تغريدة مزيفة عن انفجار بالبيت الأبيض تثير الرعب وتسبب خسائر بـ 200 مليار دولار

«الجيش السوري الإلكتروني» يعلن مسؤوليته عن الاختراق والمباحث الأميركية تحقق في الحادث

TT

تعرضت وكالة «أسوشييتد برس» الإخبارية لهجمة قرصنة على حسابها على «تويتر» ظهر أول من أمس، وخرجت رسالة مزيفة على حساب الوكالة (التي يتبعها مليونا مشترك) بأن البيت الأبيض تعرض لانفجار وأن الرئيس الأميركي باراك أوباما أصيب في الانفجار.

وخلال دقيقتين، تمت إعادة إرسال الرسالة أكثر من 5 آلاف مرة، وأثارت التغريدة ذعرا بالأسواق وبورصة نيويورك. وقبل سحبها من «تويتر» والإعلان عن أنها رسالة مزيفة، كان مؤشر «داو جونز» قد انخفض 143 نقطة (من 14.697 إلى 14.554)، وتراجعت مؤشرات «ستاندر آند بورز» و«ناسداك»، والعقود الآجلة على النفط الخام، وانخفض التداول على سندات الخزانة الأميركية لأكثر من أربع نقاط. وخلال دقيقتين، خسرت الأسواق الأميركية أكثر من 200 مليار دولار.

وقد ادعت جماعة - قالت عن نفسها إنها «الجيش السوري الإلكتروني» - أنها المسؤولة عن الاختراق على حساب «أسوشييتد برس» على «تويتر». وقالت إنها فعلت ذلك احتجاجا على تغطية وسائل الإعلام الأميركية للمعارضة السورية. وقال موقع على الإنترنت، يتبع الجيش السوري الإلكتروني، أن وسائل الإعلام الغربية تختلق الأخبار عن المعارضة السورية، ولذا قررت تلك الجماعة معاقبة وسائل الإعلام الغربية، من خلال اختراق موقع وكالة «أسوشييتد برس» وبث خبر أن الرئيس أوباما أصيب في هجوم على البيت الأبيض. وأعلنت الجماعة أنها قامت باختراق مماثل لشبكة «بي بي سي» ونشر أخبار كاذبة وعلى حساب شبكة «سي بي إس» وبرنامج «60 دقيقة» الأسبوع الماضي.

ويجري مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقا حول الحادث ولم يتأكد بعد من مسؤولية تلك الجماعة. وأوضحت جيني شيرر، المتحدثة باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي بواشنطن، أن التحقيقات مستمرة، وامتنعت عن إعطاء تفاصيل عن هوية المخترقين.

وقال المتحدث باسم «أسوشييتد برس»، بول كولفورد، إن الوكالة تقوم بإجراء تحقيقات داخلية لمحاولة العثور على المسؤولين عن ذلك. وأوضح أن هذا الاختراق تم من خلال محاولة تصيد على شبكة البريد الإلكتروني التابع للوكالة. وقال: «تأكدوا أننا نقوم بكل التحقيقات اللازمة، واطمئنوا إلى أن المخترقين لم يتمكنوا من الحصول على أي معلومات أخرى، بخلاف اقتحامهم لشبكة البريد الإلكتروني، وقد قمنا بمحاصرة الشبكة وتأمينها».

ورغم أن المسافة الزمنية بين بث التغريدة المزيفة، والإعلان عن خطأ هذه الرسالة لم يستغرق أكثر من دقيقتين، فإن آثاره كانت مثيرة للفزع. وأسرع البيت الأبيض إلى نفي الخبر ونقل مراسل «أسوشييتد برس» عن جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، تطمينات بأن الرئيس أوباما بخير، وقال كارني: «أؤكد لكم أن الرئيس بخير وقد كنت معه منذ قليل». وأضاف كارني: «هذا هو تذكير بأن وسائل الإعلام الاجتماعية ليست مجرد تبادل أخبار حول تناول وجبة إفطار بين اثنين من المراهقين، وأن لها عواقب وخيمة في العالم الحقيقي».

