باحث إسرائيلي يهاجم الحكومة لرفضها إدخال النكبة منهاج التعليم

يحاول غولدبرغ في دراسته تبديد المخاوف من تعليم مشكلة الفلسطينيين

TT

بعد 65 سنة من تجاهل كتب التدريس الإسرائيلية تعليم أي شيء عن النكبة الفلسطينية، خرج أحد أبرز علماء التربية في إسرائيل، الدكتور تسفرير غولدبرغ من قسم التربية في جامعة حيفا، ببحث جديد ينتقد سياسة الحكومة ويبدد مخاوفها من تعليم الموضوع ويقول: «إن (الولاء الوطني) لا يتضرر حينما تدرس رواية الطرف الآخر، في حين أن التدريس بحسب مبادئ وزارة التربية الإسرائيلية يساعد على الانغلاق وعدم الاهتمام بالآخر».

وتأتي هذه الدراسة بعد ثلاث سنوات من قيام وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، وفي خطوة نادرة، بجمع كل نسخ كتاب تدريس التاريخ «نبني دولة في الشرق الأوسط»، الذي يتطرق إلى النكبة، بعد أن كان قد حصل على جميع الرخص المطلوبة. وصادروه ومنعوا تدريسه بسبب إيراد الكاتب الرواية الفلسطينية للنكبة إلى جانب الرواية الإسرائيلية. وأعيد الكتاب من جديد بعد أن أدخلت عليه تعديلات فقط، لا سيما في الفصل الذي يتحدث عما يسميه الإسرائيليون «حرب الاستقلال» ويتجاهل النكبة.

وأجرى غولدبرغ، وهو أحد مؤلفي الكتاب، بحثا في صفوف الطلبة لفحص تأثير طرق التدريس المختلفة التقليدية لوزارة التربية والتعليم الإسرائيلية في مقابل توجهين بديلين في الموالاة الوطنية للطلاب اليهود والعرب، وفي مدى تسامحهم وقدرتهم على التوصل إلى اتفاقات. فخرج باستنتاجات واضحة جدا تقول إن الولاء الوطني لا يتضرر حينما تدرس رواية الطرف الآخر، في حين أن التدريس بحسب مبادئ وزارة التربية يساعد على الانغلاق وعدم الاهتمام بالآخر.

وشارك في هذا البحث نحو 180 فتى يهوديا وعربيا بين السادسة عشرة والثامنة عشرة من أعمارهم من عشر مدارس في أنحاء البلاد. وقد قسموا إلى ثلاث مجموعات درست «حرب الاستقلال»، والنكبة ونشوء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، بحسب توجهات مختلفة لدراسة التاريخ. وقبل الدرس وبعده أجاب الطلاب على أسئلة مفصلة فحصت مدى التماهي مع مجموعتهم القومية ومدى انفتاحهم لروايات مناقضة عن الصراع وعن تصورهم للقضية التاريخية. وانقسموا بعد ذلك إلى أزواج يضم كل زوجين اثنين من القوميتين طلب إليهما أن يتباحثا في سؤالين وهما: أي طرف يتحمل المسؤولية عن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين؟ وهل يمكن التوصل إلى حل للمشكلة؟ وسجلت الأحاديث وحللت من ناحية كمية (كنسبة الاتفاق بين الطلاب) ونوعية (كمظاهر الهيمنة أو السيطرة على الحديث مثلا). وتم فحص ثلاثة توجهات تدريس في البحث، أحدها هو التوجه التقليدي لدراسة التاريخ كما صاغته وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، وهو توجه تسلطي يدعي نقل «الأحداث كما وقعت». وقال غولدبيرغ: «لا توجد بالطبع طريقة موضوعية لتدريس التاريخ، لكن استعمال وصف محايد لا ينسب إلى جهة ما يطمس حقيقة أن الحديث عن تفسير واحد من تفسيرات كثيرة».

وأضاف: «لا تكتفي وزارة التربية بهذه الطريقة البسيطة لخنق النقد. إن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين مثلا تذكر في الخطة الدراسية الرسمية حقا لكن لم يفرد لها درس واحد فقط. ووجه المعلمون توجيها صريحا إلى الحذر في علاج هذا الموضوع المختلف عليه. وكان التوجهان الآخران اللذان تم فحصهما هما توجه عاطفي يقوم على كتاب تدريس يشتمل على الرواية الإسرائيلية اليهودية وعلى الرواية الفلسطينية، والتوجه النقدي الذي يعتمد على دراسة مصادر تاريخية وفحصها فحصا شكيا وهي مصادر تعرض تفسيرات مختلفة للأحداث على نحو يذكر بالدراسات الأساسية في التاريخ في كل مؤسسة أكاديمية».

وكان من الأمثلة البارزة على التوجهين الأخيرين، المشروع الذي قدمه قبل بضع سنين الأساتذة الجامعيون دان بار– أون، وإيال نفيه وسامي عدوان، الذين ألفوا كتاب تدريس مشتركا. وحاربت وزارة التربية والتعليم في فترة ليمور لفنات حينما كانت وزيرة التربية وفي فترة ساعر هذا الكتاب. وكان يمكن أن نجد التوجه النقدي أيضا في كتاب التدريس الذي شارك غولدبرغ في تأليفه قبل أن يخضع للرقابة.

يشار إلى أن هذا البحث هو الأول من نوعه الذي يفحص تأثير طرق مختلفة لتدريس تاريخ الصراع اليهودي العربي في الهوية القومية وفي العلاقات بين الشعبين. في عامي 2009 و2010 منع ساعر ورئيس أمانة السر التدريسية الذي عينه الدكتور تسفي تسميرت، استعمال كتب تدريس تروي الرواية الفلسطينية أيضا. ويمكن أن يشير هذا المنع القاطع إلى خوف من أن الكشف عن دعاوى الفلسطينيين قد يقنع الطلاب ويضعضع إيمانهم بالدولة.