الأمين العام لـ«مجلس أمناء الثورة» بمصر: النظام السابق ما زال يسيطر على مفاصل الدولة

صفوت حجازي لـ «الشرق الأوسط»: أدعو الرئيس لإنشاء محاكم ثورية وحرس وطني

د. صفوت حجازي («الشرق الأوسط»)
TT

دعا الدكتور صفوت حجازي، الأمين العام لمجلس أمناء الثورة المصرية، الرئيس محمد مرسي لإنشاء «محاكم ثورية» و«حرس وطني» تحت إشراف الشرطة والجيش، في محاولة لإنقاذ حكم الرئيس والتيار الإسلامي الذي ينتمي إليه، قائلا إن قوى داخلية وخارجية تحاول إفشال أي مشروع للحكم يسعى لإعادة الخلافة الإسلامية. وأضاف حجازي، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن النظام السابق ما زال يسيطر على مفاصل الدولة في مصر، خاصة في وسائل الإعلام والأمن والقضاء.

وتشكل «مجلس أمناء الثورة» في ميدان التحرير مع بداية الانتفاضة ضد حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وأشرف على غالبية المظاهرات الضخمة التي شهدها الميدان، بما في ذلك الاحتفال بفوز مرسي وأدائه للقسم في التحرير الصيف الماضي.

وقال حجازي الذي دعم مرسي بقوة خلال الانتخابات، وهو داعية إسلامي، واشتهر بترديد هتاف «على القدس رايحين شهداء بالملايين»، إنه بعد نحو 10 أشهر من فوز مرسي بالرئاسة، ما زال النظام القديم موجودا، وأضاف: «ليس لدينا نظام جديد لكي نقول إن (الإخوان) أو الإسلاميين فشلوا في إدارة البلاد». وإلى أهم ما جاء في الحوار.

* هناك اتهامات من جانب جماعة الإخوان بأن هناك فلولا يعملون على تخريب التجربة الإسلامية في الحكم، وهناك اتهامات أخرى من جانب بعض التيارات تقول إن «الإخوان» فشلوا في إدارة الدولة.. كيف ترى المشهد الحالي في مصر؟

- بعيدا عن «الإخوان» وبعيدا عن الفلول، أنا أرى المشهد كرأي يعبر عني شخصيا، وهو أن هناك ثورة مضادة نشطة جدا. وهذه الثورة المضادة كانت في وقت من الأوقات تتكون من الفلول فقط وبقايا النظام السابق، والمستفيدين من النظام الماضي، ثم انضم إليهم مجموعة من اليساريين والشيوعيين والاشتراكيين والناصريين الذين يكرهون «الإخوان» أو يكرهون المشروع الإسلامي.. واجتمعوا على منفعة واحدة ومصلحة واحدة وهي التخلص من رجل اسمه «محمد مرسي» أو إفشال هذا المشروع الإسلامي. القضية ليست قضية إخوان، بل القضية قضية أناس يدعون إلى مشروع إسلامي يرون أنه يجب أن يجرب في مصر؛ كما جربت الاشتراكية والناصرية والعلمانية.

* نعم.. لكن الرئيس مرسي و«الإخوان» في الحكم، فما المانع من تطبيق السياسات التي يرونها؟

- أنا أرى أن «الإخوان» لا يحكمون. الآن، مصر لا يحكمها أحد.. ليس هناك نظام جديد في مصر، ولكن هناك رئيس جديد يحكم مصر، وعنده كل النظام القديم ما زال موجودا، وغير قادر على التخلص منه؛ أو ربما هو يؤجل التخلص منه، لا أعرف.. لكن الذي يحكم مصر فعليا ويتحكم في أمور مصر فعليا هو النظام القديم، وهم الذين يتحكمون في مفاصل الدولة.

* لكن، يوجد مجلس تشريعي (الشورى) يحوز الأغلبية في التيار الإسلامي عموما، وجماعة الإخوان خصوصا؟

- إذا كانت الأغلبية في مجلس الشورى إسلامية أو من «الإخوان»، إلا أن هناك جهات كثيرة جدا تقف أمام هذا المجلس وترفضه وتعرقله. نحن ليس لدينا نظام جديد لكي نقول إن «الإخوان» فشلوا أو الإسلاميين فشلوا في إدارة البلاد.

* في رأيك، في أي مكان تحديدا يمكن أن نرى ملامح تحكم النظام القديم في الدولة حاليا، كما تقول؟

- في كل مكان في الدولة.. وأنا أحدد ثلاث جهات رئيسة، أو ثلاثة رؤوس حربة رئيسة ضد الثورة، وهي الإعلام والقضاء والداخلية.

* مع أن الداخلية يتهمها البعض في الفترة الأخيرة بأنها تعمل لصالح «الإخوان»؟

- هذا كلام غير صحيح إطلاقا. من يقول مثل هذا الكلام فهو لا يفهم شيئا. لا يفهم أن وزارة الداخلية وكل الأجهزة الأمنية والسيادية في مصر كانت تربى على عقيدة قتالية وعلى عقيدة أن هناك عدوا للمصريين وعدوا للنظام اسمه الإسلاميون. وتربوا على هذه العقيدة طوال سنوات، ولا أعتقد أنه يمكن أن يتخلوا عنها خلال سنتين.

