اتفاق مرسي والقضاة على «مؤتمر للعدالة»

بهدف إرجاء أزمة السلطة القضائية

TT

اتفق الرئيس المصري محمد مرسي مع شيوخ القضاء الذين التقى بهم أمس في قصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة) على عقد مؤتمر للعدالة في غضون شهر. وبدا هذا الاتفاق بمثابة إرجاء للأزمة المحتدمة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من جانب والسلطة القضائية من جانب آخر. وقالت الرئاسة المصرية إن مؤتمر العدالة سوف يبحث كل ما يخص القضاء. وقالت مصادر قريبة من اللقاء إنه لم تصدر الرئاسة تعهدا قاطعا بسحب مشروع القانون المثير للجدل الذي تم الدفع به للمجلس التشريعي (البرلمان) ومن شأنه الإطاحة بنحو 3 آلاف قاض.

وأضافت المصادر نفسها أنه «لا ضمانات على سحب القانون الذي يرفضه القضاة من المجلس التشريعي»، بينما يقول المراقبون إن التفاؤل الهش الذي أعقب لقاء الرئيس والقضاة أمس لا يزال في انتظار موقف المجلس التشريعي تجاه ثلاثة مشاريع لتعديل قانون السلطة القضائية، من المقرر عرضها في جلسته العامة الأسبوع الحالي.

وقال الوزير المفوض عمر عامر المتحدث الرسمي باسم الرئاسة لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «شيوخ القضاة أعربوا عن ارتياحهم لما تم التوافق بشأنه من عقد مؤتمر للعدالة تحت رعاية الرئيس مرسي يناقش قانون السلطة القضائية في إطار حوار مجتمعي شفاف».

وكان حزب الوسط القريب من جماعة الإخوان قد دفع بمشروع قانون للسلطة القضائية لتعديل ثلاث مواد بالقانون الحالي، أحدها يتعلق بخفض سن التقاعد وهو ما يعني عمليا الإطاحة بنحو 3000 قاض عن طريق تخفيض سن التقاعد من 70 سنة إلى 60 سنة، وهو ما يرفضه القضاة معتبرين مشروع القانون مذبحة بحقهم.

وأصدرت مؤسسة الرئاسة بيانا رسميا قالت فيه إن «الرئيس (مرسي) أعرب عن تقديره الكامل للسلطة القضائية بهيئاتها المختلفة، ورجالها، وأشاد بمشروع مؤتمر العدالة الذي قدمه السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى. ودعا الرئيس إلى البدء فورا في الإعداد لأعمال المؤتمر».

وتابع البيان قائلا إن الرئيس مرسي وجه الدعوة إلى الهيئات القضائية المختلفة للاجتماع بمقر رئاسة الجمهورية، اعتبارا من يوم غد الثلاثاء، وذلك للإعداد لمؤتمر العدالة تحت رعاية رئيس الجمهورية. وأكد مرسي ثقته في أنه سوف يتم خلال هذا المؤتمر بحث كل معوقات تحقيق العدالة، فضلا عن إعداد مشروعات قوانين السلطة القضائية والهيئات القضائية المختلفة. وأعرب الرئيس عن «تبَنِّيهِ شخصيا لكل ما ينتهي إليه هذا المؤتمر من مشروعات قوانين لتقديمها إلى المجلس التشريعي».

وحضر اللقاء مع الرئيس رؤساء الهيئات القضائية الست الذين وجهت لهم الرئاسة الدعوة أول من أمس وهم المستشار ماهر البحيري، رئيس المحكمة الدستورية العليا، والمستشار محمد ممتاز متولي، رئيس محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى، والمستشار غبريال عبد الملاك، رئيس مجلس الدولة، والمستشار عناني عبد العزيز، رئيس هيئة النيابة الإدارية، والمستشار محمد الشيخ، رئيس هيئة قضايا الدولة، والمستشار سمير أبو المعاطي، رئيس محكمة استئناف القاهرة.

وكانت الأزمة بين القضاة من جانب والسلطتين التنفيذية والقضائية من جانب آخر قد تفجرت في أعقاب صدور حكم بإطلاق سراح الرئيس السابق حسني مبارك لانتهاء مدة حبسه احتياطيا على ذمة قضية قتل المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير، وهو ما دفع جماعة الإخوان المسلمين لتنظيم مظاهرة حاشدة تحت شعار «تطهير القضاء»، قبل أيام.

وقال المستشار ماهر البحيري رئيس المحكمة الدستورية العليا لـ«الشرق الأوسط» عقب اللقاء إنه كان «لقاء إيجابيا ونأمل أن تكون نتائجه إيجابية أيضا»، مضيفا أنه تم التوافق على عقد مؤتمر للعدالة يناقش مشروعات القوانين المتعلقة بالسلطة القضائية على أن ينتهي المؤتمر بإعداد قانون يحظى بتوافق القضاة على أن يتقدم الرئيس شخصيا بهذا القانون إلى المجلس التشريعي. وبشأن مشروعات القوانين التي من المنتظر أن يناقشها نواب المجلس التشريعي خلال الأسبوع الحالي، قال البحيري إنه «للأسف لا يملك السيد الرئيس التدخل في شؤون السلطة التشريعية، كما لا يحق لنا ذلك أيضا، هذه أمور لا يجوز فيها قطع عهد بصفة رسمية، فالرئيس لا يملك سحب مشروع القانون المعروض على البرلمان». وعن الخطوات التي من المنتظر أن يتخذها القضاة حال إصرار المشرعين على المضي قدما في نظر مشروع القانون المعروض عليهم حاليا، علق المستشار البحيري قائلا: «لنكن متفائلين.. سوف تبدأ إجراءات التحضير للمؤتمر يوم الثلاثاء المقبل بالرئاسة ونتوقع خيرا».