هجوم بسيارة مفخخة على السفارة الفرنسية لدى ليبيا

ووزير الخارجية لـ «الشرق الأوسط»: المتورطون لن يفلتوا من العقاب

بعض المسؤولين وعناصر من الأمن الليبي في موقع الانفجار الذي احدثته سيارة مفخخة في السفارة الفرنسية بحي الاندلس بطرابلس (أ ب)
TT

قال وزير الخارجية الليبي، محمد عبد العزيز، إن بلاده لا تملك معلومات عن منفذي الهجوم الذي استهدف أمس مقر السفارة الفرنسية بحي الأندلس في العاصمة الليبية طرابلس بسيارة مفخخة، مما أدى إلى إصابة المقر بأضرار جسيمة وجرح أحد الفرنسيين وبعض المواطنين الليبيين، بالإضافة إلى إصابة أربعة بيوت أمام المقر بأضرار جسيمة.

وكشف عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»، في تصريحات عبر الهاتف من طرابلس بعدما تفقد موقع الحادث، عن تشكيل لجنة «ليبية - فرنسية» مشتركة للتحقيق في ملابسات الاعتداء، مؤكدا أن السلطات الليبية تقوم في الوقت الحالي بتأمين كل المصالح الفرنسية في ليبيا.

وأضاف عبد العزيز: «المصالح الفرنسية هنا تحت السيطرة ولدينا قوات أمنية تؤمن هذه المصالح، والحادث أضر أيضا بأربعة بيوت ليبية، ولدينا بعض الجرحى من مواطنينا».

وتعرض المبنى الذي يضم مكاتب السفارة، الواقعة في فيللا من طابقين عند زاوية شارع بحي الاندلس، لأضرار كبيرة، وتهدم قسم من جدار السور المحيط به، بينما تفحمت سيارتان كانتا تقفان أمام السفارة.

وكان مقررا أن يعقد الدكتور علي زيدان، رئيس الوزراء الليبي، في وقت لاحق أمس، مؤتمرا صحافيا مع الوزير الفرنسي الذي اجتمع مع محمد المقريف رئيس «المؤتمر الوطني العام» (البرلمان).

وأعلن وزير الخارجية الليبي أن وصول نظيره الفرنسي لوران فابيوس بشكل مفاجئ إلى طرابلس بعد ظهر أمس يستهدف الاطلاع على حجم الأضرار التي تعرض لها مقر السفارة الفرنسية، بالإضافة إلى تفقد الفرنسي الذي يعالج حاليا بمستشفى طرابلس والاجتماع مع المواطنين الفرنسيين في العاصمة الليبية.

وأضاف عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» أنه من السابق لأوانه تحليل التفجير وأهدافه، لافتا إلى أن التفجير تزامن مع الزيارة التي يقوم بها جاك ميار رئيس الشؤون الخارجية بـ«الجمعية الوطنية» الفرنسية لليبيا، حيث التقى أول من أمس محمد المقريف رئيس «المؤتمر الوطني» والدكتور علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية.

وقال سكان يعيشون قرب مجمع السفارة في منطقة حي الأندلس بطرابلس، إنهم سمعوا دوي انفجارين في نحو الساعة السابعة من صباح أمس، بينما قال مسؤول فرنسي: «وقع هجوم على السفارة، نعتقد أنها سيارة ملغومة. وقعت أضرار كثيرة وأصيب حارسان».

وهرعت سيارات الإطفاء إلى مكان الانفجار الذي تردد صداه في المنطقة المجاورة للمبنى، وقال مواطن يعيش على بعد أقل من 100 متر من السفارة، إن نوافذ منزله اهتزت لدى وقوع الانفجار الأول، بينما قال شاهد آخر: «أعتقد أنه كان هناك انفجاران؛ الأول كان صوته قويا جدا ثم وقع واحد أصغر، كان هناك بعض الدخان الأسود في البداية ثم تحول إلى دخان أبيض».

وقال وزير الخارجية الليبي حول سؤال عما إذا كان هذا التفجير يأتي ردا على موقف ليبيا من الحرب التي تشنها فرنسا على المتشددين في مالي: «ليس بصحيح أننا الآن نحلل، نحن فقط نعتبره عملا إرهابيا، وكموقف ليبي ندين هذا العمل الإجرامي، ونتضامن مع الشعب الفرنسي وحكومته وأيضا مع المواطنين الذين تضرروا من جراء هذا العمل».

