لبنان: الشرطة تنسحب من طرابلس «لتخفيف التوتر».. بعد سقوط 18 قتيلا وجريحا

مخالفات بناء وراء مواجهات مسلحة بين مواطنين وقوى الأمن

TT

في ضواحي مدينة طرابلس، عاصمة شمال لبنان، انفجر الوضع الأمني مجددا أمس، إنما هذه المرة على خلفية مخالفات البناء. إذ كانت منطقة البدّاوي، شمال شرقي المدينة، ساحة للمواجهات المسلحة بين أبناء المنطقة والقوى الأمنية التي باشرت تنفيذ قرار إزالة المخالفات العقارية التي تزايدت في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، بعد نزوح مئات العائلات السورية وارتفاع أسعار الإيجارات.

وأدّت المواجهات بين الطرفين إلى مقتل 3 أشخاص وجرح 15 شخصا، بينهم عنصر من قوى الأمن الداخلي أصيب أثناء الأشكال في محلة وادي النحلة وما لبث بعدها أن فارق الحياة، فضلا عن إحراق سيارتين تابعتين لقوى الأمن الداخلي، كما بقيت الطرقات الرئيسة والفرعية التي تصل طرابلس بمنطقة عكار والحدود السورية مقطوعة لساعات عدّة.

التوتّر ساد المنطقة طوال يوم أمس، ولا سيما خلال تشييع الضحايا، وفق «الوكالة الوطنية للإعلام»، التي أشارت إلى أنه لدى وصول جثماني القتيلين محمد عبد الله سيف ومحمود ريّا إلى محلة وادي النحلة في البداوي عمد عشرات من الأهالي إلى إطلاق النار في الهواء. وتجنبا لأي ردود فعل ثأرية قد تصدر من الأهالي تجاه القوى الأمنية، عمدت وزارة الداخلية اللبنانية إلى اتخاذ قرار بسحب عناصرها من المدينة وتولي شرطة البلدية المهام الأمنية، حسب ما ذكره المهندس الدكتور نادر الغزال، رئيس بلدية طرابلس لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أنّه من المفترض أن تعود اليوم الثلاثاء، إلى تولي مهمتها كالمعتاد، لا سيما أن شرطة البلدية أصبحت تعاني في الفترة الأخيرة من الزحمة والاكتظاظ التي تشهدها المنطقة وعاجزة عن ضبط الوضع.

وفي حين رأى الغزال أنّ قرار إزالة مخالفات البناء أتى متأخرا، اعتبر أنّ «مقولة (أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا) لا تنطبق على الوضع في طرابلس، حيث الفلتان على هذا الصعيد منتشر منذ فترة، كما هو في مناطق لبنانية أخرى، وبالتالي لا يمكن أن يتم اتخاذ هذا القرار اليوم بشكل مفاجئ، لإزالة مبان شيدت، في مجتمع اعتاد على الفوضى وعدم تطبيق القانون». ووصف الغزال الوضع بـ«السيئ»، ولافتا إلى أنّه سيناقش الأمر اليوم (الثلاثاء) مع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل، والاطلاع على قرارات الوزارة في هذا الشأن.

من ناحية ثانية، لم ينف نائب المنطقة خالد الضاهر، أنّ تزايد أعداد النازحين السوريين إلى مناطق الشمال ساهم أيضا في تفاقم مشكلة مخالفات البناء، وذلك بعد ارتفاع أسعار الإيجارات نظرا لزيادة الطلب عليها، وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذه الظاهرة موجودة في الشمال كما غيرها من المناطق اللبنانية، لكن في الفترة الأخيرة بعد نزوح مئات العائلات السورية، بات يصعب على اللبناني كما السوري إيجاد مأوى أو سقف ليسكن تحته».

جدير بالذكر، أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي - شعبة العلاقات العامة أصدرت بيانا حول الحادث، أشارت فيه إلى أنه «أثناء قيام قطعات من سرية طرابلس في وحدة الدرك الإقليمي تؤازرها قوى من وحدة القوى السيارة والجيش اللبناني بقمع مخالفات البناء في بلدة وادي نحلة - البدّاوي، تجمهر عدد من المواطنين وعمدوا إلى رمي القوى الأمنية بالحجارة ومن ثم إطلاق نار لمنعها من تنفيذ مهامها، فردت القوى الأمنية بالمثل، مما أدى إلى جرح خمسة عناصر من قوى الأمن وعدد من المواطنين نقلوا إلى المستشفيات المجاورة حيث استشهد لاحقا العريف علي صقر وتوفي مواطنان آخران كما أحرقت آليتان لقوى الأمن وتضررت آليات أخرى».