اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق تدين ضباطا كبارا في «مجزرة الحويجة»

ممثل الأمم المتحدة: العراق يتجه نحو المجهول

مسلحون من «جيش العزة» خلال تظاهرات أمس في مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار (أ.ف.ب)
TT

فيما كشف رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي عضو لجنة تقصي الحقائق في أحداث الحويجة سليم الجبوري أن «اللجنة توصلت إلى قناعة عن ضلوع ضباط كبار في المؤسسة العسكرية العراقية بما وقع من مجزرة في الحويجة عن طريق إصدار أوامر بالقتل والإعدام والاستخدام المفرط والممنهج للسلاح». اعتبر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر أمس أن البلاد تقف عند مفترق طرق وتتجه نحو المجهول ما لم تتخذ إجراءات «حاسمة وفورية» لوقف انتشار العنف. وقال كوبلر في بيان شديد اللهجة إن البلاد «تقف عند مفترق الطرق» و«تتجه نحو المجهول ما لم تتخذ إجراءات حاسمة وفورية وفعالة لوقف دوامة العنف من الانتشار بشكل أوسع». وأضاف: «أدعو جميع الزعماء الدينيين والسياسيين للاحتكام إلى ضمائرهم واستخدام الحكمة فلا يدعوا الغضب ينتصر على السلام»، معتبرا أن قادة البلاد يتحملون مسؤولية «تاريخية في تولي زمام الأمور والقيام بمبادرات شجاعة كالجلوس معا».

ومن جهته قال الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجنة لا تزال في الحويجة وقد اتصلت بكل الأطراف وتوصلت إلى أدلة قاطعة بشأن ما وقع من أحداث مشينة ومؤلمة وأن اللجنة سوف تقدم في غضون يومين تقريرها إلى البرلمان» مؤكدا أن «التقرير يتضمن إدانة لضباط كبار يجب أن يقدموا للمحاكمة على ما اقترفوه من جرائم بحق الأبرياء».

وأضاف الجبوري أن «الأمر لم يقتصر على عملية الاقتحام التي تؤكد كل الحيثيات والوقائع أن عمليات إعدام وقتل وقعت حيث إن بعض المرضى والجرحى تم الإجهاز عليهم وهذه بحد ذاتها جريمة ضد الإنسانية كما أن العملية كانت مبيتة مسبقا». وبشأن تصريحات وزير الدولة لشؤون البرلمان القيادي بائتلاف دولة القانون صفاء الدين الصافي أن الجيش العراقي الذي دخل الحويجة لم يكن يحمل سوى خراطيم المياه قال الجبوري إن «هذا الكلام كذب صريح والوقائع تثبت ذلك حيث إن الجيش كان يحمل أسلحة وهراوات وخراطيم مياه». وأكد الجبوري أن «الأمور باتت في غاية الخطورة ما لم يتم تدارك هذه العملية بشكل سريع ومسؤول». وبشأن الفارق بين ما حصل في حلبجة التي أدين فيها ضباط كبار في الجيش العراقي السابق وحكم على بعضهم بالإعدام من منطلق استخدام الجيش ضد الشعب وما حصل في الحويجة قال الجبوري «إننا لا نجد أي فارق بين ما حصل بالأمس وما يحصل اليوم وبالتالي فإن هؤلاء الضباط لا بد أن يدانوا وإننا مصرون على ذلك».

