حزب الله «يفخر» بمساعدة أبناء قرى القصير.. والخطيب يطالبه بالانسحاب

قتيلان له في سوريا.. والمعارضة تؤكد قتاله عوضا عن النظام.. والمستقبل: قرار التدخل إيراني

عناصر من الجيش السوري الحر يختبئون وراء أكوام من الخردة أثناء هجوم على قوات للجيش النظامي السوري في حلب (أ.ب)
TT

تواصل، أمس، الجدل السياسي اللبناني حول مواصلة حزب الله مشاركته في القتال داخل سوريا إلى جانب قوات نظام بشار الأسد، مع إعلان النائب في البرلمان عن الحزب نوار الساحلي أن «من حق السكان في القرى الدفاع عن أنفسهم، ونفخر بمساعدتهم».

ودخل على خط هذه الأزمة معاذ الخطيب، الرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري، برسالة وجهها إلى زعيم حزب الله حسن نصر الله، داعيا إياه إلى سحب قواته من الأراضي السوري، منعا لأي لحرب طائفية.

وبموازاة هذا الجدل السياسي، أفادت «صفحة الشهيد حيد الحاج علي» على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، بسقوط قتيلين للحزب أول من أمس في سوريا، هما قاسم شرف الدين الذي يتحدر من مدينة بعلبك في البقاع، وإبراهيم قانصو، من غير أن تذكر اسم القرية التي يتحدر منها. وأشارت الصفحة، التي تعلن عن قتلى الحزب وجرحاه في سوريا، إلى أن القتيلين سقطا خلال تأديتهما «الواجب الجهادي في سوريا». كما طالبت، أمس، متابعي الصفحة بـ«الدعاء على نية شفاء جرحى المقاومة الإسلامية».

وتعتبر هذه الصفحة واحدة من عدة صفحات على موقع «فيس بوك»، تنشر صور المقاتلين من حزب الله الذين قتلوا في سوريا، إلى جانب صفحات تورد الأنباء تباعا عن مسار المعركة في منطقة السيدة زينب بريف دمشق، إحداها «شبكة أخبار السيدة زينب».

وفي السياق ذاته، قالت مصادر «الجيش الحر» في القصير لـ«الشرق الأوسط» إن مقاتلي المعارضة «يدافعون بشراسة عن ريف المدينة، ويخوضون أشرس المعارك مع مقاتلي حزب الله الذين يدعمهم النظام بالإسناد الناري الجوي». وأوضحت المصادر أن مقاتلي الجيش السوري النظامي «لا يوجدون في المنطقة، وقد أخلوا ساحة القتال لمقاتلي حزب الله الذين يمتلكون أسلحة نوعية، ويقتصر دعمهم على القوة النارية من بعيد، وتحديدا بالغارات الجوية والقصف المدفعي». ورغم ذلك، تقول المصادر: «يستشرس مقاتلو (الجيش الحر) في القتال، ويتحضرون لمعركة الحسم في مدينة القصير».

وأشارت مصادر المعارضة إلى أن «الجيش الحر» صد قوات حزب الله بعد وصولها إلى مشارف القصير، وشن هجوما معاكسا عليها، مع تسجيل سقوط عشرات القتلى والجرحى من صفوف مقاتلي حزب الله خلال اليومين الماضيين.

بالتزامن، ذكرت لجان التنسيق المحلية أن القوات النظامية قصفت مدينة القصير بالطائرات الحربية، مما أدى إلى سقوط 6 قتلى، لافتة إلى تجدد القصف الجوي بعد الظهر على المدينة.

أما اللجنة التنسيقية في القصير، فأفادت بمقتل 9 أشخاص بالقصف المدفعي والجوي الذي استهدف المدينة، مشيرة إلى انطلاق القذائف من مطار «الضبعة» العسكري، وإصابة عائلتين، بينهما 14 طفلا، جراء غارة جوية على منزلين سكنيين في المنطقة. وذكرت أن القصير استهدفت بسبع غارات جوية أمس. كما أفادت بإطلاق قنابل عنقودية على قرية الضبعة في ريف المدينة التي تخاض حولها معارك شرسة.

إلى ذلك، أعلن النائب الساحلي عن فخر حزب الله بمساعدة أبناء القرى الشيعية في ريف القصير. وبرر تدخل حزب الله في القتال، في حديث إلى قناة «المنار»، بالتذكير بأن «هناك 18 قرية لبنانية أصبحت تابعة لسوريا بعد اتفاقية (سايكس - بيكو)، ولكن سكانها لبنانيون أبا عن جد»، مشددا على أنه «من حق سكان هذه القرى الدفاع عن أنفسهم بوجه المعارضة المسلحة في سوريا». وقال: «نفتخر بمساعدتهم».

