الخطف يتزايد في سوريا.. والدوافع سياسية ومذهبية ومالية

تركيا تبذل جهودا للإفراج عن مطراني حلب

TT

توج اختطاف المطرانين السوريين بولس يازجي ويوحنا إبراهيم قبل أربعة أيام سلسلة عمليات الخطف في سوريا التي تزايدت، خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، «بشكل هستيري»، بحسب وصف مصادر المعارضة السورية العاملة ضمن إطار حقوق الإنسان، والتي أكدت أن الخطف يأخذ ثلاثة أوجه، وهي «الخطف ذو الطابع السياسي، والخطف ذو الطابع المذهبي، والخطف مقابل فدية».

وبينما بات مؤكدا أن الخطف مقابل فدية يتصدر عمليات الخطف في أنحاء سوريا، بقي مصير المطرانين أمس مجهولا، وسط اتهامات متبادلة بين نظام الرئيس بشار الأسد والمعارضة باختطافهما وقتل سائقهما. وأكد الناطق الرسمي باسم هيئة أركان الجيش السوري الحر، العقيد قاسم سعد الدين، لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش الحر «تعقب الخاطفين، وتبين له أن المجموعة الخاطفة استقلت سيارة صفراء، قتل سائقها في منطقة خان العسل في حلب التي يسيطر عليها نظام الأسد»، مشيرا إلى قناعة لدى المعارضة السورية أن النظام «خطف المطرانين لتوجيه رسالة إلى المسيحيين بأن سقوطه سيتسبب لهم بالخطر الوجودي».

تأكيد سعد الدين، جاء غداة إعلان وزارة الخارجية السورية أن عملية اختطاف المطرانين «تأتي في سياق النشاط الإرهابي المتطرف الذي تمارسه المجموعات المسلحة المرتبطة بجبهة النصرة ومرتزقتها الأجانب بدعم خارجي». وأشارت الخارجية في رسالتين متطابقتين وجهتهما لرئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، إلى أن مجموعة مسلحة يقودها إرهابيون شيشانيون من تنظيم جبهة النصرة قامت باعتراض السيارة التي كان يستقلها المطرانان في منطقة غرب مدينة حلب أثناء عودتهما من مهمة إنسانية كانا يقومان بها، واغتالت الشماس الذي كان يقودها واختطفوا المطرانين إلى جهة مجهولة.

وتواصلت الاتصالات أمس لإطلاق سراح المطرانين المختطفين. وأكد رئيس الرابطة السريانية حبيب أفرام أن «الرئيس التركي اتصل بأحد مطارنة السريان الأرثوذكس في تركيا وأبلغه ببذل تركيا الجهود للإفراج عن المطرانين المخطوفين في حلب بولس يازجي ويوحنا إبراهيم».

في هذا الوقت، سجلت الأشهر الأربعة الأخيرة أعلى نسبة من عمليات الخطف في سوريا، رغم غياب الإحصاءات الدقيقة حول هذه العمليات. وقالت عضو الائتلاف الوطني والناطقة باسم لجان التنسيق المحلية ريما فليحان، إن «الظاهرة منتشرة على نطاق واسع»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن الخطف مقابل فدية «يتصدر عمليات الخطف الأخرى». وأوضحت فليحان أن «عصابات جنائية تدعي أنها من جهات سياسية معينة، تمتهن الخطف مقابل فدية في معظم المناطق السورية»، مشيرة إلى أن الظاهرة «آخذة في الانتشار، رغم أنه لا رصد دقيقا لعدد العمليات أو عدد العصابات». ولفتت إلى مساع كثيرة «تقوم بها المعارضة لوضع حد لهذه الظاهرة»، مشيرة إلى استحداث مراكز توثيق للانتهاكات في سوريا وتفعيلها وتحديثها. وأشارت فليحان إلى أن الخطف السياسي «يعتبر الأقل بين عمليات الخطف الأخرى»، من غير أن تنفي ضلوع مجموعات من الشبيحة في تلك العمليات، وقيام تلك المجموعات باختطاف أشخاص على خلفيات سياسية، قبل إطلاق سراحهم مقابل فدية مالية كبيرة.

ومع انتشار الظاهرة وتزايد أعمال الخطف بحق التجار على وجه الخصوص، أعلن العقيد قاسم سعد الدين أن هيئة الأركان في الجيش الحر شكلت أول لواء لحماية المنشآت المدنية، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن مهمة هذا اللواء هي «حماية المدنيين من أعمال الخطف وتعزيز الأمان في مناطقهم المحررة».

وإذ تقتصر مهام هذا اللواء على محافظات محددة، قال سعد الدين إن التجربة التي أثبتت نجاحها في الفترة الأولى من انطلاقها، «ستعمم على سائر المحافظات السورية للحد من التجاوزات». وشدد سعد الدين على أن الجيش السوري الحر «يعمل بكل طاقته لمنع تلك التجاوزات»، قائلا: «إننا أصدرنا تعميما لمكافحة المجموعات الخاطفة، لأي جهة انتمت، وخصوصا إذا كانت من عناصرنا لأنها تسيء للثورة». وإذ أشار إلى أن «شبيحة النظام مسؤولون عن معظم عمليات الخطف بغرض زرع الفتن الطائفية»، لفت إلى أنه «في حالات الخطف لأسباب أمنية، مثلما حصل مع الصحافيين الإيطاليين في إدلب، فإننا نتواصل مع الجهات الخاطفة وندخل في وساطات بغية السعي للإفراج عن المخطوفين». يذكر أنه مع ازدياد عمليات الخطف، أصدر الأسد، في أوائل أبريل (نيسان) الجاري، مرسوما يقضي بإنزال عقوبة الإعدام في أي خاطف يقوم بتشويه أو قتل الرهينة أو الإساءة إليها جنسيا، وبإنزال عقوبة السجن المؤبد بكل خاطف، حتى ولو لم يؤذ رهينته.