الحكومة التونسية توفر حماية أمنية لقيادات سياسية معارضة

بعد أن تلقت تهديدات بالقتل

TT

أعلنت وزارة الداخلية التونسية عن توفير الحماية الأمنية لمجموعة جديدة من القيادات المعارضة، وذلك بعد تلقيهم تهديدات بالقتل صادرة عن أطراف مجهولة لم يقع الكشف عن أسمائها أو توجهاتها السياسية. وسارعت الوزارة إلى توفير الحماية في وقت قياسي لكل من سمير الطيب القيادي بحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي المعارض، وأحمد الصديق القيادي في الجبهة الشعبية التي كان ينتمي لها شكري بلعيد القيادي اليساري الذي اغتيل أمام منزله في السادس من شهر فبراير (شباط) الماضي بالعاصمة التونسية. كما أعلنت الوزارة عن توفير حماية أمنية لسمير لشفي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل خلال هذه الفترة، بعد تلقيه تهديدات بالقتل عن طريق رسائل وصلت إليه من شبكة التواصل الاجتماعي.

ووفرت السلطات التونسية في السابق حماية أمنية شخصية للشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، وحسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر المنظمات العمالية تمثيلا للعمل)، وحمة الهمامي رئيس تحالف «الجبهة الشعبية»، وبسمة الخلفاوي أرملة شكري بلعيد وابنتيها ونجيب الشابي القيادي في الحزب الجمهوري المعارض، وذلك بعد أن تلقوا بدورهم تهديدات بالقتل.

وفي هذا الشأن، قال سمير الطيب لـ«الشرق الأوسط» إن وزارة الداخلية قررت تعيين مجموعة من الأمنيين لحراسة منزله ومصاحبته في تنقلاته الكثيرة عبر المدن التونسية، وذلك بعد تلقيه تهديدات بالقتل. وأشار الطيب إلى أنه برمج لقاء مع لطفي بن جدو وزير الداخلية التونسية للتباحث حول طبيعة الحراسة الأمنية المخصصة له ولعائلته، وسيسأل السلطات الأمنية عن مصادر تلك التهديدات بالقتل، التي لم يقع الإعلان عن أصحابها.

وأشار كذلك إلى أنه لم يتلقّ أي معلومات إلى الآن عن المدة الزمنية لتلك الحراسة، وهل هي حراسة دائمة أم ظرفية.

وقال الطيب إنه لا يأبه كثيرا لتلك التهديدات، ولكنه يطالب بجدية أكبر في تعقب مصادر تلك التهديدات، وقال إن وزارة الداخلية قد أخذتها هذه المرة مأخذ الجد بعد أن تغافلت عنها في السابق، ولم تعطها ما تستحق من اهتمام، وهو ما أدى (حسب قوله) إلى اغتيال شكري بلعيد القيادي في الجبهة الشعبية. ودعا الطيب إلى ضرورة القطع مع عقلية العنف وفض الخلافات السياسية بالقوة، واعتبر أن أطرافا سياسية في تونس لا تزال تلتجئ إلى لغة التهديد والوعيد لتمرير رؤيتها السياسية، وهو ما يتناقض مع جوهر الانتقال الديمقراطي والتداول السلمي على السلطة باعتباره أحد أهم أهداف الثورة التونسية.

وأشارت مصادر أمنية تونسية إلى وجود كثير من المطالب المودعة؛ سواء لدى مصالح وزارة الداخلية أو رئاسة الجمهورية، وبعض الدوائر القضائية تنتظر دورها للتقييم والمتابعة، والتأكد من جدية التهديدات بالقتل التي يزعم أصحابها أنهم قد تلقوها خلال الفترة الماضية.

وقالت المصادر نفسها إن هناك مطالب صادرة عن بعض الوجوه الإعلامية، بالإضافة إلى غيرهم من سياسيين ورجال أعمال.

وكانت حادثة اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين المعارض، قد دفعت بكثير من السياسيين، خاصة من المعارضين، لتوجهات الحكومة في تصريف الشأن العام إلى «تحسس رقابهم»، على حد تعبير أحد المحللين السياسيين، والمطالبة العاجلة بالحماية الأمنية من تهديدات بالقتل واستعمال العنف صادرة عن أطراف مجهولة.

وتساءلت قيادات سياسية وحقوقية عن مدى جدية تلك التهديدات، وفي هذا الصدد قالت منيرة الرزقي باحثة في علم الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» إن بعض السياسية والحقوقيين والنقابيين ورجال الإعلام والسياسة قد «انبهروا» بمصطلح «الحماية الأمنية» وبات الأمر يدل على وجاهة اجتماعية وأهمية سياسية.

وقللت في المقابل من أهمية تلك الحماية واعتبرت أن التمتع بها لا يمكن النظر إليه على أساس أنه امتياز سياسي واجتماعي بقدر ما هو تضييق خناق ومراقبة يومية لمختلف تحركات الأشخاص؛ سواء الرسمية أو العائلية الخاصة، وهو ما يحدّ من حرياتهم، على حد تعبيرها.

ويذكر أنه، وبعد أيام قلائل من اغتيال بلعيد، تم الإعلان عن تقدم شركة أميركية عالمية مختصة في الحراسة الأمنية بطلب فتح فروع لها في تونس. وذكرت معلومات تم تداولها حول الشركة الأميركية «جي فور إس» أن لها أكثر من 1500 حارس مدربين على استعمال أحدث الأسلحة، ويتمتعون بقدرات قتالية عالية، وقد تقدمت إلى السلطات في تونس بطلبها ذاك بنية توفير الحماية والحراسة لعدد من الشخصيات التونسية الناشطة في مختلف المجالات.

ويُذكر أن الشركة الأميركية المذكورة قد نشطت في عدة أماكن للتوتر السياسي، من بينها أفغانستان وباكستان والعراق وبلدان أفريقية أخرى، إلا أن وزارة الداخلية التونسية نفت في أكثر من مناسبة وجود جهاز أمني موازٍ لجهاز الأمن الوطني يُعهد له بحماية المحلات والممتلكات العامة والخاصة، وأكدت أن قوات الأمن الداخلي لها وحدها مسؤولية تحقيق الأمن وضمان حماية التونسيين ومكاسبهم بالتعاون مع قوات الجيش.