مجلس الأمن يبعد المراقبة الدولية لحقوق الإنسان في الصحراء.. ويبقي مهمة «مينورسو» كما هي

جدد طلبه إجراء إحصاء للاجئين ترفضه الجزائر دائما

TT

قرر مجلس الأمن، أمس، الإبقاء على مهام بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو) وأنشطتها كما هي، بعدما تراجعت الولايات المتحدة قبل يومين عن مشروع القرار الذي قدمته مندوبتها الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، السفيرة سوزان رايس، وهو مشروع كان يهدف إلى توسيع صلاحيات «مينورسو» في الصحراء لتشمل مراقبة حقوق الإنسان فيها.

وقال مصدر دبلوماسي مطلع في نيويورك لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار مجلس الأمن «لم يشر، لا من قريب ولا من بعيد، إلى المراقبة الدولية لحقوق الإنسان في الصحراء، ولم يدخل أي تغيير على طبيعة مهام البعثة الدولية».

وأضاف المصدر أن قرار مجلس الأمن شجع أطراف النزاع المعنية على أن يواصل كل منها جهوده الرامية إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان في الصحراء ومخيمات اللاجئين في تندوف (جنوب غربي الجزائر).

وكان لافتا إعادة مجلس الأمن تأكيد طلبه إجراء إحصاء لسكان مخيمات تندوف، مع تشجيعه لأول مرة بذل الجهود في هذا الصدد، وهي جهود موجهة للمفوضة السامية للاجئين وللجزائر، البلد المضيف، وذلك تطبيقا لمقتضيات اتفاقية سنة 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين، لا سيما أن تطبيق هذه الالتزامات، المبنية على اعتبارات إنسانية، أصبح ضروريا أكثر من أي وقت مضى، في ظل حالة انعدام الاستقرار والأمن التي تسود منطقة المغرب العربي والساحل والصحراء.

وفي غضون ذلك، أفاد بيان صدر أمس عن الديوان الملكي المغربي بأن مجلس الأمن «صادق بإجماع أعضائه على القرار المتعلق بالصحراء المغربية. وقرر الإبقاء على مهمة (مينورسو) وأنشطتها كما هي عليه، وفقا للضمانات المقدمة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس من طرف الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى بينهما في 25 أغسطس (آب) من العام الماضي».

واعتبر بيان الديوان الملكي القرار الجديد «امتدادا للقرارات السابقة التي صادق عليها المجلس منذ سنة 2007. ويجدد فيه مجلس الأمن مرة أخرى تأكيد أولوية مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب ومحددات حل سياسي نهائي مبني على الواقعية وروح التوافق».

وذكر البيان أن «هذا القرار توج مسارا تميز بالكثير من المبادرات والاتصالات التي أجراها الملك محمد السادس مع الكثير من رؤساء الدول، بالإضافة إلى الرسائل التي حملها مبعوثو العاهل المغربي إلى مختلف العواصم وكذلك الحملة من أجل شرح الموقف المغربي حول مختلف الجوانب التي شملها قرار مجلس الأمن لسنة 2012 وكذا انتظارات المغرب المتعلقة بقرار سنة 2013».

وأوضح بيان الديوان الملكي أن «هذا المسار رافقته تعبئة قوية لجميع الفاعلين السياسيين والقوى الحية للأمة عكست الإجماع المتجدد والمتواصل حول القضية الوطنية»، مشيرا إلى أن «المملكة المغربية أخذت علما بهذا القرار الذي يؤكد بقوة مقومات الحل السياسي التي لا محيد عنها والذي يحافظ بقوة على أفق واعد لإحياء مسلسل المفاوضات، كما يوضح، بطريقة محددة دقيقة ونهائية، إطار التعامل مع الجوانب الأخرى لهذا النزاع الإقليمي».

