تونس: «لجنة خبراء» لتصويب نص الدستور الجديد

ينتظر عرضه للمصادقة أمام البرلمان نهاية الشهر الجاري.. وخبير في القانون الدستوري يغادر اللجنة

TT

أعلن قيس سعيد الخبير التونسي في القانون الدستوري، عن مغادرته لجنة الخبراء التي تم الإعلان عن تركيبتها بداية هذا الأسبوع، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن المسألة سياسية بالأساس، ولا توجد أي مسائل غامضة أو مستعصية ضمن نسخة الدستور التونسي الجديد تستوجب لجنة كاملة من الخبراء.

واعتبر أن التحفظات التي قدمها إلى رئاسة المجلس التأسيسي (البرلمان) كافية لتصويب الصياغة القانونية واللغوية لنص الدستور الجديد.

وكان من المفترض أن توكل للجنة الخبراء مهام تصويب وتبويب فصول الدستور التونسي الجديد، وتدقيق لغته القانونية بشكل يبعد التأويلات ويوضح النقاط الغامضة. ومن المنتظر أن يتم عرضه على الجلسة العامة للمجلس التأسيسي (البرلمان) المنتظر عقدها نهاية شهر أبريل (نيسان) الجاري، كما أعلن عن ذلك مصطفى بن جعفر رئيس المجلس.

وقد حدد القانون المنظم للسلط العمومية (الدستور الصغير) مدة صياغة الدستور بسنة بداية من 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، تاريخ إجراء انتخابات المجلس التأسيسي (البرلمان)، إلا أن التجاذبات السياسية والخلافات حول فصول الدستور بين «الترويكا» الحاكمة وأحزاب المعارضة، أجلت أمر الحسم النهائي في الدستور في أكثر من مناسبة.

وكان من المقرر أن يعلن المجلس التأسيسي (البرلمان) عن تركيبة لجنة الخبراء يوم 16 أبريل الجاري، إلا أن الخلافات الحادة حول الشخصيات المنضمة إلى اللجنة أخرت الإعلان عن هذه اللجنة.

وتسعى حركة النهضة إلى التنصل مما سمته قياداتها «ديكتاتورية الخبراء» التي قد تلغي دور أعضاء المجلس (نواب الشعب التونسي) كمنتخبين ضمن هيكل يحظى بالشرعية.

وبعد سلسلة من الاجتماعات الماراثونية بين أحزاب الائتلاف الثلاثي الحاكم (الترويكا) بقيادة حركة النهضة وأحزاب المعارضة، أمكن التوصل إلى قائمة نهائية من الخبراء في المجالات القانونية سيكونون «لجنة الخبراء»، وهم عياض بن عاشور، وقيس سعيد، وشفيق صرصار، وعبد المجيد العبدلي، ومبروك بن موسى، وليلي الشيخاوي، وأحمد السوسي، وسامي الجربي، وكلهم من أساتذة القانون في الجامعة التونسية.

كما تم الاتفاق وسط انتقادات متعددة على دور هذه اللجنة ومدة عملها وحدود تدخلها، على الاستئناس بآراء خبراء في اللغة العربية لتدقيق فصول نص الدستور الجديد، وتشمل القائمة عبد اللطيف عبيد وزير التربية السابق، ونذير بن عمو وزير العدل الحالي (من سلك القضاء)، والمختار السلامي مفتي الجمهورية التونسية السابق.

ولقيت تركيبة «لجنة الخبراء» انتقادات متعددة من قبل أحزاب المعارضة التي اتهمت «الترويكا» الحاكمة بمحاولة تعطيل صياغة الدستور من جديد، وإلهاء أعضاء المجلس التأسيسي بمسائل ثانوية، الغاية منها تمديد الخلاف حول الدستور. ورد الائتلاف الثلاثي الحاكم على تلك الاتهامات بالقول إن اللجنة إجراء ضروري للقضاء على كل أسباب التأويل.

وفي هذا الشأن قال سمير بن عمر القيادي في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وعضو المجلس التأسيسي لـ«الشرق الأوسط»، إن الغاية من تشكيل لجنة للخبراء ليست إعادة كتابة نص الدستور بقدر ما تهدف العملية إلى الحد من كل أسباب التوتر والخلاف قبل عرض نص الدستور على التصويت والمصادقة النهائية على كل الفصول. ويضيف موضحا: «لا يمكن أن يكون الأمر عبارة عن تدخل في محتوى النص أو الانطلاق من جديد في صياغة الدستور» فهذا ما لا يمكن حدوثه، على حد قوله.

وكان عياض بن عاشور أستاذ القانون الدستوري بالجامعة التونسية، قد انتقد في تصريحات سابقة مسودة الدستور التونسي، وقال إنها «ليست واقعية ولا تتسم بالدقة». وأضاف أن صياغتها تفتح الباب لتأويلات خطيرة مناهضة للحريات.

ومن ناحيته، أشار حاتم الشعبوني القيادي في حركة التجديد المعارضة (الحزب الشيوعي سابقا) لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «العملية تدعو إلى الدهشة؛ إذ كلما اقتربنا من خط النهاية وتجاوزنا نقاطا خلافية على غرار اعتماد الشريعة كنص للتشريع من عدمه، وهوية التونسيين من خلال الفصل الأول من الدستور، إلا واجتهدت بعض الأطراف السياسية في إيجاد نقطة جديدة للخلاف وإبادة الوقت»، على حد تعبيره.

واعتبر أن الأمر مخالف للشرعية الانتخابية التي يحظى بها أعضاء المجلس التأسيسي، من خلال انتخابهم عبر صناديق الاقتراع. وقال إن المجلس يعج بالكفاءات القانونية التي بإمكانها مراجعة النص دون حاجة أكيدة لـ«لجنة الخبراء».