باريس بعد استهداف سفارتها: لن نستسلم

فرنسا ترسل قوة من نخبة الدرك إلى طرابلس

TT

لم توجه باريس أصابع الاتهام إلى أية جهة بانتظار التحقيق الذي بدأ أمس، بعد عملية التفجير التي دمرت السفارة الفرنسية في طرابلس وأدت إلى إصابة اثنين من رجال الدرك المولجين حراستها، جراح أحدهما بالغة. كذلك نفت الخارجية الفرنسية أن تكون قد تلقت أية تهديدات محددة أو أن يكون قد وصل إليها أي تبنٍّ للعملية التي جرت باستخدام سيارة مفخخة وضعت أمام مدخل السفارة من الجهة المقابلة للطريق.

وعجلت أعلى السلطات الفرنسية بإدانة العملية بـ«أشد العبارات»، واعتبر رئيس الجمهورية فرنسوا هولاند أنها تستهدف، عبر فرنسا، «كل بلدان الأسرة الدولية المنخرطة في الحرب على الإرهاب». أما وزير الخارجية لوران فابيوس الذي توجه بناء على طلب هولاند إلى ليبيا بعد ظهر أمس فقد وصف العملية بـ«الكريهة». وطلب الإليزيه من السلطات الليبية «كشف كل ملابسات» الاعتداء الذي «لا يمكن قبوله» وسوق الفاعلين أمام القضاء.

وتأتي عملية التفجير في سياق تدهور الوضع الأمني في ليبيا، إن كان في العاصمة طرابلس أو بنغازي، ووسط عجز السلطات عن ضبط المجموعات المسلحة، ولكن خصوصا على خلفية الحرب المستمرة في مالي التي باشرتها القوات الفرنسية منذ أربعة أشهر. وبينما أعلنت نيابة باريس عن فتح تحقيق قضائي لجلاء ظروف الحادث، قالت الخارجية الفرنسية إنها بصدد إرسال وحدة من قوة النخبة في الدرك الوطني لتأمين الحماية على المصالح الفرنسية القنصلية والثقافية في ليبيا التي تم إغلاقها أمس. وبالنظر إلى الأضرار الفادحة التي لحقت بمبنى السفارة، فقد قررت الخارجية نقل نشاطات السفارة إلى مبنى آخر، وستكون إحدى مهمات الوزير فابيوس في طرابلس اتخاذ قرار بهذا الشأن. ومنذ شهور تنصح باريس رعاياها بعدم التوجه إلى ليبيا حيث يقيم فيها 319 فرنسيا، إضافة إلى بضع عشرات من رجال الأعمال. وتعد ليبيا، التي ساهمت باريس بقوة في التخلص من نظامها السابق وإطاحة زعيمها العقيد القذافي في إطار عملية سمح بها مجلس الأمن الدولي، من «المناطق الحمراء» التي يتعين الرحيل عنها وعدم التوجه إليها. ومجددا، طلب الناطق باسم الخارجية فيليب لاليو من الفرنسيين في ليبيا «توخي أقصى درجات الحذر». وكانت فرنسا طلبت من رعاياها مغادرة بنغازي في خريف العام الماضي بعد استهداف السفارة الأميركية وحرقها، ما نتج عنه مقتل السفير وعدد من الموظفين الأميركيين.

وهذه المرة الأولى التي تتعرض فيها المصالح الفرنسية للاعتداء في ليبيا منذ سقوط نظام القذافي. واتفقت باريس وطرابلس على إقامة لجنة تحقيق مشتركة بحضور قاضٍ فرنسي، وسيتوجه قاضٍ فرنسي سريعا إلى طرابلس وفق ما قالته الخارجية أمس.

وقالت باريس أمس إنها «لا تريد الاستعجال وتريد التريث وانتظار عناصر التحقيق» قبل توجيه الاتهامات أو الربط بين ما حصل للسفارة والحرب التي تخوضها ضد الإرهاب. لكنها لا تتردد في اعتبار ما حصل «عملا إرهابيا»، وفق لاليو. وسبق لمنظمة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد اللتين استهدفتهما باريس في عمليتها العسكرية في مالي أن وجهتا أكثر من مرة تهديدات مباشرة لفرنسا بنقل الحرب إلى أراضيها.

وفي الـ21 من الشهر الحالي عمد البرلمان الفرنسي إلى تمديد العملية العسكرية في مالي رغم أن 500 جندي فرنسي «من أصل 4 آلاف» غادروا مالي، وينتظر أن يتراجع العدد إلى 2000 بحلول شهر يوليو (تموز) المقبل، غير أن باريس تخطط لإبقاء نحو ألف عسكري بموازاة القوة الدولية الأفريقية التي ينتظر أن يصوت مجلس الأمن الدولي على إرسالها في الأسابيع القادمة.