وأشار بيان الديوان الملكي إلى أن «مجلس الأمن أوضح بدقة، وحدد الطابع الإقليمي لنزاع الصحراء، من خلال النداء المباشر والخاص الذي وجهه إلى الدول المجاورة من أجل الانخراط بجدية لوضع حد للطريق المسدود الحالي والمضي قدما نحو حل سياسي»، وبذلك، يضيف البيان، «فإن الجزائر تجد نفسها مطالبة بالانخراط في البحث عن حل سياسي لهذا النزاع الإقليمي».

وزاد البيان قائلا إن «هذا القرار يعترف بأن حل هذا النزاع، المعزز بتعاون الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي، سوف يساهم في أمن واستقرار منطقة الساحل. كما أن هذا القرار لا ينطوي على أي مقتضيات تشير، من قريب أو من بعيد، إلى أي مراقبة دولية لحقوق الإنسان في الصحراء المغربية بل يعترف القرار ويشيد كذلك بالخطوات التي خطاها المغرب من أجل تعزيز المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان، والتفاعل الإرادي للمملكة مع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان»، «وفي هذا اعتراف من الأمم المتحدة بالجهود الوطنية والمبادرات التي أطلقها العاهل المغربي»، يضيف البيان.

ومن هذا المنطلق، يقول بيان الديوان الملكي المغربي، «فإن هذا الاعتراف التام والواضح يبرهن على نجاعة الإطار الوطني (المجلس الوطني لحقوق الأنسان)في التكفل بقضايا حقوق الإنسان، وبهذا يكون مجلس الأمن قد أعطى إجابة واضحة للمحاولات المتكررة الرامية إلى توظيف حقوق الإنسان من أجل سياسة معروفة». «بل وأبعد من ذلك، (يضيف البيان)، أعاد مجلس الأمن تأكيد طلبه إجراء إحصاء لسكان مخيمات تندوف مع تشجيعه لأول مرة بذل الجهود في هذا الصدد».

وأهاب بيان الديوان الملكي بالأطراف الأخرى أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في ظل هذا القرار، وأن تنتهز بذلك الفرص المتجددة التي يمنحها هذا القرار بالانخراط بصدق وجدية في إحياء حقيقي للمسلسل السياسي للمفاوضات، مشيرا إلى أنه «أمام التحديات الأمنية الخطيرة التي تهدد منطقة الساحل والصحراء يبقى حل هذا النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية ضرورة استراتيجية ملحة من أجل السلم والاستقرار في المنطقة، ومن أجل بلوغ النمو الاقتصادي والاجتماعي للدول المغاربية».

يذكر أن مصادر دبلوماسية متطابقة في الأمم المتحدة، فضلت عدم ذكر اسمها، قالت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن «مسودة المقترح الأميركي ليست قرارا استراتيجيا أميركيا انطلق من البيت الأبيض أو البنتاغون أو حتى من وزارة الخارجية، بل قرار منعزل». بينما ذهبت مصادر أخرى إلى اعتبار ما حدث في نيويورك يجسد حالة انقسام في الإدارة الأميركية إزاء نزاع الصحراء.

وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» آنذاك أن هناك اتجاها في الإدارة الأميركية للتراجع عن المقترح الأميركي.

وبينما قال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن فرنسا، التي تساند الرباط في العادة، غير راضية عن المقترح الأميركي، أبلغ مصدر دبلوماسي في نيويورك، فضل عدم ذكر اسمه، «الشرق الأوسط» وقتذاك أنه يجري حاليا في الأمم المتحدة إعادة صياغة مشروع القرار بمبادرة فرنسية وتنسيق مع الإدارة الأميركية.

وذكرت «الشرق الأوسط» في عددها الصادر يوم الخميـس 18 أبريل (نيسان) الحالي، أنه يسود اعتقاد واسع في نيويورك أن القرار الذي سيتبناه مجلس الأمن في نهاية الشهر الحالي (القرار الصادر أمس) سيكون مختلفا كثيرا عن مسودة القرار التي قدمتها رايس.