* لو كنت في موقع الرئيس وقيادات جماعة الإخوان، ماذا كنت ستفعل وأنت ترى هذه العراقيل التي تحدثت عنها؟ وهل الجماعة قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة؟

- لو كنت في هذا المكان، لكنت أقمت محاكم ثورية، ولا بد من إيجاد قانون جديد يحاكم هؤلاء الفاسدين، ولا يمكن أبدا أن نحاكم أبناء مبارك وأتباع مبارك ومبارك نفسه، بقانون هو الذي وضعه. لا بد من تطهير كل أجهزة الدولة، وعلى رأسها القضاء والإعلام. ولا يقول لي أحد إن القضاء لا يحتاج إلى تطهير. كل كيانات الدولة تطرق إليها الفساد في عهد مبارك، حتى العلماء والشيوخ. فالقضاء ليس على رأسه ريشة (مميزا) حتى يقال إنه لا يوجد فيه فساد. لا بد أن يكون هناك قانون جديد لتطهير هذا القضاء، ولا بد من أجهزة أمنية جديدة تنفذ وتنقذ هذه الثورة. هناك فرق بين الإصلاح الثوري والإصلاح بالتغيير. كان لا بد أن يكون هناك إصلاح ثوري.

* حسنا.. الآن، لم يحدث إصلاح ثوري منذ البداية، وأصبح يوجد رئيس منتخب يعمل من خلال مؤسسات قائمة، فأين المخرج في رأيك؟

- ما زال في يد هذا الرئيس المنتخب الإصلاح الثوري أكثر من أي أحد آخر. وما زلت مصرا على أنه يجب أن تكون هناك محكمة ثورة ونيابة ثورة، ويجب أن يكون هناك قانون ثوري، وفعاليات ثورية.. يجب أن تكون هناك أجهزة أمنية تحمي هذه الثورة.. وأنا لا أقصد بالأجهزة الأمنية هنا المخابرات أو غيرها، لذلك أنا أقترح أن تكون هناك قوات للدفاع الشعبي من المجندين المصريين ويكونوا تحت قيادة مجموعة من ضباط الجيش ووزارة الداخلية، بحيث تكون شرطة جديدة.

* هل تعني بهذا إنشاء جهاز يشبه «الحرس الوطني» المعمول به في الولايات المتحدة وفرنسا؟

- نعم..

* وهل تقدمت بمثل هذا الاقتراح لأي جهة في مصر؟

- نعم.. تم تقديم المشروع، وهو اقتراح مني، عن طريق مجلس أمناء الثورة، إلى الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء الأسبق، وتم تقديمه أيضا إلى الرئيس محمد مرسي.

* وهل تلقيت أي رد سواء بالموافقة أو بالرفض؟

- لا..

* يقال في تل أبيب إن التعاون الأمني مع مصر في فترة حكم الرئيس مرسي، أصبح كبيرا. ما تفسيرك؟

- أولا أنا لا أصدق مثل هذه التصريحات.. حين يخرج شخص يهودي أو صهيوني بتصريح ونحن نعلم أن العدو الأول لهم في الكون هو مصر، فهو يريد أيضا أن يفشل هذه التجربة بوسائله، ومن ضمن هذه الوسائل التصريحات الكاذبة.

* وما رأيك فيما يتردد عن أن الولايات المتحدة، الأقرب إلى إسرائيل، تساند الرئيس مرسي؟

- أولا، لم يكن لأي مخلوق فضل على الثورة المصرية، لا أميركا ولا غيرها. ولم يساعدنا في هذه الثورة أحد. هذه ثورة الشعب المصري، والفضل الوحيد فيها يرجع لله عز وجل. وكلنا كنا متابعين.. مبارك هو الصديق الصدوق لأميركا وإسرائيل، ولا يمكن أبدا أن يضحوا به. ثانيا، كل ذي عين يعلم جيدا أن أميركا تبحث عن مصلحتها، فإذا كانت مصلحتها مع الإخوان المسلمين، فإنها ستتودد إليهم. وأنا لا أتصور أبدا أن من مصلحة أميركا وجود نظام حكم إسلامي وسطي يريد أن يعيد الحضارة الإسلامية ويريد أن يعيد الخلافة الإسلامية، ويريد أن يعيد وحدة المسلمين مرة أخرى.

* كيف تنظر للرأي الذي يقول إن الرئيس مرسي، وبدلا من حالة الاحتقان الجارية في مصر، يمكنه أن يجمع المعارضين حوله، بمن فيهم بعض منافسيه السابقين في الانتخابات الرئاسية، من أجل قيادة المركب معا في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد؟

- أنا لو رأيت أن في المركب مجموعة من الخونة، لا يمكن أن أبقى في هذا المركب. فإذا جمع محمد مرسي في المركب مجموعة من الخونة، سيقفز منها كثير من الثوار وكثير من الوطنيين والمخلصين.

