إسرائيل: الأسد استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه بشكل مؤكد

النظام السوري يقترب من نهايته والدولة تتفكك

TT

خرج أكثر من مسؤول إسرائيلي، أمس، ولأول مرة، بتصريحات قاطعة جزموا فيها بأن الجيش السوري استخدم السلاح الكيماوي في حربه ضد المعارضة. وأكدوا خلال مؤتمر عقده مركز دراسات الأمن القومي في تل أبيب، خصيصا، لتقييم الأوضاع في سوريا، أن الكثير من المواطنين السوريين قتلوا متأثرين بسموم هذا السلاح. وهدد رئيس أركان الجيش، بيني غانتس، سوريا قائلا: «نحن لن ننتظر حتى ينتقل السلاح الكيماوي أو الاستراتيجي إلى حزب الله وغيره من التنظيمات المعادية حتى نتحرك».

وقالت مصادر أمنية، أمس، إن هذه التصريحات لم تأت بالصدفة، بل هي نوع من التحذير، خصوصا أنها ترافقت مع صدور تعليمات جديدة نشرت أمس لرئيس الأركان، غانتس، لتعزيز وتوسيع تدريبات الجيش حول سيناريو نشوب حرب مع سوريا. وأضافت أنه تم نشر قوات معززة ودوريات عسكرية على طول الحدود، و«ذلك في أعقاب التطورات السريعة والخطيرة التي تشهدها سوريا واحتمال استغلال الوضع لنقل أسلحة كيماوية ومتطورة». وهدد غانتس بأن جيشه لن ينتظر نقل الأسلحة إلى حزب الله وجهات معادية أخرى، وسنتحرك بقوة لمعالجة تطور كهذا بكل حدة وصرامة.

وكان أول من تحدث في الموضوع، وبمنتهى الصراحة، في هذا المؤتمر، الجنرال إيتاي بارون، رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، والمسؤول عن التقديرات الاستخباراتية التي تصل إلى المستوى السياسي في إسرائيل، فقال إن «قوات الرئيس السوري بشار الأسد استخدمت أسلحة كيماوية قاتلة ضد الثوار السوريين»، محذرا من أن عدم تحرك دول العالم في هذا الشأن هو رسالة خطيرة للأسد، يفهمها على أنها ضوء أخضر ليستخدم هذا السلاح. وأضاف أن «النظام السوري الحالي يقترب من نهايته»، وأن «الظاهرة البارزة في سوريا الآن هي تفكك الدولة، إذ نرى أن الأسد يتنازل عن أقسام كبيرة في سوريا، ويفضل جمع قواته». وذكر أن مناطق كثيرة وقعت تحت سيطرة الثوار، وأن «70000 سوري قتلوا حتى الآن، وأن 1000 سوري يقتلون في الأسبوع».

وتابع الجنرال الإسرائيلي، الذي تحدث باسمه الصريح ورتبته، مما يعني أنه يعبر عن موقف الجيش برمته: «يستعمل الأسد في حربه ضد الثوار صواريخ أرض/ أرض، ونرى أن روسيا تمده بأسلحة جوية متقدمة، مما يزيد من قدراته الجوية». وأضاف: «لقد استخدم الأسد أسلحة كيماوية ضد الثوار، تحليلنا للصور التي وصلت من سوريا تدل على آثار استخدام أسلحة كيماوية فتاكة من نوع (سيرين)، وهناك أيضا استخدام لأسلحة كيماوية تسبب الإعاقة الجسدية».

وكشف بارون عن أن الأسد يملك 1000 طن من المواد الكيماوية، قائلا: «ثمة أمران مقلقان فيما يتعلق بالسلاح الكيماوي، الأول هو أن دول العالم لم تتحرك بعد أن استخدم الأسد الأسلحة الكيماوية، والثاني هو احتمال وصول هذه الأسلحة إلى أيد غير مسؤولة، أي جهات تتصرف من دون حسابات ربح أو خسارة». وتابع أن إيران وحزب الله يمارسان ضغوطا على الأسد كي ينقل إلى حزب الله أسلحة متقدمة.

وكان رئيس مركز الدراسات المذكور، الجنرال عاموس يدلين، الذي شغل حتى قبل سنتين منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، قد انتقد سياسة الحكومة الإسرائيلية «التي لم تدرك بعد أن الأسد يشكل خطرا على المنطقة، كونه متحالفا مع إيران، التي تهدد العالم كله، ويقوي تحالفه مع حزب الله اللبناني، الذي يتربص بإسرائيل مزودا بترسانة أسلحة ضخمة». وقال يدلين إن سقوط بشار الأسد ونظامه، هو في مصلحة إسرائيل لأنه ينطوي على أمر جوهري أساسي، هو: انهيار الأسد يعني تفكك محور الشر الإيراني وضعف قدرات حزب الله وإبعاد شبح حرب مع سوريا.

وكان الجنرال الإسرائيلي بارون، قد أسهب في الشرح عن التحولات السياسية التي عصفت في منطقة الشرق الأوسط، قائلا إن «الأحزاب الدينية هي الرابحة من التحولات التي شهدتها المنطقة». وأشار إلى أن «الدين أصبح ذا ثقل في اتخاذ القرارات السياسية». وقال إن المنطقة تشهد صعود معسكر الدول السنية، و«رغم أن هذا المعسكر معاد لإسرائيل، فإنه يشكل تحديا فكريا وسياسيا لمعسكر المعارضة التقليدي». وفي موازاة صعود المعسكر السني، «نرى أن المحور الراديكالي يقاتل من أجل البقاء. وأهم أسباب ضعف هذا المحور هو ابتعاد حماس عنه وعودتها إلى حضن الإخوان المسلمين، وضعف نظام الأسد».

وأشار إلى أن الرأي العام في دول الربيع العربية ما زال مشتعلا، مضيفأ إن «شباب الثورة فشلوا في ترجمة حضورهم الغفير في الميادين وفي (فيس بوك) إلى قوة سياسية». وتابع: «رغم التحولات السياسية، نرى أن رجال السياسة القدماء ما زالوا يسيطرون على زمام الأمور». لكنه نبه إلى أن «مطالب الشارع لم تختف، خاصة المطالب الاقتصادية، والأحزاب الدينية المسيطرة على الحكم تواجه صعوبة كبيرة في تلبية هذه المطالب، لكنها تستجيب الآن أكثر إلى وقع الرأي العام».