الرئاسة المصرية ترسل وفدا رسميا إلى طهران بشأن سوريا من دون علم «الخارجية»

الحكومة ترتب لجلسات مغلقة لإقناع السلفيين بالسياحة الإيرانية

مواطن مصري يمر بجوار سيارة محترقة في اشتباكات بين جنود ومعارضيها بوسط القاهرة أمس (رويترز)
TT

في وقت قالت فيه الحكومة المصرية إنها ترتب لجلسات مغلقة لإقناع السلفيين بالسياحة الإيرانية، أكدت مصادر الرئاسة أمس إرسال القاهرة وفدا رسميا إلى طهران، وأشارت إلى أن الزيارة تهدف لمتابعة حل الأزمة السورية، وسط تكهنات بأن يتطرق الجانبان إلى مسألة التقارب بين البلدين.

ومن جانبها، قالت مصادر وزارة الخارجية المصرية ردا على أسئلة «الشرق الأوسط» إنها لا علم لها بتوجه الوفد الرئاسي المصري إلى طهران، ولا المهمة التي سافر من أجلها، مشيرة إلى أن «من يُسأل في ذلك هي مؤسسة الرئاسة».

وكانت قضية التقارب مع إيران واحدة من الأسباب التي دفعت مستشارا لرئيس الدولة للاستقالة من منصبه الأسبوع الماضي.

وأضافت مصادر الرئاسة أمس أن الوفد الرسمي المصري يضم كلا من الدكتور عصام الحداد، مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي، والسفير محمد رفاعة الطهطاوي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية.

وقال بيان للرئاسة إن الوفد المصري سيلتقي بالمسؤولين الإيرانيين «لبحث سبل تفعيل المبادرة الرباعية» لحل الأزمة السورية التي أطلقها الرئيس محمد مرسي في القمة الإسلامية الاستثنائية في مكة العام الماضي.

وأفاد مراسلون محليون في مطار القاهرة الدولي أمس أن الحداد وطهطاوي غادرا أول من أمس الجمعة عبر الصالة رقم 4 المميزة والمخصصة للطيران الخاص، وأن عددا من رجال الأمن كانوا في صحبتهما إلى أن «سافرا على متن طائرة خاصة متوجهين إلى العاصمة الإيرانية، وأن الطائرة التابعة لأحد رجال الأعمال المصريين تعرضت لعطل مما أدى إلى استبدالها بطائرة أخرى.

والعلاقة بين القاهرة وطهران مقطوعة منذ نحو 34 عاما، بسبب الخلافات الجذرية لكل منهما فيما يتعلق بالتعاطي مع الملفات الإقليمية خاصة ملف السلام في منطقة الشرق الأوسط، وملف أمن دول الخليج. وكانت إيران تنظر للرئيس المصري السابق حسني مبارك كخصم لدود يعرقل طموحاتها في المنطقة، لكن بدأت ملامح للتقارب بين البلدين تتشكل بعد تولي الرئيس القادم من جماعة الإخوان المسلمين، محمد مرسي، مقاليد الحكم في مصر، مما أدى لخلافات سياسية وأخرى بين عدة جهات فاعلة في الدولة، من بينها التيار السلفي الذي دعم الرئيس مرسي في انتخابات الرئاسة.

وقال مصدر مسؤول في الخارجية المصرية عن زيارة الحداد وطهطاوي أمس: «لا علم لنا بهذه الزيارة، وتسأل عنها الرئاسة المصرية، لأن الوفد المسافر يتبع الرئاسة لا الخارجية».

ويتحفظ مسؤولون في الخارجية المصرية عن إعطاء أي إفادات تخص مسار العلاقة بين بلادهم وطهران، بسبب حساسية الملف الذي يحظى بعناية خاصة و«حماس» من جانب الرئاسة، في مقابل ترقب وفتور من جانب مؤسسات أخرى بالدولة، منها مؤسسة الأزهر.

وفي الأسبوع الماضي قال المستشار محمد فؤاد جاد الله، المستشار القانوني للرئيس المصري إن من بين أسباب استقالته من موقعه التقارب مع إيران. وقال في البند السابع من نص الاستقالة إن من بين ما جعله يتقدم بها «فتح أبواب مصر أمام السياحة الإيرانية وما ينتج عنه من فتح أبواب التشيع والحسينيات والمد الشيعي، وإعادة الدولة الفاطمية وضخ أموال ومصالح إيرانية لخدمة هدفهم في القضاء على المذهب السني في مصر».

وقال خبراء القانون إن السلطات المصرية لم تقم بالتحقيق في الاستقالة، رغم أن المتعارف عليه في المسؤوليات الوظيفية في البلاد أن الموظف الذي يتقدم باستقالة مسببة لا تقبل منه إلا بعد التحقيق فيها، ومعرفة ما إذا كانت هناك مؤاخذات بحق جهة العمل التي هي مؤسسة الرئاسة. وقالت الرئاسة إنها لن تعلق على قرار استقالة جاد الله، أو ما ورد فيها، على اعتبار أنه «رأي شخصي».

على صعيد متصل، قالت الحكومة المصرية إنها ترتب لجلسات مغلقة لإقناع السلفيين بالسياحة الإيرانية، ويعتزم وزير السياحة، هشام زعزوع، دعوة أعضاء مجلس الشورى المنتمين للأحزاب السلفية وقيادات من تيارات سلفية أخرى، ممن لديها تخوف من المد الشيعي بسبب السياحة الإيرانية، في محاولة لإقناعهم بقبول هذا النوع من السياحة المثير للجدل في البلاد. وقال زعزوع إن الجلسات ستكون مغلقة حتى يتحدث المشاركون بصراحة، حتى يتم أخذ رأي نهائي باستمرار السياحة الإيرانية أو وقفها.