إسرائيل تتراجع عن اتهام الأسد باستخدام الكيماوي بعد غضب أميركي

دمشق تتعهد بعدم استخدامه ضد تل أبيب

TT

تراجعت إسرائيل عن اتهامها لقوات نظام الرئيس بشار الأسد باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، وذلك في أعقاب موقف أميركي غاضب ومشكك في صحة هذا التحليل، الذي يستدعي من واشنطن التدخل في سوريا، لا سيما أنها تعتبر أي استخدام لأسلحة كيماوية في سوريا «خطا أحمر».

وفي هذا الصدد، قال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، إن واشنطن تأخذ الاتهامات الإسرائيلية مأخذ الجد، ولكنها تريد «أدلة قاطعة» قبل اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستمضي قدما في التدخل في سوريا، مضيفا: «لم نتوصل إلى نتيجة تثبت هذا الاستخدام. لكنه أمر يثير قلقا كبيرا لدينا ولدى شركائنا، وبالطبع غير مقبول مثلما أوضح الرئيس باراك أوباما».

وكانت هذه القضية أثيرت عندما أكد الجنرال إيتاي برون، رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، أول من أمس، في مؤتمر لمعهد بحوث الأمن القومي، أن «الأسد استخدم أسلحة كيماوية قاتلة ضد الثوار السوريين».

وفاجأ هذا التصريح الإدارة الأميركية التي تقول إنها لا تملك أدلة كافية لتؤكد حقيقة استخدام أسلحة كيماوية فتاكة في سوريا.

وتعقيبا على تصريحات الجنرال الإسرائيلي، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، في مؤتمر صحافي، إنه لا يملك أدلة تؤكد حقيقة هذه التصريحات، وإنه تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هاتفيا عن التصريحات، لكن الأخير لم يؤكد بدوره ما قاله المستوى الأمني.

ولم يكتف الجنرال الإسرائيلي برون بتصريحه عن استخدام أسلحة كيماوية في سوريا فحسب، بل أضاف أنه أمر مقلق أن «دول العالم لم تتحرك في أعقاب هذا التطور الخطير في سوريا». وأشار إلى أن عدم التحرك هو ضوء أخضر للأسد أنه يستطيع استخدام هذه الأسلحة الخطيرة. وأوضح محللون إسرائيليون يستقون معلوماتهم من مصادر عليا، أن أقوال برون تعني في الدرجة الأولى الولايات المتحدة، لا سيما أن الأخيرة وضعت خطا أحمر للتدخل عسكريا في سوريا، وهو في حال استخدم الأسد أسلحة كيماوية في حربه ضد الثوار.

ولا شك في أن تأكيد إسرائيل على استخدام هذا السلاح في الحرب السورية وضع الإدارة الأميركية في موقف حرج، خاصة أن إدارة أوباما تفضل تدخلا محدودا في الأزمة السورية. واتفق المحللون العسكريون في إسرائيل، أمس، على أن برون لم يصرح بهذه المعلومات الأخيرة سهوا، إنما جاءت تصريحاته محسوبة بعد فحص دقيق. وكما جاء في تقرير لمنظمة «مشروع إسرائيل»، فإن رئيس هيئة الأركان بيني غانتس، ووزير الدفاع موشيه يعلون، كانا على علم مسبق بما قاله الجنرال برون.

وحسب هؤلاء المحللين فإن الأسئلة المفتوحة في هذا الشأن تدور حول التنسيق الأمني بين الولايات المتحدة وإسرائيل فيما يتعلق بالشأن السوري، وكذلك حول التنسيق بين المستوى الأمني في إسرائيل والمستوى السياسي، خاصة أن نتنياهو لم يؤكد تصريحات الجنرال أمام كيري.

وأضاف التقرير أن جوهر الخلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول قضية استخدام السلاح الكيماوي يعود إلى نوع الأسلحة التي استخدمت، وليس إلى حقيقة استخدام أسلحة كيماوية؛ ففي حين أكدت إسرائيل، وعلى وجه التحديد المستوى الأمني فيها، استخدام سلاح كيماوي من النوع الفتاك، وذكر اسم غاز «سيرين»، ترفض الإدارة الأميركية تقديرات أن السلاح هو سلاح كيماوي فتاك، وتدرس إمكانية أنه سلاح من النوع «المعيق». وقال المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» والناطق السابق بلسان الجيش الإسرائيلي، رون بن يشاي، إن تصريحات الجنرال برون جاءت بعلم المستويات الأمنية الرفيعة في إسرائيل، وهي تصريحات لها هدفها، وهو صنع صدى عالمي يدفع الولايات المتحدة إلى مواجهة التطورات الخطيرة في سوريا، والإجابة عن السؤال الملح إن كان الأسد تجاوز الخط الأحمر من المنظور الأميركي أم لا.

وأعرب بن يشاي عن اعتقاده أن نتنياهو يتخذ موقف قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية، لكنه فضل أن لا يحرج الإدارة الأميركية، رادا على سؤال وزير الخارجية الأميركي بأنه غير متأكد.

ونبه محللون إلى أن الخلاف الإسرائيلي - الأميركي حول استخدام أسلحة كيماوية في سوريا، يبعث القلق على مستقبل التنسيق الأمني بين البلدين، خاصة في التحدي الأمني الأكبر في الشرق الأوسط، وهو برنامج إيران النووي الذي يهدد استقرار المنطقة برمتها. وقال هؤلاء إن الولايات المتحدة ستتحرك فقط في حال اقتنعت بنفسها بأن إيران تجاوزت الخط الأحمر في برنامجها النووي، ولن تقبل تقديرات أمنية من دولة أخرى، بما في ذلك إسرائيل.

من جانبه، أكد وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، أن «دمشق لن تستخدم الأسلحة الكيماوية ضد مواطنيها أو حتى في حالة نشوب حرب مع إسرائيل»، وفقا لوكالة «إنترفاكس» الروسية.

وأضاف الزعبي أنه حتى لو كانت سوريا تملك أسلحة كيماوية فلن تستخدمها القيادة والجيش، سواء ضد السوريين أو ضد الإسرائيليين؛ لأسباب أخلاقية في المقام الأول، ثم لأسباب قانونية وسياسية.