لعبة «عض الأصابع» تهيمن على الصراع بين السلطة التنفيذية والقضائية في مصر

النائب العام يرد محكمة قضت ببطلان تعيينه والرئيس يلتقي شيوخ القضاة اليوم

عناصر من «بلاك بلوك» (متظاهرون ملثمون يرتدون ملابس سوداء كاملة) يفرون عقب اشتباكات أمام قصر الاتحادية في القاهرة أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

فيما بدا استمرارا للعبة «عض الأصابع» بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية في مصر، تقدم النائب العام المستشار طلعت عبد الله أمس بطلب رد محكمة مختصة بشؤون القضاة تنظر دعوى بطلان تعيينه من قبل الرئيس محمد مرسي، في منصبه، بينما أجلت المحكمة نفسها نظر دعوى أخرى تطالب بمنع عبد الله من حضور اجتماعات مجلس القضاء الأعلى وهو عضو فيه بحكم منصبه، إلى نهاية الشهر المقبل.

تأتي هذا التطورات عشية لقاء مرتقب بين الرئيس مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين وأعضاء الهيئات القضائية اليوم (الأحد) لبحث تداعيات أزمة مشروع قانون السلطة القضائية الذي ينظره المجلس التشريعي في جلسة عامة له الأسبوع الحالي، ويعتبره القضاة بمثابة «مذبحة» بحقهم.

وتتهم قيادات من جماعة الإخوان المسلمين قضاة، على رأسهم النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود، ورئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند، بالولاء للنظام السابق، وهو ما ينفيه كلاهما، متهمين بدورهما جماعة الإخوان بالسعي إلى الهيمنة على السلطة القضائية.

وتعقدت الأزمة بين طيف واسع من أعضاء الهيئات القضائية في البلاد والرئيس مرسي على خلفية عزله للمستشار محمود، عبر إعلان دستوري أصدره في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي وأثار جدلا واسعا. وتزعم حينها الزند حركة إضراب واسعة في صفوف القضاة، الذين امتنع غالبيتهم أيضا عن الإشراف على استفتاء حول دستور البلاد الجديد مطلع العام الحالي.

وبحسب القانون المصري، لا يجوز للرئيس عزل القضاة. وأصدرت هيئة دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة نهاية الشهر الماضي حكما ببطلان تعيين النائب العام الحالي.

وقدم المستشار عبد الله، أمس، طلبا لرد هيئة دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة الاستئناف التي قضت بإلغاء تعيينه نائبا عاما، وحددت محكمة الاستئناف جلسة اليوم (الأحد) لنظر الطلب.

ولا يزال عبد الله يمارس مهام منصبه نائبا عاما، وهو ما دفع المستشار محمود (النائب العام السابق)، إلى تقديم طعن إلى دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض (الدرجة الأعلى) على الحكم الصادر له الذي تضمن إقرارا بعودته إلى عمله، قائلا إنه لجأ للطعن بسبب «مماطلة السلطة التنفيذية في تنفيذ الحكم».

وأوضح المستشار محمود في طعنه، أنه وإن كان محكوما لصالحه في منطوق الحكم وأسبابه بعودته لعمله، فإنه يطعن على الحكم لأنه لم يقض صراحة بإلغاء القرارات الجمهورية المسماة «إعلانات دستورية» الصادرة في 21 نوفمبر و8 ديسمبر (كانون الأول) الماضيين.

من جانبها، قالت مصادر قضائية، تحدثت معها «الشرق الأوسط» أمس، إن محكمة استئناف القاهرة دائرة رجال القضاء، قررت وقف نظر طلب محمود بالحصول على صيغة تنفيذية من الحكم الصادر ببطلان قرار عزله، لحين الفصل في طلب رد المحكمة المقدم من النائب العام الحالي.

وفي غضون ذلك، أجلت المحكمة نفسها نظر الدعوى القضائية المقامة من اللجنة القانونية الدائمة للدفاع عن رجال القضاء والنيابة، التي تطالب بوقف انعقاد جلسات مجلس القضاء الأعلى وبطلان تشكيله، بسبب مشاركة عبد الله في تلك الجلسات.

وطالبت الدعوى بعدم تمكين المستشار عبد الله من حضور جلسات مجلس القضاء الأعلى، ووقف انعقاد تلك الجلسات وجميع أعمال المجلس وقراراته لبطلانها لحين الفصل في الدعوى المقامة من المستشار محمود التي يطعن فيها على قرار إقالته وعزله من منصبه.

وتأتي تطورات أزمة النائب العام عشية لقاء مرتقب بين الرئيس مرسي وأعضاء الهيئات القضائية على خلفية رفضهم لمشروع قانون السلطة القضائية الذي تقدم به حزب «الوسط»، المتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين.

ويعتقد القضاة أن التعديلات المقترحة على مشروع القانون تستهدف الإطاحة بنحو ثلاثة آلاف قاض بعد تخفيض سن التقاعد إلى الستين بدلا من السبعين، كما هو معمول به حاليا.

ووعد الرئيس مرسي ببحث الأزمة مع شيوخ القضاة، مؤكدا احترامه للسلطة القضائية، لكنه في الوقت نفسه أكد عدم قدرته على التدخل في شؤون السلطة التشريعية التي يهيمن عليها حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان.

وقال المستشار الزند الأسبوع الماضي إن نادي القضاة بدأ بالفعل إجراءات تدويل القضية أمام المحكمة الجنائية الدولية، معتبرا مشروع القانون جريمة ضد الإنسانية ويحق للمحكمة الجنائية الدولية ووزارة العدل الأوروبية نظرها، محتجا بإجراء مماثل لوزارة العدل الدولية التي رفضت تخفيض دولة المجر سن معاش القضاة من 70 إلى 65. باعتباره نوعا من أنواع العزل.

ولا يزال من غير المعروف ما إذا كان المجلس التشريعي سيمضي قدما في نظر التعديلات أم لا، لكن قيادات إخوانية تحدثت معها «الشرق الأوسط» قالت إن المجلس لن يتراجع عن نظر مشروع القانون، لكنه قد يتريث في انتظار أن تتقدم الحكومة أو نادي القضاة بمشروع جديد.