات تحقق لنا ما نصبو إليه، فلا يحاول البعض التشكيك في وطنيتنا ومهما كلفنا ذلك نحن له مقبلون».

وقالت اللجنة في بيان لها أمس الثلاثاء «للمرة الأخيرة وبكل الود ندعو لفض الاشتباك الواقع بين القضاء ومؤسسة الرئاسة بسبب تعيين المستشار طلعت عبد الله في منصب النائب العام استنادا إلى قرار جمهوري باطل من جهة، وبين القضاء ومجلس الشورى بسبب محاولة أعضائه من الحزب الحاكم والأحزاب الموالية له فرض السيطرة على القضاء وعزل آلاف القضاة بغرض التوغل في السلطة القضائية والهيمنة عليها».

وتعليقا على تدخل مؤسسة الرئاسة لحل الأزمة قال البيان «للمرة الثالثة تخطئ الرئاسة وتحاول حل أزمة القضاء من خلال الاجتماع مع من لا يمثلون القضاة باستثناء مجلس القضاء الأعلى قطعا مؤدى ذلك أن أي اتفاقات ستتم لن تنهي الأزمة».

من جهته، أعلن اتحاد النقابات المهنية، الذي يضم 15 نقابة مهنية، رفضه لما سماه بـ«الهجمة الشرسة التي يتعرض لها القضاء المصري وعزم مجلس الشورى مناقشة قانون السلطة القضائية وتخفيض سن المعاش للقضاة لـ60 عاما».

وقرر الاتحاد تنظيم وقفة احتجاجية ومسيرة من أمام نقابة الصحافيين إلى مقر دار القضاء العالي اليوم الأربعاء لتأمين والتضامن مع الجمعية العمومية للقضاة والتي ستنعقد في التوقيت نفسه.