3 قضايا خلافية في حكومة نتنياهو حول الوضع في سوريا

«معاريف» تتحدث عن قصف مقر إدارية الكيماوي في دمشق.. وإسرائيل تنفي وتتهم المعارضة بالسعي لجرها للتدخل

TT

نفى مسؤول سياسي رفيع في الحكومة الإسرائيلية، أمس، الأنباء التي نشرتها صحيفة «معاريف» والتي قالت فيها إن طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي حلقت فوق العاصمة السورية دمشق بما في ذلك قصر الرئاسة وقصفت مركز أبحاث فيها. وقال هذا المسؤول إن إسرائيل ليست بحاجة للتحليق فوق دمشق حتى تعرف ما يجري هناك. واتهم عناصر في المعارضة السورية بالسعي لجر إسرائيل وغيرها من دول العالم إلى التدخل العسكري في سوريا.

وجاء هذا التصريح، خلال لقاء هذا المسؤول أمس، مع بعض المراسلين العسكريين الذين انتقدوا الحكومة على تجاهلها الإعلام وبحثها الموضوع السوري في أطر سرية، حيث قال إنه بات واضحا بما لا يقبل الشك أن النظام السوري استخدم السلاح الكيماوي في حربه ضد المعارضة. ورفض المسؤول الإسرائيلي الموقف الفرنسي، كما عبر عنه وزير الخارجية، لوران فابيوس، بأنه «لا توجد أدلة على استخدام النظام للسلاح الكيماوي». وأضاف: «لدينا ليس إثباتات قاطعة فحسب، بل أكثر من إثباتات على أن النظام استخدم هذه الأسلحة. والمعلومات كاملة موجودة لدى جميع أجهزة الاستخبارات في دول الغرب».

وكان المجلس الوزاري الأمني المصغر للحكومة الإسرائيلية، الذي يضم سبعة وزراء، قد عقد جلسة أول من أمس، خصصها للموضوع السوري، أحاطها بالسرية التامة ورفض حتى أن يؤكد أو ينفي مجرد انعقادها. وحسب معلومات نشرت، أمس، فإن هناك خلافات شديدة في إسرائيل حول الموضوع السوري، ما بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية، وحتى داخل كل من القيادتين معا. ويستدل من النشر في وسائل الإعلام وفي تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، أن الخلافات تتركز حول ثلاثة مواضيع أساسية، هي:

أولا: مصير سوريا: فهناك سياسيون وعسكريون إسرائيليون يعتقدون أن سقوط نظام بشار الأسد هو في مصلحة إسرائيل، لكونه جزءا من محور الشر وسقوطه سيضعف إيران وحزب الله اللبناني. لكن هناك سياسيين وعسكريين يرون أن البديل عن الأسد أسوأ بالنسبة لإسرائيل ولدول العالم الغربي، لأن المعارضة تضم قوى متطرفة تذكر بحركة طالبان في أفغانستان وهناك قوى تنتمي إلى تنظيم القاعدة بشكل علني، مثل «جبهة النصرة»، وهذه القوى ستنقلب قريبا جدا على من يمولها ويساندها من الغرب ومن العرب أيضا.

ثانيا: التدخل الغربي: توجد قوى في القيادة الإسرائيلية تريد تدخلا غربيا لإعادة الاستقرار إلى سوريا وفرض نظام تأمين إسرائيل جانبه. وبعض هذه القوى يهاجم دول الغرب، اليوم، ويتهمها بالتردد والتلعثم. ولكن في الوقت نفسه، هناك قوى ترى أنه يجب طمس الموضوع السوري عن الأجندة الدولية وإبقاؤه شأنا سوريا داخليا، حتى لا يغطي على موضوع التسلح النووي الإيراني.

ثالثا: التدخل الإسرائيلي: مع أن الغالبية الساحقة من المسؤولين الإسرائيليين يرون أن إسرائيل يجب أن تقف على الحياد التام ولا تتدخل أبدا في الموضوع السوري، وأنها حتى عندما يحاولون جرها ويطلقون عليها صاروخا أو قذيفة عليها ألا ترد، وهؤلاء يعتقدون أن جهات سورية معينة في المعارضة وحتى في النظام تريد أن تجر قدم إسرائيل لتتدخل في الشأن السوري. وكشفت صحيفة «معاريف»، أمس، أن هناك خلافات في وجهات النظر داخل الأجهزة الاستخبارية في إسرائيل حول «من يخدم المصلحة الأمنية الإسرائيلية بشكل أفضل: نظام الأسد أم المعارضة. وكيف يجب التعامل معه». ونقلت عن أحد المسؤولين قوله إنه يجب التركيز على البرنامج النووي الإيراني، وفي حال انهيار نظام الرئيس بشار الأسد فإن محور إيران - سوريا - حزب الله سيتلقى ضربة قاصمة تخدم معالجة البرنامج النووي الإيراني. ولكن جهازا استخباريا آخر أشار إلى أنه يجب تحويل الأنظار أكثر إلى الحدود بين سوريا وإسرائيل، وأقل باتجاه التهديد الاستراتيجي الإيراني. وبحسب تقديرات الجهاز الأخير فإن الإطاحة بالأسد ستؤدي إلى فوضى وتفكك السلطة المركزية، وعندها ستتمركز منظمات المعارضة على الحدود مع إسرائيل، وتوجه الطاقات باتجاه تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية. ويخلص هذا الجهاز إلى أنه من الأفضل إتاحة المجال أمام الطرفين في سوريا لمواصلة استنزاف بعضهما البعض لمدة طويلة.