لكن النائب نهاد المشنوق من حزب المستقبل، أكد أن قرار التدخل في سوريا «اتخذته إيران بدلا من حزب الله». وقال: «هناك تكليف إيراني لمجموعة سياسية وعسكرية وأمنية اسمها (حزب الله) في لبنان بالقتال داخل سوريا، وأي كلام آخر هو كلام غير واقعي. إن (تورط حزب الله) ليس قرارا ذاتيا أو للدفاع عن اللبنانيين، أو عن (السيدة زينب) كما يقولون». وأوضح أن «كل اللبنانيين الموجودين في المزارع اللبنانية - السورية المختلطة، لا يتجاوز عددهم المئات، ممكن استضافتهم في لبنان إلى حين انتهاء الحرب بدلا من الذهاب إلى القتال للدفاع عنهم. هذه كذبة كبرى».

وقال المشنوق في حديث لوكالة «مسبار» الإماراتية، إن انخراط الحزب في القتال تنفيذ «لتعليمات من الدولة الإيرانية لا قدرة لحزب الله على ردها». ولفت إلى أنه «لا يمكن لأي عاقل أن يتصور أن هذا التورط هو في مصلحة الحزب الخاصة أو أنه قراره الخاص أو مصلحة الشيعة»، معتبرا أنه «انتحار سياسي».

وإذ اعتبر المشنوق أن «إيران تستخدم الحزب بديلا لها في حرب ليس فيها إلا القتل»، قال إن قادة حزب الله «مواطنون لبنانيون سلبت إرادتهم، ويأتمرون بالأوامر الإيرانية، التي تقول إن على حزب الله أن ينتحر في سوريا بدلا من إرسال قوات إيرانية مباشرة، وهو ما لم يحصل بشكل فعال حتى الآن».

وفي سياق متصل، أدان نواب وشخصيات سياسية مسيحية مستقلة استمرار حزب الله في التفرد باتخاذ قرارات تعرض أمن اللبنانيين ووحدتهم للخطر، وذلك خلافا لالتزام الحزب «إعلان بعبدا»، الذي كرس مبدأ النأي بالنفس عن الصراع السوري. وأبدى المجتمعون «قلقهم الكبير من التطورات الأمنية على الحدود اللبنانية - السورية، الناتجة عن تورط حزب الله في الصراع العسكري الجاري على الأرض السورية، داعما النظام في وجه معارضيه، مما بات يهدد حياة اللبنانيين في قراهم وفي تنقلاتهم، كما يهدد حياة المخطوفين اللبنانيين في إعزاز، ويهدد الوحدة الوطنية في لبنان ويولد صراعات مذهبية بين اللبنانيين». وأعلنوا «إدانتهم لاستمرار حزب الله في التفرد في اتخاذ قرارات تعرض أمن اللبنانيين ووحدتهم للخطر، وذلك خلافا لالتزام الحزب (إعلان بعبدا)، الذي كرس مبدأ النأي بالنفس عن الصراع السوري».‏ وناشد المجتمعون حزب الله الانسحاب الفوري الكامل من الصراع في سوريا، وإيقاف عملية التضحية بشبابه اللبنانيين تحت شعار الواجب الجهادي في نزاعات لا تمت بصلة إلى مصالح لبنان، كما رفضوا الدعوات المضادة للجهاد المعاكس الصادرة عن بعض الجهات الأصولية التكفيرية، لتفادي تحويل لبنان إلى ميدان للصراع السوري واللبنانيين إلى وقود له.

إلى ذلك، قال الخطيب في رسالته لنصر الله التي نشرها على صفحته على موقع «فيس بوك»، الليلة قبل الماضية، إن تدخل الحزب في سوريا قد عقد المسألة كثيرا، «وكنت أتوقع منكم شخصيا، بما لكم من ثقل سياسي واجتماعي، أن تكونوا عاملا إيجابيا لحقن دماء أبناء وبنات شعبنا»، مضيفا: «أنني أطالبكم بسحب قوات حزب الله من سائر الأراضي السورية». وأضاف الخطيب: «لا يخفى عليكم أن المنطقة تجر إلى فتنة، ربما لا ينجو منها أحد، وأن هناك سعيا نحو تفتيتها، وإدخالها في صراع مذهبي مرعب يستهلكها عشرات السنين». وتابع الخطيب أن «الموقف اليوم وتصريحات بعض المسؤولين في حزب الله، يضعان بعض الأفكار تحت طائلة التفكك التاريخي، والإفلاس الأخلاقي»، معتبرا أن «موجة عارمة من الإلحاد بدأت تغزو أجيالا كاملة، بسبب بعض المواقف التي باعتقادي لا يمكن أن تنتسب إلى فكر آل البيت بأي طريق». وتابع الخطيب أن «هناك خطة ماكرة لجر العالم الإسلامي كله إلى معركة سنية - شيعية، يبدأ فتيلها من سوريا، فلبنان، ثم دول المنطقة كلها، بما فيها إيران وتركيا».