وعشية وقوع عدة هجمات بعبوات ناسفة على مساجد سنية في العاصمة العراقية بغداد، فقد حذرت المرجعية الشيعية في العراق أمس من جر العراق إلى مزالق خطيرة. وقال أحمد الصافي معتمد المرجعية، أمام آلاف من المصلين في صحن الإمام الحسين بمدينة كربلاء «لا بد من اجتماع الكلمة والرأي الصائب من أجل عدم انجرار البلاد إلى مزالق خطيرة وعلى البرلمان العراقي أن يتحمل مسؤوليته كونه ممثلا للشعب في حل المشاكل التي تواجه البلاد». وأضاف أن «أي قطرة دم بريئة سواء بالشارع أو المقهى أو حسينية أو مسجد من مواطن مدني أو عسكري يكون الذي سفكها مدانا ويتحمل كامل المسؤولية». وأكد الصافي أن «عقلاء القوم لا بد أن يتحملوا في هذه الظروف الحساسة والخطيرة مسؤوليتهم الكاملة إزاء ما يحدث في البلاد»، محذرا من عودة البلاد إلى ما كانت عليه في السابق من فقدان الأمن والأمان وكانت قد استهدفت سلسلة هجمات 4 مساجد سنية في بغداد الجمعة ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة 50 بجروح. وقال مصدر في وزارة الداخلية العراقية إن «أربعة مصلين قتلوا وأصيب 36 بجروح بانفجار عبوة ناسفة داخل جامع الكبيسي في منطقة الشرطة الرابعة في غرب بغداد». وأضاف أن «ستة مصلين أصيبوا بجروح بانفجار عبوة ناسفة عند جامع الشهيد يوسف في منطقة الشعب في شمال شرقي بغداد»، كما أصيب خمسة أشخاص لدى خروج المصلين من جامع مالك الأشتر في المنطقة ذاتها. كما أعلن المصدر عن إصابة ثلاثة مصلين بانفجار عبوة ناسفة عند جامع الرزاق في ناحية الراشدية الواقعة إلى الشمال الشرقي من بغداد. في غضون ذلك طالب معتصمو الأنبار بـ«الإيقاف الفوري» للعمليات العسكرية من قبل الحكومة المركزية و«إحالة رئيس الوزراء ووزير الدفاع وقائد القوات البرية» إلى «المحاكم الدولية». وقال بيان تلاه، المتحدث باسم معتصمي الرمادي سعيد اللافي، على عشرات الآلاف من مصلي الرمادي الذين تجمعوا لأداء صلاة جمعة «حرق المطالب»، مع بدء انتهاء المدة المفتوحة من ساحة العزة والكرامة في الأنبار والتي أعطيت بموجبها قطعات الجيش والشرطة الاتحادية مدة (48) ساعة للانسحاب إلى مقراتها، نؤكد على «الإيقاف الفوري للعمليات العسكرية من قبل الحكومة المركزية في المحافظات الست المنتفضة، وفي حالة عدم توقف العمليات ستقوم العشائر بإرسال أبنائها إلى المحافظات الأخرى التي تتم فيها تلك العمليات العسكرية». وأكد البيان أيضا على المطالبة بـ«إحالة رئيس الوزراء ووزير الدفاع وكالة وقائد القوات البرية والقادة الميدانيين إلى المحاكم الدولية وإعلان تشكيل جيش العشائر في الأنبار والمحافظات الست على أن تكمل هذه العشائر تشكيله خلال (72) ساعة، وتكون مهمته الدفاع عن تلك المحافظات والتصدي لأي هجوم يستهدف أي محافظة من المحافظات الست المنتفضة، ودعوة الشباب وجميع فصائل المقاومة إلى الانضمام إلى هذا الجيش». وطالب البيان الذي قرأه اللافي بـ«إقالة مدير شرطة الأنبار ومديري أجهزة وزارة الداخلية في المحافظة، لكونهم من الضباط الذين أثبتوا فشلهم في إدارة دوائرهم»، مشددا على ضرورة «المحافظة على سلمية ساحات الاعتصام، ومنع جميع مظاهر التسلح فيها، ومنع ارتداء اللثام فيها مطلقا». وأكد البيان أن «كافة العشائر وأبناء المدينة اتفقوا على المحافظة على السلم الأهلي داخل مدينة الرمادي والأقضية الأخرى وعدم السماح لأي جهة مسلحة بالنزول إلى شوارع المدينة، والاعتداء على الممتلكات والأموال العامة، والتسبب في تعطيل مصالح العباد والبلاد». ودعا البيان «عشائر الجنوب بسحب أبنائها من الوحدات العسكرية المتواجدة في المحافظات الست الثائرة، حتى لا يستخدمهم المالكي في قتل إخوانهم وأبناء جلدتهم في هذه المحافظات، وبعكسه نحن لن نضمن سلامتهم، ولن نتحمل أي تبعات عشائرية أو قانونية». إلى ذلك نفت اللجان التنسيقية في الأنبار أي صفة ميليشياوية على الجيش الذي أعلنوا تأسيسه أمس. وقال الشيخ غسان العيثاوي عضو اللجان التنسيقية في الأنبار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «تأسيس هذا الجيش تم بالاتفاق مع العشائر وإن الهدف الأساسي منه حماية العشيرة أولا ومن ثم المحافظة» مؤكدا أنه «ينسق مع الشرطة المحلية من أجل حفظ الأمن في عموم المحافظة ضد المخربين وكذلك في حال وقع اعتداء من قبل القوات العسكرية على ساحات الاعتصام». وبشأن ما إذا كان هذا الجيش يحمل أي صفة ميليشياوية شأن الميليشيات التي تنتشر في البلاد قال العيثاوي إن «هذا الجيش مجرد تسمية اصطلاحية فهو جيش حماية أهلي ولا يمكن تحميله أي صفة أخرى».