* ما رأيك في أن «حركة 6 أبريل» مثلا كانت مؤيدة لانتخاب الرئيس واليوم تعارضه؟

- أنا لا أتكلم عن «6 أبريل» ولا عن أشخاص بأعينهم. لكن أنا أناشد الدكتور محمد مرسي أن يجمع كل القوى الثورية التي كانت في ثورة «25 يناير»، وأن يضمها إليه. وهذا لا يمكن أن يشمل الخونة وبقايا النظام السابق والمعارضة التي تدين بالولاء لقوى خارجية وتحمل أجندات خاصة.

* لكن، ألا ترى أنه حتى حزب النور السلفي ابتعد قليلا عن الرئيس بعد أن أيده في الانتخابات أيضا، خاصة بعد تقارب مرسي مع إيران؟

- أولا، لا بد أن نعلم أن السلفيين ليسوا كيانا واحدا وليسوا هيكلا واحدا. أنا مثلا سلفي، ولكني لا أتفق أبدا مع حزب النور، وهو ليس الذي يمثل السلفيين. لدينا 7 أحزاب سلفية أخرى، منها نحو 6 أحزاب ما زالت تؤيد الرئيس مرسي. لكن إذا كانت القضية الشرعية تستغل من أجل مكاسب سياسية، فهذه تكون مشكلة سواء من حزب النور أو الإخوان المسلمين أو أي تيار آخر.

* بالنسبة لمجلس أمناء الثورة، من كان معكم، ثم خرج؟

- بعد انتخاب الرئيس مرسي، أصبح لفعاليات الثورة منحى آخر، وكانت معنا ائتلافات ثورية متنوعة خرجت وكونت أحزابا وكيانات، منها «التيار المصري» وحزب «العدل» و«الاشتراكيون الثوريون» وحزب «الثورة المصرية». وانقسمت حركة 6 أبريل إلى قسمين وأصبح لكل قسم طريق. لكن المشكلة الأكبر من ذلك هي ظهور كيانات لا علاقة لها بالثورة إطلاقا، ولم تشارك في الثورة، بل معظمهم من الثورة المضادة ظهروا وأصبحوا يتكلمون باسم الثورة ويأخذون ألقابا ثورية.

* هل تعتقد أن الشارع يمكن أن يفرز قوى ثورية جديدة قد تسبب مشكلة لنظام الحكم الحالي؟

- لا.. إطلاقا. الشعب المصري اجتمع بعد 50 سنة من الظلم، وقام بثورة «25 يناير». ونجاح الثورة يعود إلى أنه لم يقم بها طائفة معينة أو جماعة معينة أو فرقة معينة.. بل كل الشعب. ولذلك، لا أعتقد أنه يمكن أن تقوم ثورة جديدة، خاصة أن الرئيس مرسي لم يمض من حكمه إلا نحو عشرة أشهر.

* وما مدى إمكانية استجابة الرئيس للوساطة الغربية لحل المشاكل السياسية الداخلية بالتفاهم مع المعارضة، التي تمثلها «جبهة الإنقاذ» المكونة من نحو 12 حزبا؟

- أنا شخصيا لا أعترف بـ«جبهة الإنقاذ»، وأنا أحد من أطلق عليها جبهة «الخراب»، ولا أعتبرهم من المنتمين إلى النسيج الوطني في شيء. ما علاقة هؤلاء بالثورة، ومن أين يعيشون ومن أين يمولون؟ باستثناء بعض الأشخاص. كل الأحزاب التي كانت موجودة قبل الثورة، ما علاقتها بهذه الثورة. ألوم وأعيب على الدكتور محمد مرسي أن يعير «جبهة الإنقاذ» اهتماما أو يجتمع بها. هناك أحزاب رسمية موجودة، فليجتمع بهذه الأحزاب ويتحاور معها، لا أن يتحاور مع مجموعة من الأشخاص، كل هدفهم إسقاط هذا الرئيس حتى لو سقطت مصر. ولو كانت لديهم شعبية فلينزلوا الانتخابات.

* صفوت حجازي في سطور

* من مواليد 21 أبريل (نيسان) 1963 بمحافظة كفر الشيخ.

* حفظ القرآن في سن مبكرة وتدرج في الدراسة حتى التحق بمدرسة لطفي السيد الثانوية العسكرية بمحافظة الجيزة.

* تخرج في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية قبل أن يعود للإقامة بالقاهرة.

* انتقل للعمل في السعودية حتى عاد لمصر عام 1998.

* اشتهر بطلب العلم الديني منذ الصغر، وبدأ مزاولة النشاط الدعوي بمصر منذ أواخر تسعينات القرن الماضي.

* أصبح من الوجوه التلفزيونية المعروفة على نطاق واسع أثناء وبعد الانتفاضة التي أطاحت بحكم مبارك من خلال مجلس أمناء الثورة.

* متزوج ولديه ثلاث بنات وولد.