وكشف عبد العزيز النقاب عن أن السلطات الليبية بدأت البحث عن مرتكبي هذا الحادث، لافتا إلى أن أجهزة الأمن المختصة نجحت مؤخرا في اعتقال بعض الأشخاص المتورطين في حوادث إرهابية استهدفت مقار بعض البعثات الدبلوماسية على الأراضي الليبية.

وتابع قائلا: «ليس صحيحا أنه لم يتم إلقاء القبض على مرتكبي بعض التفجيرات التي تمت في السابق، وهناك بعض العناصر في السجن الآن، لكننا لا نعرف من المسؤول عن التفجير الذي استهدف مقر السفارة الفرنسية».

وأوضح وزير الخارجية الليبي أن قوات الأمن الليبية تسعى لكشف ملابسات الحادث وأنهم لن يفلتوا من العقاب، مشيرا إلى أنه قبل التفجير بأسابيع شكلت وزارة الداخلية فرقة خاصة لحماية الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية الأجنبية.

وأدانت الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور علي زيدان، في بيان أصدرته أمس، عملية التفجير بشدة ووصفتها بالاعتداء الإرهابي، مؤكدة أن «ليبيا، شعبا وحكومة، ترفض رفضا باتا مثل هذه الأفعال وتعتبرها استهدافا مباشرا لأمن واستقرار ليبيا، ولا تعبر عن ما يكنه الشعب الليبي من احترام وتقدير للجمهورية الفرنسية والشعب الفرنسي ومواقفهم في دعم ومساندة الشعب الليبي إبان ثورة 17 فبراير (شباط)».

وأعلنت حكومة زيدان أنها اتخذت التدابير اللازمة للتحقيق وكشف ملابسات هذا الحادث، مؤكدة استعدادها للتعاون مع الأطراف كافة للوصول إلى الجناة وتقديمهم للعدالة.

ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن عوض البرعصي، نائب رئيس الوزراء الليبي، الذي تفقد موقع التفجير أيضا، قوله: «نحن ندين هذا العمل الإرهابي ونرفضه بشدة، ونؤكد أن هناك من يكيد للدولة الناشئة والحكومة المؤقتة في هذه المرحلة الصعبة والانتقالية».

ويناضل حكام ليبيا الجدد لفرض سلطتهم على بلد يعج بالسلاح، وبه عدد كبير من الميليشيات المسلحة التي كثيرا تفعل ما يحلو لها.

وكشف البرعصي عن وجود جرحى من الليبيين، بالإضافة إلى العنصرين الفرنسيين اللذين نقلا للمستشفيات لتلقي العلاج، مشيرا إلى بدء المباحث الجنائية جمع الأدلة من مكان وقوع الانفجار للتسريع في الوصول إلى الجناة وتقديمهم للعدالة.

وأعلن المهندس عبد الحكيم طلحة، مسؤول الإسكان والمرافق بطرابلس، تشكيل لجنة برئاسته لحصر الأضرار والخسائر التي لحقت بالمرافق ومنازل المواطنين من جراء عملية التفجير التي استهدفت السفارة الفرنسية بطرابلس. وأوضح أنه تم مبدئيا حصر أكثر من 30 منزلا و30 سيارة متضررة من جراء هذا الاعتداء، بالإضافة إلى تضرر شبكات الكهرباء والاتصالات، والمياه والصرف الصحي. وتعرضت بعثات دبلوماسية في ليبيا لهجمات، كان أبرزها هجوم على مقر البعثة الدبلوماسية الأميركية في مدينة بنغازي بشرق ليبيا في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، مما أدى إلى قتل السفير الأميركي وثلاثة أميركيين آخرين. وفي بروكسل، أدان حلف الناتو الحادث الذي تعرضت له سفارة فرنسا في طرابلس أمس، وأعرب الأمين العام للحلف آندريه راسموسن عن تعاطفه مع فرنسا والمتضررين من جراء الحادث، وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي ببروكسل على هامش مؤتمر لوزراء خارجية الدول الأعضاء. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ببروكسل، قال وزير الخارجية الأستوني أورماس بايت: «إن كل الدول الأعضاء أكدت تعاطفها مع فرنسا بعد هذا العمل الذي كان يجب ألا يحدث لو أن هناك تأمينا وحراسة قوية للسفارات والبعثات الدبلوماسية. وأنا أرى أن تأمين البعثات والسفارات مسؤولية السلطات الليبية، ومن جانبنا نحن أطهرنا التعاطف مع فرنسا والاستعداد لتقديم كل الدعم».