اختبار للقوة بين فتح وحماس في الانتخابات الطلابية في جامعات الضفة

الأولى تنتصر والثانية تقول إنها متجذرة في الانتخابات التي تعد مقياسا للشعبية

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى وصوله مطار كابوديشينو في نابولي أمس حيث يؤدي زيارة الى إيطاليا (إ.ب.أ)
TT

لا ينظر الفلسطينيون إلى التقدم والتراجع الذي تحققه الفصائل الفلسطينية في الانتخابات الطلابية في الجامعات، على أنه مقياس لنجاح الكتل المتنافسة في كسب تأييد الطلاب داخل هذه الجامعة أو تلك، لكنها دوما ما كانت تعتبر «بارومتر» مدى تزايد شعبية فصيل أو تراجعه.

وعلى مدار سنوات طويلة كانت الانتخابات الطلابية بين فتح وحماس واليسار، تتحول إلى معركة «كسر عظم» يقف فيها الفصيل على قدم واحدة من أعلى هرم القيادة إلى أصغر مناصر، وحتى عندما كانت منظمة التحرير تعيش في الخارج، كان الزعيم الراحل ياسر عرفات يتابع من تونس، فيما يراقب أمين عام الجبهة الشعبية الراحل جورج حبش الأجواء من سوريا.

وفي الأسبوع الأخير، اختبرت الفصائل في الضفة الغربية مدى شعبيتها في أوسع انتخابات طلابية تشارك فيها جميع الفصائل لأول مرة منذ 6 سنوات، في حرب اكتسبت أهمية خاصة في ظل الانقسام، وقبل المنافسة الكبرى في انتخابات تشريعية ورئاسية محتملة إذا ما تقدمت المصالحة.

ونجحت حركة فتح في حصد أعلى الأصوات في كل الجامعات في الضفة، وحلت حماس ثانية، لكنها كانت قريبة في النتائج في بعض الجامعات.

وحصلت فتح على 43 مقعدا في جامعة النجاح الوطنية، بينما حصلت حماس على 33 مقعدا، وحصدت فتح 23 مقعدا في جامعة بير زيت، ونجحت حماس في الحصول على 20 مقعدا، وأخذت الأولى في جامعة الخليل 23 مقعدا واكتفت الثانية بـ17.

وفي جامعات أخرى مثل بيت لحم والأهلية والبوليتكنك كان النصر لفتح، فيما انسحبت حماس من الصراع.

واستغل كل من حركتي فتح وحماس نتائج الانتخابات لتأكيد القوة، وإرسال رسائل سياسية.

وقال عضو اللجنة المركزية لفتح، محمود العالول: «ما حدث كان بمثابة مرآة عكست بكل شفافية توجهات مجتمعنا الفلسطيني السياسية. الفوز كان برهانا على ثقة الجمهور بحركة فتح، والاصطفاف معها، والإيمان بحتمية ديمومتها؛ لأنها الأمين على المشروع الوطني وقائدة المسيرة لتحقيق الأهداف الوطنية».

أرادت فتح القول إنها ما زالت صاحبة الشعبية الكبرى، ولكنها أيضا أرسلت رسالة سياسية أخرى إلى حماس لا تقل أهمية؛ إذ اعتبر العالول فوز طلبة فتح بمثابة «ضربة للساعين في البحث عن بدائل لتمثيل الفلسطينيين، وتكريس الانقسام، وخلق كيانات أخرى». وأضاف: «أثبت الفوز أن شباب فلسطين مؤمنون بوحدانية التمثيل، أي بمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا».

ومنذ أعوام تشتعل حرب باردة بين فتح وحماس على تمثيل الفلسطينيين، وفي العام الأخير استعرت هذه الحرب بعدما تعاملت مصر وقطر وتونس وإندونيسيا، مع حماس في غزة كممثل ومسؤول عن الفلسطينيين هناك.

وقبيل القمة العربية الأخيرة طلبت حماس من الدول العربية إعادة النظر في قضية تمثيل الفلسطينيين.

وردت فتح بأن التمثيل عمد بالدم وليس محل نقاش. واتخذت حماس من النتائج الجامعية برهانا على سلامة الخط السياسي الذي تتبعه.

ولم ترَ حماس في نتائج انتخابات الجامعات تراجعا، بل اعتبرتها رسالة لكل المراقبين بأن حماس قوية ومتجذرة في الضفة الغربية، وأن كل محاولات تصفيتها فشلت. وقال سامي أبو زهري، الناطق باسم حركة حماس: «هذه الانتصارات تدلل على بطلان الادعاءات بأن حماس تخشى الانتخابات، وأن هناك تراجعا في نسبتها».

وتقول حماس إن النتائج مهمة وإيجابية في ظل ما وصفته بالضغوط الأمنية التي تعانيها في الضفة، وهي اتهامات تنفيها فتح والسلطة على أي حال، ويردونها على حماس متهمينها بالتضييق على كل فتح في غزة، بما في ذلك طلاب الجامعات.

ووصف أبو زهري النتائج بأنها إنجاز مهم «في ظل ما تتعرض له حماس من ملاحقة مزدوجة».

وأرسلت حماس الرسالة التي تحب إرسالها بالطبع، وقال أبو زهري: «هذا الفوز يؤكد الرفض المطلق لخيار المفاوضات مع الاحتلال والرهان على الإدارة الأميركية، وتأكيد على أن خيار المقاومة هو الأنجح للدفاع عن شعبنا الفلسطيني».

وفيما انتهت انتخابات الجامعات في الضفة، ما زال من غير المعروف متى يمكن أن تعقد في قطاع غزة.

وتسعى حماس لحسم جميع جامعات القطاع للتأكيد على علو كعبها هناك، فيما تسعى فتح للمنافسة بقوة للتأكيد على أنها قوية ومتجذرة في المنطقة التي تحكمها حماس.

وتعكس نتائج الانتخابات الجامعية في الضفة وغزة، صورة لما يمكن أن تسفر عنه نتيجة انتخابات عامة إذا ما مضت المصالحة نحو الأمام. ويتوقع منافسة غير مسبوقة بين الفصيلين الأكبرين. لكن المصالحة ما زالت مجمدة حتى الآن.

وسيحاول الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) دفعها قدما إلى الأمام الشهر المقبل، على ما أعلن صائب عريقات عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الذي أكد أمس أن عباس سيلتقي في القاهرة الشهر المقبل الرئيس المصري محمد مرسي لبحث عدد من القضايا، وعلى رأسها المصالحة الفلسطينية.

وأوضح عريقات أن مصر ستظل راعية لهذا الملف مع مساعدة تركية.

وتتهم فتح الحركة الإسلامية بتعطيل المصالحة لصالح أجندات داخلية وخارجية، وتقول حماس إن فتح هي التي تعطلها للسبب نفسه.