ووصف أريك هانسادر، المحلل بمؤشر «نانكس»، ما حدث ظهر أول من أمس ببورصة نيويورك قائلا: «أثيرت حالة من الذعر والرعب، والجميع كان يمسك بهواتفه ويحرك أصابعه على الهواتف في رعب، وساد هرج ومرج كبير. وقد انخفضت المؤشرات الرئيسة في لحظات نتيجة تلك الأخبار الزائفة. والمشكلة في الحجم الكبير للخسائر راجع إلى أن كثيرا من الشركات التجارية برمجت أجهزة الكومبيوتر لقراءة الأخبار المقبلة على (تويتر)، والبدء بالتعامل مع الأسهم وفقا لهذه الأخبار، خاصة عندما يكون بالرسالة كلمة مثل انفجار أو تفجير». وأضاف: «جاء الخبر المزيف في الواحدة وثماني دقائق ظهرا، وكان مؤشر (ستاندر آند بورز) للعقود الآجلة يشير إلى 1.573 دولار للعقد، وفي الواحدة وعشر دقائق تراجع إلى 1.557 دولار لكل عقد، لكن بعد تصحيح الخبر وفي الواحدة وأربع عشرة دقيقة ارتفع المؤشر مرة أخرى ليسجل 1.574 لكل عقد».

وأشار هانسادر إلى أن التداولات خلال يوم الأربعاء كانت تتم بشكل طبيعي دون أي تأثر من تغريدة الأمس، وقال: «ربما يدفع هذا الحادث لكي يتأكد الجميع قبل تصديق أي تغريدة، خاصة أن وكالة (أسوشييتد برس) كذبت الخبر، وبالطريقة نفسها استقبلت أجهزة الكومبيوتر خبر الاختراق ونفي التغريدة السابقة، وتعاملت مع الأسهم بسرعة، وهذا هو السبب في تعافي السوق مرة أخرى».

ويعد مؤشر «داو جونر» من المؤشرات المهمة في «وول ستريت»، وهو يقيس الأداء المالي لـ30 شركة أميركية كبرى، وغالبا ما يستخدم كمقياس لصحة سوق الأوراق المالية.

بينما أعلنت لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) أنها ستحقق في التعاملات التجارية كافة التي وقعت منذ خروج التغريدة حتى نفيها. وقال المسؤولون إن الوقت ما زال مبكرا لمعرفة ما إذا كان الأمر خدعة ومحاولة من جانب بعض الأفراد للاستفادة من حالة الارتباك التي سادت البورصة خلال تلك الدقائق القليلة أم لا، وأشار المسؤولون إلى أن هناك مؤشرات تدعم هذا الاحتمال، وقالوا: «يكفي تخيل حجم الأرباح الكثيرة التي يمكن تحقيقها بشراء الأسهم بسعر منخفض وعندما ترتد السوق بيعها بسعر مرتفع».

وقد قامت لجنة الأوراق المالية والبورصات الشهر الماضي بالسماح للشركات بالإعلان عن معلومات حيوية من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية مثل «تويتر» و«فيس بوك»، واستخدام وسائل الإعلام الاجتماعية لتبادل إعلانات الشركات التي يمكن أن تحرك الأسواق.

ويشكل الحادث خطرا أيضا على العلامة التجارية «تويتر» كوسيلة لنقل الأخبار العاجلة، ويبحث مسؤولو شركة «تويتر»، في مقرها بمدينة سان فرانسيسكو، الإقدام على وضع خطوات للتأكد من صحة معلومات المستخدم للتغريدات للحد من تكرار هذه الاختراقات في المستقبل. وأوضحت الشركة أن تلك الخطوات ستكون على غرار شبكة «فيس بوك»، حيث يتم طلب اسم المستخدم وكلمة المرور، إضافة إلى رمز حماية فريد من نوعه لمستخدم الهاتف والرسائل النصبة والبريد الصوتي والتطبيقات على الهاتف الجوال، وفي كل مرة يتم فيها دخول من الهاتف الجوال سيتم إرسال رمز الأمان، وبهذه الطريقة يصعب على المتسللين اختراق الشبكة.

ويقول الخبراء إن تأثير التغريدة كان كبيرا، لأن الولايات المتحدة لا تزال تعيش على أصداء تفجيرات ماراثون بوسطن الأسبوع الماضي. كما أن مخاوف حرب إلكترونية من الأمور التي أصبحت في صدارة اهتمام ومخاوف الإدارة الأميركية، وقد تم رصد حالات كثيرة لهجمات إلكترونية من الصين وكوريا الشمالية ضد مؤسسات وشركات داخل الولايات المتحدة.