اجتماع لزعماء طرابلس يطالب الأجهزة الأمنية بقبضة حديدية

بعد تفاقم الأزمة الأمنية وإعلان متاجر إفلاسها

TT

بعد التسيب الأمني الكبير الذي بلغ مستوى مقلقا في طرابلس، تجلى في معارك متنقلة، ومسلحين يظهرون في الشوارع عند أي حادث فردي، وحرق محلات تجارية، وفرض خوات على غيرها، واعتداءات على مواطنين بالسكاكين لأسباب طائفية - يبدو أن نواب طرابلس ووزراءها قرروا اتخاذ زمام المبادرة، إثر انتقادات كبيرة طاولت تقاعسهم.

وفي لحظة بلغ فيها التململ أوجه، من الحالة التي آلت إليها حال المدينة، التقى نواب ووزراء طرابلس، في منزل النائب محمد كبارة، صباح أمس، وعقدوا اجتماعا خصص لبحث الوضع الأمني. وبعد الاجتماع، قال رئيس الحكومة المستقيل، ونائب طرابلس نجيب ميقاتي: «اتفق على سلسلة إجراءات لن نعلنها في الوقت الراهن، لنثبت أن لها فاعلية ستنعكس إيجابا على الأوضاع العامة في طرابلس». وكشف ميقاتي: «شكلنا لجنة متابعة تشرف على تنفيذ القرارات التي اتخذت، وستكون اجتماعاتها مفتوحة»، مؤكدا: «إن نواب المدينة حرصاء على أمنها، ويدعون الأجهزة الأمنية إلى إيقاف التسيب السائد في أنحاء المدينة وتوقيف جميع المخلين بالأمن». وهو ما يعني، إذا ما نفذ ما اتفق عليه، توقيف المخلين كافة بمن فيهم الذين تغطيهم قوى سياسية نافذة في المدينة، لا تجرؤ الأجهزة الأمنية لغاية اللحظة على التعرض لهم.

وحضر الاجتماع، إضافة إلى الرئيس ميقاتي، كل من الوزيرين محمد الصفدي وأحمد كرامي، والنواب محمد كبارة، وسمير الجسر، وبدر ونوس، وروبير فاضل، وأحمد الصفدي. وقال كبارة: «الفلتان الأمني ينعكس سلبا على أهالي المدينة وعلى الحركة الاقتصادية فيها، وثمة خوف كبير من شرائح المجتمع كافة من هذا التسيب الأمني الحاصل».

وكان الوضع في طرابلس قد تفاقم بعد أن ظهر مسلحون يفرضون غرامات على شاحنات الوقود المتوجهة إلى سوريا بحجة أنها تدعم النظام، ثم بدأت الغرامات تفرض على شاحنات الخضار، مرة لأنها ذاهبة إلى سوريا ومرة أخرى لأنها آتية منها، وغيرها لأنها آتية من عكار، لكن الوضع ازداد تعقيدا بعد أن بدأ التعرض للشاحنات التي تنقل بضائع من مرفأ طرابلس، مما يهدد عمليا، بشل حركة المرفأ وتسريح عشرات وربما مئات العمال. علما بأن مرفأ طرابلس هو المرفق الحيوي الوحيد الذي لا يزال يعمل في المدينة.

وقال أحد الذين اطلعوا على فحوى الاجتماع، الذي أريد لقراراته أن تبقى سرية، إن «الأجواء بين سياسيي المدينة من نواب ووزراء، رغم اختلاف مشاربهم وأهوائهم، كانت إيجابية جدا. وركزوا بشكل أساسي على الوضع الأمني وكيفية ضبطه، وتوافقوا على الطلب من الأجهزة الأمنية أن تتعامل بحزم مع أي خرق، دون مهادنة، وأن تضرب بيد من حديد».

وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه: «الجميع بات يعلم أن بعض السياسيين الذي كانوا في الاجتماع، يغطون، بشكل مباشر أو غير مباشر، جماعات خارجة على القانون تهدد حياة الناس وأمنهم، وما ننتظره أن يكونوا صادقين فيما قالوه خلال الاجتماع، وينفذوا ما اتفقوا عليه، ويتركوا للأجهزة الأمنية تأديب العصابات المنفلتة، خاصة أن كل مناحي الحياة باتت مهددة في طرابلس، والتجار يعلنون إفلاسهم الواحد بعد الآخر».

وقال الشيخ نبيل رحيم، وهو عضو في لجنة المساعي الحميدة التي تتدخل عند حدوث الاشتباكات والإشكالات، عند سؤاله إن كانت اللجنة قد طلبت من سياسيي المدينة أمورا محددة قبل اجتماعهم، فقال: «لم يحدث لقاء بيننا وبين أحد منهم، لكن مطلبنا أن يضبطوا الفلتان، وينظروا بعين الرأفة إلى الوضع الاقتصادي المتدهور ويعالجوا قضايا الناس بحكمة، فبعض السياسيين والأمنيين، تعاملهم مع الواقع المتردي غير مرض على الإطلاق». وإجابة عن سؤال إن كان يتوقع نتائج إيجابية للاجتماع، قال: «ما نعرفه أنهم إن أرادوا فعلوا، وهم قادرون، لكن يجب أن يكونوا جديين وحازمين هذه المرة».