وبحسب عناصر الاستخبارات الإسرائيلية التي تدعم الإطاحة بالأسد، فإنه «مع انهيار النظام السوري سيزول التهديد الذي يشكله الجيش السوري على إسرائيل، وسيضعف حزب الله، وتفقد إيران القدرة على الرد في حال شن هجوم إسرائيلي عليها».

وأشارت وجهة نظر استخبارية أخرى تعارض الإطاحة بالنظام السوري، إلى أن المعركة بين الجيش السوري وبين المعارضة أدت إلى تراجع التهديدات التي كان يشكلها الجيش السوري على إسرائيل. كما أن المنظمات «الإسلامية المتطرفة» التي تقاتل الأسد منشغلة بالقتال مع الجيش السوري، وأنه «طالما ظلت المعارضة منشغلة بالقتال فإن الحدود بين إسرائيل وسوريا ستظل هادئة».

وبحسب «معاريف»، فإن موقف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ليس واضحا، فهو يخشى من تسليح المعارضة من قبل الغرب بشكل يمكن أن يؤدي إلى حسم المعركة مع النظام السوري، كما أنه يريد التيقن من أن «المجموعات المسلحة» ستتعاون مع الغرب في التوصل إلى حل سياسي. كما أنه ليس من الواضح ما إذا كان نتنياهو يؤيد التدخل العسكري الذي قد يؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية على الحدود الشمالية وتحويل الأنظار عن البرنامج النووي الإيراني.

من جهة ثانية، كتبت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن الولايات المتحدة تستعد لسيناريو إدخال قوات برية إلى سوريا، مشيرة إلى مخاوف الرئيس الأميركي باراك أوباما من الصعوبات التي تنطوي عليها عملية تحييد التهديد الكيماوي، بدءا من المعلومات الاستخبارية الدقيقة المطلوبة للعملية، وكذلك المخاطر الكامنة في إزالة تركيز المواد الكيماوية السامة. ونقلت عن مسؤولين أميركيين كبار قولهم في بيانات صحافية إن شن حملة واسعة النطاق لعزل التهديد الكيماوي في سوريا يتطلب إدخال قوات برية على نطاق واسع يشارك فيها ما لا يقل عن 75 ألف جندي من الولايات المتحدة ودول أخرى. وأشاروا إلى أن القوات البرية يجب أن تشتمل على وحدات «كوماندوز» خاصة، وقوى استخبارية، وخبراء في مجال الأسلحة الكيماوية. وأشارت الصحيفة إلى أن الغرب على علم بوجود 18 موقعا على الأقل يستخدمها النظام السوري لتخزين الأسلحة الكيماوية.

وتابعت الصحيفة أن إدخال قوات برية سيواجه بمقاومة عسكرية من جانب النظام السوري، سواء للدفاع عن المواقع، أو لإظهار الحرب على أنها مؤامرة مشتركة للغرب وتنظيم القاعدة لإسقاط النظام. كما أشارت في هذا السياق إلى انقسامات في وجهات النظر بشأن احتمالات تدخل إيران وحزب الله. ولفتت الصحيفة إلى أن الأسلحة الكيماوية يجب تركيزها في منطقة ربما تكون خارج سوريا من أجل العمل على عزلها ودفنها أو تدمير المنشآت التي تحتوي على هذه الأسلحة.

وبحسب «هآرتس» فإن هذه العملية تعتبر ضخمة جدا، وتستغرق شهورا طويلة، وبالتالي فإنها تعتبر أسبابا جيدة للإدارة الأميركية لتجنب تنفيذ عملية في سوريا. وضمن السيناريوهات الأميركية المحتملة في سوريا، بحسب «هآرتس»، إمكانية تسليح المعارضة، على نحو يعجل بسقوط النظام، لكن ذلك قد يدفع الرئيس السوري إلى رفع القيود عن استخدام الأسلحة الكيماوية. وأشارت إلى إمكانية أخرى وهي قصف عن بعد لمواقع ذات صلة بالسلاح الكيماوي بالصواريخ من البحر، إلا أن ذلك قد يدفع النظام السوري إلى مهاجمة أهداف أميركية، وقد يجر ذلك الولايات المتحدة إلى عملية عسكرية واسعة. وتناولت الصحيفة سيناريو إقامة حزام أمني على طول الحدود مع تركيا والأردن، إلا أن إقامة مثل هذه الأحزمة ستؤدي بالتأكيد إلى رد سوري قد يدفع الولايات المتحدة إلى التدخل العسكري الواسع.

وضمن سيناريو السيطرة على مخازن الأسلحة الكيماوية عن طريق إرسال قوات إلى سوريا للاستيلاء عليها ومنع وقوعها بأيدي «منظمات متطرفة»، أشارت إلى أن ذلك يتطلب إرسال عشرات الآلاف من الجنود إلى سوريا للسيطرة على المخازن، الأمر الذي قد يؤدي إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط.