فرنسا ترحب بقرار مجلس الأمن حول الصحراء وتعتبره باعثا على الارتياح

الجزائر تعتبر محاولات إقحامها في النزاع مسألة عقيمة لا تأثير لها

TT

بينما رحبت فرنسا أمس (الجمعة) بمصادقة مجلس الأمن على القرار الجديد حول تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء «مينورسو»، الذي وصفته بـ«الباعث على الارتياح» خاصة فيما يتعلق بمجال حقوق الإنسان الذي سجل فيه المغرب «تطورا»، قال مسؤول جزائري رفيع فضل عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن «قول المملكة المغربية بأن الجزائر تجد نفسها مطالبة بالانخراط في البحث عن حل سياسي لنزاع الصحراء، ينطوي على قراءة متحيزة ومغرضة لصراع ثنائي بين المغرب وجبهة البوليساريو».

وسجل فيليب لاليو، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية، في مؤتمر صحافي، التطورات التي حققها المغرب في مجال حقوق الإنسان، وقال: «نشجع السلطات المغربية على مواصلة السير على هذا النهج»، كما أكد ذلك الرئيس فرنسوا هولاند خلال زيارته الأخيرة إلى المغرب.

وذكر لاليو بالموقف «الثابت» لفرنسا من قضية الصحراء، والذي «لم يتغير» منذ بداية المناقشات بشأن مشروع القرار الذي دعا في نسخته النهائية الأطراف إلى مواصلة الجهود في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان.

وأبرز لاليو أنه علاوة على دعم مهمة كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، فإن الموقف الفرنسي حول الصحراء «معروف جيدا في عمقه»، فهو يدعم المخطط الذي اقترحه المغرب لمنح الحكم الذاتي للصحراء، وحرص فرنسا على التطبيق الصارم لقرارات مجلس الأمن بما فيها القرار الأخير.

وكان الناطق باسم القصر الملكي المغربي، عبد الحق المريني، ذكر في بيان أن مجلس الأمن «أوضح بدقة وحدد الطابع الإقليمي للنزاع من خلال النداء المباشر والخاص الذي وجهه إلى الدول المجاورة، من أجل الانخراط بجدية لوضع حد للطريق المسدود الحالي والمضي قدما نحو حل سياسي». وأضاف: «وبذلك فإن الجزائر تجد نفسها مطالبة بالانخراط في البحث عن حل سياسي لهذا النزاع الإقليمي».

وأوضح المسؤول الجزائري أن «محاولات إقحام الجزائر في النزاع، من خلال هذه القراءة التي تعكس موقفا أحاديا خاطئا لا لبس فيه، ستبقى عقيمة وليس لها أي تأثير». وأضاف المسؤول أن المغرب «يتحدث زورا وبهتانا عن نزاع إقليمي، بينما تحد كل قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة الأممية بدقة، طرفي النزاع أي المملكة المغربية وجبهة البوليساريو».

وفي سياق ذلك، نقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن الناطق باسم وزارة الخارجية، عمار بلاني، قوله: إن بلده «تلقى بارتياح مصادقة مجلس الأمن الخميس على لائحة حول الصحراء الغربية دعا فيها إلى حل سياسي عادل ومستديم يقبله الطرفان، ويفضي إلى تقرير مصير شعب الصحراء الغربية، وإلى تحسين وضعية حقوق الإنسان للصحراويين». وذكر بلاني أن «الجزائر تعرب عن ارتياحها لالتزام المغرب وجبهة البوليساريو بمواصلة العمل تحت إشراف الأمم المتحدة من أجل التوصل عبر مفاوضات مباشرة إلى حل يفضي إلى تقرير المصير»، مشيرا إلى أن الجزائر «تشيد بثبات التزام الأمم المتحدة والمجموعة الدولية لصالح تسوية عادلة ومستديمة، قائمة على حل سياسي يقبله الطرفان».

وأضاف بلاني أن الجزائر «تسجل حرص المجموعة الدولية على مسألة حماية حقوق الإنسان ومراقبتها الفعلية في الصحراء الغربية، كما أنها تبرز ضرورة دخول الآليات الأممية المخولة والمنظمات والملاحظين الأجانب لحقوق الإنسان بصفة منتظمة ومن دون عراقيل إلى هذا الإقليم».

