ميلاد حكومة جديدة في إيطاليا بعد شهرين على المأزق السياسي

التشكيل الوزاري برئاسة ليتا يؤدي اليمين اليوم .. ومفاوضات شاقة أدت لتوافق اليمين واليسار

الرئيس نابوليتانو يتحدث خلال مؤتمر صحافي، فيما يبدو إلى جانبه رئيس الوزراء ليتا في روما أمس (أ.ب)
TT

أعلن الزعيم اليساري الإيطالي إنريكو ليتا أمس عن تشكيل حكومة إيطالية جديدة، وذلك بعد شهرين على الأزمة السياسية التي نجمت عن انتخابات فبراير (شباط) الماضي.

وبعد يومين من المفاوضات المكثفة، أعلن ليتا الذي وافق رسميا على تولي رئاسة الحكومة تنفيذا لأحكام الدستور، تسمية مدير بنك إيطاليا فابريتسيو ساكوماني وزيرا للاقتصاد والمال، إضافة إلى تعيين المفوضة الأوروبية السابقة إيما بونينو وزيرة للخارجية. وسيكون الرجل الثاني في التشكيل الحكومي أنجيلينو ألفانو رئيس حزب شعب الحرية (يمين) الذي أنشأه رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني. وستقوم هذه الحكومة التي تضم بحسب ليتا «تشكيلة نسوية قوية»، بأداء اليمين الدستورية اليوم الأحد، على أن تبدأ عملية تصويت الثقة في البرلمان عليها مطلع الأسبوع المقبل.

وعلق رئيس الجمهورية جورجيو نابوليتانو قائلا: «لقد كانت الحكومة الوحيدة الممكنة وتشكيلها لم يعد يحتمل التأخير». كما أشاد بقدرة هذه الحكومة التي تضم ائتلافا من قوى اليمين واليسار على الحصول على ثقة مجلسي النواب والشيوخ، طبقا لنصوص الدستور.

وشهدت إيطاليا حال مراوحة سياسية استمرت شهرين كاملين، ذلك أن انتخابات فبراير التشريعية لم تسمح بتشكل أكثرية واضحة، إذ حصل الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه ليتا على أكثرية كبيرة في مجلس النواب، في حين تشاركت ثلاث كتل شبه متساوية الأحجام مقاعد مجلس الشيوخ: الحزب الديمقراطي، حزب شعب الحرية (يمين)، وحركة خمس نجوم بزعامة الكوميدي السابق بيبه غريلو.

وبذل ليتا (46 عاما) مساعي حثيثة مع الأحزاب السياسية بحثا عن صيغة سحرية لحمل اليسار واليمين على العمل معها، وإقناع الحرس القديم بإفساح المجال قليلا أمام الشبان من أصحاب الكفاءات؛ فبعد مشاورات استمرت حتى وقت متأخر من ليل الجمعة - السبت تحادث صباح أمس مع زعيم الحزب الديمقراطي بيير لويجي برساني، ثم عقد لقاء مع وفد من حزب شعب الحرية (حزب برلسكوني)، ورئيس حزب حرية الشعب أنجيلينو ألفانو. وكان الهدف من هذه المشاورات محاولة التوصل إلى تعايش فريقين تفصل بينهما كراهية منذ سنوات في ظل حكومة واحدة؛ بغية إخراج ثالث اقتصاد في منطقة اليورو من أزمة مستمرة منذ أشهر.

وقبل إعلان التوصل إلى اتفاق حول التشكيل الحكومي، تحدث متابعون للشأن الإيطالي عن حدوث تجاذبات بشأن أسماء سياسيين مخضرمين، أمثال رئيسي الوزراء اليساريين ماسيمو داليما وجوليانو أماتو، خاصة أن رئيس الجمهورية نابوليتانو الذي أعيد انتخابه رغما عنه تقريبا، والذي سيبلغ قريبا الثامنة والثمانين من العمر، دعا إلى «التجديد، وتغيير للجيل مع حضور نسائي قوي». وهي طريقة لتلبية الحاجة إلى التغيير التي عبر عنها الإيطاليون، خاصة التصويت بنسبة لم تكن متوقعة لبيي غريلو.

وقال رئيس الحكومة السابقة، ماريو مونتي، الذي أكد دعمه لإنريكو ليتا، إنه «لتعزيز قوة حكومة ليتا من المهم أن يؤكد قادة الأحزاب وكبار السياسيين دعمهم من دون الدخول إلى الحكومة».

وفضلا عن الأسماء، يتعين على الفرقاء السياسيين الآن الاتفاق على سياسة اقتصادية في وقت تغرق فيه البلاد في حالة انكماش. وأكدت وكالة التصنيف الائتماني «موديز أنفستورز سرفيس» أول من أمس العلامة التي أعطيت لدين إيطاليا رغم الأزمة السياسية وهي «بي إيه إيه 2». لكن الوكالة احتفظت بإمكانية خفضها على المدى المتوسط؛ لأن توقعاتها للنمو تبقى «سلبية».

وانتقد إنريكو ليتا، على غرار برلسكوني، سياسات التقشف، إلا أن برلسكوني يسعى بشكل نشط من أجل إلغاء ضريبة عقاربة - كان وعد حتى بتسديدها خلال حملته - ما من شأنه أن يهدد حسابات الأمة ويغرق اليسار في ورطة.