مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط»: هذه خارطة الطريق لتصدير نفط المعارضة السورية ولمدها بالسلاح «الدفاعي»

دمشق تصف شراء الاتحاد الأوروبي النفط من المعارضة بـ«العمل العدواني»

TT

رغم اتفاق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا؛ بهدف دعم المعارضة التي تسعى للإطاحة بحكم الرئيس بشار الأسد، وذلك بالسماح لمستوردين أوروبيين بشراء النفط من سوريا إذا تم الحصول عليه من خلال الائتلاف الوطني السوري المعارض، فإن العملية تبدو غاية في الصعوبة والتعقيد في الوقت الحالي. ورغم ذلك فإن دمشق شنت هجوما لاذعا على قرار الاتحاد الأوروبي ووصفته بأنه «عمل عدواني».

وقالت وزارة الخارجية السورية في رسالتين متطابقتين وجهتهما أمس لرئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، ونقلتهما الوكالة السورية للأنباء «سانا»، إن الاتحاد الأوروبي «لجأ إلى خطوة جديدة تتعارض في إطارها القانوني الدولي مع مبدأ عدم التدخل الذي أقره ميثاق الأمم المتحدة»، ومع غيره من القرارات والمعاهدات الدولية التي تمنع التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

وانتقدت الخارجية السورية القرار الأوروبي، ورأت أنه يأتي ضمن «الحملة السياسية والاقتصادية المستمرة التي تستهدف الاقتصاد الوطني والحياة المعيشية اليومية للمواطنين السوريين».

إلى ذلك، قالت باريس أمس إن ما حصل في لوكسمبورغ كان اتخاذ «قرار سياسي» لمساعدة المعارضة السورية ماديا ومعنويا وعسكريا، ويتعين الآن العمل على ترجمة هذا «القرار» إلى تدبير قانوني يصبح نافذا على المستوى الأوروبي من خلال لجان قانونية وفنية.

وتقول باريس إن المهمة الأولى للجان هي تحديد القطاعات التي سترفع من قوائم العقوبات البترولية التي فرضت على سوريا في عام 2011 لجهة شراء النفط أو بيعه وإرسال معدات للصناعة النفطية أو تمويلها، بالشكل الذي يضمن «مساعدة المدنيين والتصدي للاحتياجات الإنسانية، وإعادة الحياة للدورة الاقتصادية في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد».

وتتمثل المهمة الثانية في رفع الحظر عن تصدير المعدات وآليات إعادة تشغيل الآبار النفطية، وتسهيل الإنتاج وتسييره إلى الخارج، وتوفير الاستثمارات اللازمة لذلك. وبما أن شركات نفطية خارجية ستتولى العملية من أولها حتى نهايتها، فإن الاتحاد الأوروبي سيطلب من شركاته طلب الإذن من الحكومات المعنية التي سيكون دورها الحصول على ضمانات من المعارضة السورية.

ولم تتضح حتى الآن طريقة العمل بعائدات الصادرات النفطية: فهل ستتسلم المعارضة العائدات النفطية لتتصرف بها كيفما شاءت، أم أن العائدات ستخصص لمشتريات الاحتياجات الأولية من أغذية وأدوية وخلافها على شاكلة ما حصل مع العراق أيام برنامج النفط مقابل الغذاء.

وواضح أن الأوروبيين يريدون من هذا التدبير تخفيف العبء السوري عنهم عن طريق إعادة تشغيل الإدارات، ودفع الرواتب، والاهتمام بالمهجرين في الداخل والخارج، وكلها تتطلب مبالغ مرتفعة.

ولن يكون شراء النفط من معارضة سابقة في تاريخ العلاقات الدولية؛ إذ سبق أن تمكن المجلس الانتقالي الليبي من التصرف بالودائع الليبية في الخارج إبان الثورة المطالبة بإسقاط نظام العقيد معمر القذافي، لكن الغربيين لم يصلوا بعد إلى هذه المرحلة في الحالة السورية.

لكن الخارجية السورية أكدت في رسالتيها أنه «لا يحق للاتحاد الأوروبي أو أي جهة كانت اتخاذ أي تدابير من شأنها المساس بالحقوق السيادية للدول على مواردها الوطنية، بل إن دول الاتحاد تجاوزت ذلك إلى حد السماح بإمكانية استثمار هذه الموارد لصالح فئة تدعي أنها معارضة وتمثل الشعب السوري، بينما هي لا تمثل سوى أصحابها ومصالحهم المرتبطة بالخارج».

واعتبرت الرسالتان أن قرار الاتحاد الأوروبي غير قانوني، و«يرقى إلى صفة العمل العدواني، ويشكل مشاركة في سرقة ثروات عائدة للشعب السوري صاحب السيادة على هذه الموارد التي هي حق للشعب، ممثلا بحكومته الشرعية القائمة».

وقالت الرسالتان إن دمشق «ستمارس حقها الطبيعي في اتخاذ الإجراءات الضرورية للحفاظ على سيادتها وعلى مواردها الطبيعية في وجه محاولات القرصنة والنهب»، وطالبتا مجلس الأمن «باتخاذ ما يلزم لضمان منع تطبيق هذا القرار غير الشرعي المتناقض مع أحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة».

وبموازاة الملف النفطي، يبدو أن موضوع رفع الحظر عن السلاح إلى المعارضة السورية أخذ «يتحرك» بعد أن خفضت ألمانيا من معارضتها الجذرية.

وتقول باريس إنها إن لم تحصل على الضمانات التي تريدها من المعارضة السورية مع نهاية شهر مايو (أيار) المقبل، موعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد لاتخاذ قرار بخصوص العقوبات والحظر على السواء، فإن ثمة «خيارات مطروحة» ما بين الإبقاء على الحظر ورفعه.

وبحسب المعلومات المتوفرة لـ«الشرق الأوسط»، فإن الاحتمال الأقرب أن يقرر الأوروبيون أن يسمحوا لمن يريد من بلدانهم تزويد المعارضة بأسلحة «دفاعية». ومن شأن قرار كهذا أن يطمئن، من جهة، الدول المترددة أو الممانعة التي تخشى وقوع أسلحة متطورة في «الأيدي الخطأ»، ويوفر، من جهة أخرى، فترة لمراقبة كيفية حصول الأمور ميدانيا.

يشار إلى أن باريس ومعها لندن تؤكدان أن الغرض من رفع الحظر «لم يتغير»، وهو الدفع باتجاه «تسوية سياسية».. الأمر الذي لن يتحقق طالما اعتقد نظام الأسد أنه قادر على الانتصار ميدانيا.