ولم يعلق الناطق باسم الخارجية الجزائرية على دعوة مجلس الأمن لإجراء إحصاء للاجئين المقيمين في مخيمات تندوف الواقعة في جنوب غربي الجزائر، وهو إحصاء ترفض الجزائر تنظيمه.

وتجدر الإشارة أيضا إلى أن الجزائر تقول دائما إنها ليست طرفا في نزاع الصحراء بيد أنها في الوقت ذاته تستضيف فوق أراضيها منذ عام 1975 حركة مسلحة ضد المغرب هي جبهة البوليساريو، التي تطالب بانفصال الصحراء عن المغرب. وفي سياق ذلك، تساءل مسؤول مغربي فضل عدم ذكر اسمه: «ماذا لو احتضن المغرب حركة مسلحة ضد الجزائر، وكيف ستنظر هذه الأخيرة إلى ذلك؟».

وفي نيويورك، أكد الوزير المنتدب في الخارجية والتعاون المغربي، يوسف العمراني، ترحيب المغرب باعتماد القرار 2099 بالإجماع من قبل مجلس الأمن والذي يدل على «أن صوت الحكمة هو من انتصر».

وأبرز العمراني، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية إثر مصادقة أعضاء المجلس الخمسة عشر على القرار الذي يمدد مهمة بعثة «مينورسو» أن «اعتماد نص القرار هذا يؤكد وجاهة المقاربة التوافقية التي حركت مساعي مجلس الأمن ومجموعة أصدقاء الصحراء من أجل تشجيع حل سياسي يقوم على الواقعية وروح التوافق».

وأضاف أن «النص النهائي لهذا القرار يعد ثمرة وتتويجا للدفعة الحاسمة والعمل الحاسم للملك محمد السادس، الذي انخرط باستمرار، شخصيا وكليا، من أجل الحفاظ على المصالح العليا للأمة والدفاع عنها».

وقال العمراني إن «هذا العمل الواسع النطاق، الذي يعكس الريادة المتبصرة والالتزام الدائم للعاهل المغربي بخدمة القضية الوطنية» تجسد من خلال «منهج متعدد الأشكال» تم تنزيله عبر «تعبئة في جميع الاتجاهات لمجموع القوى الحية للأمة والتأكيد مجددا على الإجماع الوطني حول قداسة القضية الوطنية».

كما تميز هذا العمل، يضيف العمراني، بـ«اعتماد مساع استباقية وهادفة لدى الفاعلين المؤثرين في المجتمع الدولي جسدتها الاتصالات المباشرة وإرسال وفود رفيعة المستوى إلى عدد من البلدان الأعضاء في مجلس الأمن».

وقال: إن القرار 2099 يجدد التأكيد على سمو المبادرة المغربية للحكم الذاتي وعلى إشادة مجلس الأمن بالجهود «الجادة وذات المصداقية» التي يبذلها المغرب «للمضي قدما نحو تسوية النزاع».

كما أبرز محورية التفاوض «بنية حسنة كسبيل وحيد للتوصل إلى حل يقوم على أساس الواقعية وروح التفاهم».

وأوضح العمراني أن قرار مجلس الأمن «يقر بأهمية الإجراءات والقرارات الشجاعة فضلا عن الجهود المبذولة من قبل الملك محمد السادس للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها»، خاصة تعزيز عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مدينتي الداخلة والعيون، وتفاعل المملكة المغربية مع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وأضاف أنه من خلال هذا الاعتراف تؤكد جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الثقة التي تضعها في المؤسسات المغربية من أجل النهوض بحقوق الإنسان، وتبرز أنه لا شيء على الأرض يبرر أي تعديل لمهمة «مينورسو». كما أشار العمراني إلى أن القرار يلح مجددا على مطلب مجلس الأمن الخاص بإحصاء سكان مخيمات تندوف عبر تشجيع الجزائر على الاستمرار في الحوار مع المفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين حول هذه المسألة، مشددا على أن الأمر يتعلق بـ«دعوة غير مسبوقة للجزائر».

ويركز القرار الذي يطالب مجددا دول الجوار بالمزيد من التعاون مع الأمم المتحدة ومع بعضها البعض وتعزيز انخراطها من أجل وضع حد للجمود الراهن والتقدم نحو حل سياسي على «أهمية التعاون بين بلدان اتحاد المغرب العربي».