سياسيون: الانتقال الديمقراطي في شمال أفريقيا متعثر.. وبعض دوله في مفترق الطرق

غزالي: الجزائر تعيش فترة انتقالية منذ 23 عاما بسبب «عدم تمكين الشعب من المسؤولية»

محمد أوجار مدير مركز الشروق وزير حقوق الإنسان المغربي الأسبق يتوسط سيد أحمد غزالي رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق، وحمدين صباحي السياسي المصري المعارض والطيب البشوش أمين عام حزب حركة نداء تونس قبل بدء ندوة في الرباط الليلة قبل الماضية (تصوير: منير محيمدات)
TT

ذكر سياسيون من بلدان شمال أفريقيا أن الانتقال الديمقراطي فيها متعثر بل إن بعضها يوجد في مفترق طرق، بما فيها تلك التي لم يصل إليها «الحراك الاجتماعي» بالقوة نفسها، مثل الجزائر وموريتانيا، اللتين انفردتا بتجربة خاصة.

وقال السياسي والنقابي التونسي الطيب البكوش إن الانتقال الديمقراطي لا يمكن أن ينجح إلا عن طريق «التوافق» بين القوى السياسية والمجتمعية، من دون تصنيفها إلى معارضة وأغلبية.

واعتبر البكوش، وهو أمين عام حزب «نداء تونس»، الوضع في بلاده في أعقاب الثورة، بأنه يمر بمحنة، مبرزا أن الأوضاع الاقتصادية المتردية يمكن أن تنذر بثورة أخرى مجهولة أشد وأعنف.

وشدد البكوش الذي كان أول المتحدثين، مساء أول من أمس، بالرباط، في ندوة «صعوبات الانتقالات الديمقراطية في دول شمال أفريقيا»، على أن الانتقال لا يمكن أن يتحقق دون حصول توافق بين الفاعلين السياسيين، مضيفا أن الشرعية الانتخابية غير كافية، بل لا بد من دعمها بما سماه «الشرعية التوافقية».

ومن جهته، اعتبر سيد أحمد غزالي رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق، أن غياب المؤسسات وانعدام الثقة فيها يؤدي إلى ما سماه «حالات غريبة»، متخذا المثال من العلاقات بين بلاده والمغرب، حيث الحدود بينهما مفتوحة جوا ومغلقة برا، وهي حالة نادرة أرجعها غزالي إلى غياب الثقة المتبادلة التي لا تأتي إلا عن طريق المؤسسات الديمقراطية، وتوسيع مجال المصالح المشتركة.

وختم غزالي تدخله المقتضب بالقول إن الجزائر تعيش فترة انتقالية منذ 23 عاما، يعود طولها، من وجهة نظره، إلى «عدم تمكين الشعب من المسؤولية».

وذكر محمد ولد محمود، المرشح الرئاسي السابق في موريتانيا، أن بلاده بها بعض مقومات الديمقراطية منذ تغيير النظام العسكري الذي قاده الرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، دون أن تساعد تلك المقومات على التحول الديمقراطي المنشود.

وأضاف المعارض الموريتاني أن النظام ظل في جوهره ذا طابع عسكري، مبرزا أن إمكانيات الدولة التي يتحكم فيها العسكر تجعلهم يشكلون نظاما قائما على «الزبونية»، حيث يوظفون الاقتصاد الوطني لكسب الأنصار.

وكشف ولد محمود أن «الزبونية» انتشرت في الفترة الديمقراطية بصورة أكثر من العهود العسكرية، موضحا أن الفترة الانتقالية في عام 2005 لم تنجح، كون الرئيس المنتخب ديمقراطيا، لم يوفق في تحقيق «الإجماع» بين القوى السياسية الساعية لتثبيت التجربة الديمقراطية الفتية، فعمت البلاد فوضى اقتصادية، تجلت في ارتفاع غير مبرر للأسعار، مما أفسح المجال لعودة العسكر إلى السلطة.

وأضاف أنه، خلافا لما يعتقد، ساند الغرب الانقلاب على الرئيس الموريتاني المنتخب، سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، لأنه عارض تنفيذ الأجندات الأمنية الغربية، وخاصة في مجال الأمن ومحاربة الإرهاب، داعيا بهذا الخصوص إلى ضرورة إخضاع السياسات الغربية حيال المغرب العربي إلى التحليل الموضوعي.

وانتقد ولد محمود تصدير الجدل بين الدين والعلمانية إلى البلاد العربية، قائلا إنها بضاعة فرنسية خالصة، وهو نقاش يجري بين الفرنسيين، لكنه أقر بوجود مشكلات ثقافية تتعلق بالهوية ووضع الأقليات في عدد من الدول العربية.

وعارض السياسي المصري حمدين صباحي إطلاق تسمية شمال أفريقيا على الرقعة الجغرافية المعروفة، مفضلا نعت «الجناح الأفريقي من الوطن العربي»، معربا عن ارتياحه كون مصر مصنفة ضمن نفس الفضاء، مهما كانت التسمية.

وتطرق المعارض المصري إلى الوضع في بلدان الربيع العربي، وقال إنه يعاني قصفا مركزا من المنتصرين للخريف، معربا عن اليقين أننا «سننتهي عند مقاصد البدايات»، مؤكدا أن الصراع سينتهي في مصر لصالح من انتفضوا من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، مشددا على التفاؤل، لأن الديمقراطية هي سلسلة من التراكمات.

وعدّد صباحي بعض معوقات الانتقال إلى الديمقراطية، واضعا في الصدارة مشكلة الفقر التي تنهش أغلبية الشعب، مما يفسح المجال أمام احتمالات خطيرة.

ووضع صباحي في المرتبة الثانية ما سماه «توازن الضعف بين السلطة والمعارضة»، وقال إن الحديث غير وارد وغير ذي معنى عن الديمقراطية في إطار تبادل وتقاسم الضعف بين المعارضة والسلطة. وأبرز أن الحكم الحالي في مصر ضعيف وهش، بل يكاد يكون بمثابة إعادة إنتاج للنظام السابق، حينما تقاسمت المعارضة والدولة الضعف.

وأقر صباحي بأن القوى الاجتماعية في مصر هي التي أسقطت النظام، متجاوزة أبنية المعارضة التقليدية المتمثلة في الأحزاب، مبرزا أن اللجوء إلى العنف هو تعبير عن ضعف السلطة والمعارضة، على حد سواء.

واعتبر صباحي احتكار ما هو عام بطبيعته من قبل فئة سياسية، كمعوق ثالث، موضحا أن الإسلام هو نموذج لهذا الاحتكار، في إشارة واضحة إلى ممارسات «الإخوان المسلمين»، إذ وصف تجربتهم بالفاشلة، منبها إلى ضرورة تجنب الخلط والحكم على الإسلام من خلال ممارسات سياسية معينة، مضيفا «إننا نعيش في مصر حالة ارتهان للدين من طرف جماعة دينية».