جنبلاط يدعو حزب الله لإعادة تصويب بندقيته

سليمان يطالب ولأول مرة بمنع إرسال أسلحة ومقاتلين إلى سوريا

وليد جنبلاط
TT

دعا الرئيس اللبناني ميشال سليمان، في موقف هو الأول من نوعه، إلى «عدم السماح بإرسال أسلحة أو مقاتلين إلى سوريا، أو إقامة قواعد تدريب داخل لبنان»، لافتا إلى أن ذلك «ليس فقط التزاما وتطبيقا لإعلان بعبدا وسياسة عدم التدخل في الشأن السوري، ولكن أيضا لتحصين الوحدة الوطنية اللبنانية وتجنيب العيش المشترك أي اهتزاز أو اضطراب».

ويأتي موقف سليمان على خلفية مشاركة حزب الله في القتال الدائر في سوريا، إلى جانب النظام، وتحديدا في ريف دمشق وحمص، وغداة دعوة عدد من القادة السلفيين، وفي مقدمتهم إمام مسجد التقوى في طرابلس الشيخ سالم الرافعي، وإمام مسجد بلال بن رباح في مدينة صيدا، أنصارهما للمشاركة في القتال إلى جانب المعارضة السورية في القصير.

وتتصاعد الخشية في لبنان من مشاركة أطراف لبنانية في النزاع الدائر في سوريا، بموازاة التصعيد السياسي والأمني الخطير على الحدود اللبنانية السورية. ويقول مدير مركز كارنيغي الدكتور بول سالم لـ«الشرق الأوسط»، إن «تداعيات هذه المشاركة قد تكون كثيرة وكبيرة، إذ إنها من الناحية السياسية ترفع منسوب التوتر بين الأطراف اللبنانية، المتوترة علاقتها أصلا بسبب انقسامها بين مؤيد ومعارض للنظام السوري». وذكر سالم بـ«التوافق الذي كان موجودا داخل الحكومة السابقة على سياسية النأي بالنفس» التي وفرت في العامين الأخيرين نوعا من الأرضية المشتركة ومكنت البلد من تفادي مطبات كبيرة، لافتا إلى أن «مشاركة حزب الله خلال تلك الفترة كانت محدودة إلى حد بعيد، لكن مع بدء معركة القصير باتت مشاركته مباشرة، خصوصا أن لها علاقة بخطوط استراتيجية في الشام واللاذقية وطرطوس».

وأكد أن تدخل الحزب في سوريا «يكسر الإجماع الوطني، ويشجع أطرافا من الفريق الآخر، على غرار الشيخين الأسير والرافعي على أخذ مواقف موازية ومضادة، وهذا أمر خطير بحد ذاته، خصوصا ليس هناك حكومة في لبنان في الوقت الراهن، ولا اتفاق على قانون انتخاب، ما يجعل الساحة اللبنانية في مهب الريح». ويبدي مدير مركز كارنيغي خشيته من أن «يجر تدخل أطراف لبنانية في النزاع السوري الداخلي، الذي تشترك فيه جهات إقليمية ودولية، الصراع الخارجي إلى داخل لبنان، بما يزعزع أو يدمر الاستقرار الهش الذي حافظنا عليه في السنتين الأخيرتين». ويشدد على وجوب أن يحتفظ حزب الله بدوره في مقاومة إسرائيل، والذي يلقى إجماعا حوله من الأطراف اللبنانية كافة.

وفي سياق متصل، طالب رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط حزب الله، بإعادة توجيه بندقيته إلى إسرائيل، مؤكدا في الوقت عينه رفض الدعوات للجهاد في سوريا. وقال جنبلاط، في موقفه الأسبوعي لمجلة «الأنباء» الإلكترونية، الصادرة عن حزبه، إنه «مع تفاقم الوضع السلبي في سوريا والانغماس اللبناني في هذا المستنقع، تبرز مجددا ضرورة إعادة الاعتبار لسياسة النأي بالنفس»، متمنيا: «على المقاومة التي قدمت المئات من الشهداء في سبيل تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي وحققت انتصارا تاريخيا في هذا المجال بتحقيق الانسحاب العسكري الإسرائيلي دون قيد أو شرط في سابقة لم تسجل من قبل، أن تعيد تصويب بندقيتها في هذا الاتجاه دون سواه».

وشدد جنبلاط على أنه «إذا كانت الدعوة موجهة لحزب الله للامتناع عن المشاركة في القتال في سوريا، فإن الدعوات المقابلة للجهاد في سوريا مستنكرة ومرفوضة بدورها، مؤكدا تلاقيه مع الموقف الذي أعلنه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، لناحية اعتباره أن هذه الدعوات وذاك القتال من شأنهما تأجيج الاحتقان الداخلي اللبناني من دون إحداث تغيير يذكر في الداخل السوري .

وفي حين رأى أن هذه الدعوات تصب في خدمة النظام السوري الذي لطالما امتهن استخدام ما يسمى القاعدة لتبرير حربه على شعبه وانقضاضه عليه كما هو حاصل منذ انطلاق الثورة، شدد جنبلاط على أن الشعب السوري ليس في حاجة لجهاديين من لبنان أو الخارج لدعم نضاله الملحمي. وقال، إن «كل ما يحتاجه هو خروج المجتمع الدولي من حالة التخاذل وقيامه بتقديم الدعم المطلوب للمعارضة لتغيير الواقع الميداني على الأرض بدل الاكتفاء بالبيانات والخطابات والاجتماعات غير المنتجة، وبدل السعي خلف مساعدات غير فتاكة من هنا أو هناك».

سوريا، أكد المنسق السياسي والإعلامي للجيش السوري الحر لؤي المقداد رفض الجيش الحر دعوة الأسير والرافعي إلى القتال في سوريا، ردا على مشاركة عناصر حزب الله في معارك ريف القصير. وقال، بحسب ما نقلته عنه وكالة الصحافة الفرنسية: «نحن في القيادة المشتركة العليا نشكرهما، لكننا نرفض أي دعوة للجهاد في سوريا ونرفض أي وجود للمقاتلين الأجانب من أي مكان أتوا»، مذكرا بأننا قلنا مرارا إن ما ينقصنا في سوريا هو السلاح وليس الرجال.

وميدانيا، ذكرت لجان التنسيق المحلية في سوريا أن الطيران النظامي شن غارات جوية على قرى السلومية، وكمام، والشومرية، في القصير، ما أسفر عن دمار واسع فيها. وذكرت قناة «روسيا اليوم» عن مراسلها إن مدينة القصير والقرى المحيطة لا تزال المسرح الأبرز للعمليات العسكرية بين الجيش النظامي ومقاتلي الجيش الحر، مؤكدا أن الجيش النظامي استطاع فرض سيطرته على معظم قرى غرب نهر العاصي.