لبنان: «شبه توافق» على حكومة من 24 وزيرا.. والعقدتان «مداورة الحقائب» و«الثلث المعطل»

كتلة جنبلاط تبلغ بري اعتبارها صيغة القانون المختلط «غير مثالية»

TT

أفادت مصادر تمام سلام الرئيس المكلف تشكيل حكومة لبنانية جديدة، بالتوصل إلى شبه توافق على تشكيل حكومة من 24 وزيرا، على الرغم من مطالبة بعض القوى السياسية بتشكيل «حكومة فضفاضة»، مشيرة إلى إصرار سلام على «تشكيل حكومة منتجة»، وبالتالي لا يرى لزوما لتشكيل حكومة فضفاضة.

مصادر سلام لـ«الشرق الأوسط» كشفت أن «النقاش خلال الاتصالات والمشاورات التي يجريها الرئيس المكلف اليوم تدور حول نقاط عدة، أولها موضوع المداورة في تولي الحقائب الوزارية»، أي إسناد حقائب وزارية تتمسك بها بعض الكتل حاليا إلى كتل أخرى، وهو ما ترفضه بعض مكوّنات فريق «8 آذار». وتشير المصادر إلى اعتراض بعض القوى السياسية على مبدأ أن يكون الوزراء من غير المرشحين للانتخابات النيابية، في موازاة رفض سلام المطلق لإعطاء الثلث المعطل (للقرارات) داخل الحكومة لفريق من دون آخر. ونقلت مصادر الرئيس المكلف عنه قوله إنه لا يريد حكومة «خاضعة للتجاذبات السياسية»، بل سيسعى إلى «تشكيل فريق منسجم، وهو كان ولا يزال يسعى لتشكيل قوة وسطية داخل الحكومة». وعما إذا كان سلام، انطلاقا من حصيلة المشاورات والشروط التي تضعها بعض القوى السياسية، متفائلا بإمكانية تشكيل حكومة، أجابت مصادره: «نحن في مرحلة أخذ ورد، ونعتبر أننا ما زلنا ضمن الوقت المعقول»، مذكرة في الوقت عينه بتكرار سلام الإشارة إلى أنه «لن يقبل بأن تمتد عملية التأليف لشهرين أو ثلاثة أو أربعة». وأضافت: «إذا اكتشف (الرئيس المكلّف) أنه لا نية لدى الفرقاء السياسيين لتسهيل تشكيل الحكومة ووصل إلى طريق مسدود، فسيحدد لنفسه مهلة ويبادر إلى إعلان موقف في حينه، ليبني على الشيء مقتضاه».

مواقف الرئيس المكلف، على لسان مصادره، تأتي في موازاة استمرار الجدل حول قانون الانتخاب، وبالتزامن مع موقف بارز لكتلة النائب وليد جنبلاط، لناحية إعلانها أن صيغة القانون المختلط (الذي يزاوج بين النظامين الانتخابيين الأكثري والنسبي)، التي وضعها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وخضعت للنقاش على طاولة لجنة التواصل النيابية «ليست مثالية». لكن مصادر سلام تبدي رفضها الكامل لأي ربط بين إقرار قانون انتخاب وتشكيل الحكومة، معتبرة أنه «لا علاقة لأحد الأمرين بالآخر، وينبغي الفصل بين مقاربة كل منهما». وكان النائب بطرس حرب، وبعد لقائه، أمس، سلام مع عدد من النواب المستقلين، قد أعرب عن أمله بتحاشي الوصول إلى «الفراغ»، في ظل تعذر التوصل إلى إقرار قانون انتخاب. وأكد: «إننا والرئيس المكلف على موقف واحد من أنه يجب أن نتفادى الفراغ، وإذا شعرنا بأن البلد ذاهب في هذا الاتجاه، فعلى الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية أن يتحملا مسؤوليتهما في هذا الاتجاه، ونحن مساندون لهما لمنع الفراغ». وشدّد حرب على أن لبنان «لا يقوم على توزيع المغانم والحصص للقوى السياسية وللطوائف»، داعيا رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف سلام إلى «التعاون فيما بينهما لتشكيل الحكومة من دون أن تفرض الكتل النيابية عليهما، لا الأسماء ولا الوزارات».

وعلى خط الانتخابات النيابية، وفي موقف أولي، قال رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان إنه «لا صحة لما أشيع عن توجه لقبول الطعن المقدم حول تعليق المهل الانتخابية»، وذلك بالتزامن مع بدء المجلس الدستوري، أمس، النظر في الطعن المقدم من 11 نائبا، غالبيتهم من نواب كتلة وليد جنبلاط، بقانون تعليق المهل، وفق «قانون الستين»، وهو ما أقره مجلس النواب في جلسته الأخيرة، ومن المتوقع أن يعين المجلس الدستوري في الأيام المقبلة مقررا لدرس الطعن.

وفي موازاة رفض غالبية القوى السياسية العودة إلى «قانون الستين» الأكثري، لضمان إجراء الانتخابات في موعدها، أعلن الوزير في كتلة جنبلاط وائل أبو فاعور، بعد لقائه الرئيس برّي، يرافقه وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي، ضم النائب أكرم شهيب وهشام ناصر الدين، أنه جرى التوصل مع بري إلى أن «هذا الاقتراح (المختلط) ليس هو الاقتراح المثالي».

وشدد أبو فاعور على أن «العلاقة بين جنبلاط وبرّي لا تحكمها لاءات متبادلة، بل السعي المشترك الدائم إلى إنتاج صيغ توافقية يمكن أن تخرج البلد من كثير من الأزمات، وهذا يستوي في قانون الانتخاب وينطبق أيضا على تشكيل الحكومة، وبالتالي العلاقة بيننا وبين الرئيس بري هي علاقة ولادة للاقتراحات والأفكار والتصورات المشتركة».

وأوضح أن «تصوّرنا المشترك مع بري بعد جلسة من النقاش التفصيلي والتقني أنه ربما لا نستطيع أن نكفل عبر التمثيل المحق لكل الأطراف، ولا يمكن أن نكفل له الوفاق الوطني الكامل الذي يجب أن يتوافر في أي قانون انتخاب».

وكشف أبو فاعور أن «النقاش لا يزال مستمرا، وسيستكمل في جلسات ثنائية بيننا وبين فريق عمل الرئيس برّي للوصول إلى تصور مشترك في وقت قريب يجري اقتراحه، ومحاولة السعي إلى الحصول على توافق وطني عليه لإجراء الانتخابات في موعدها، وهو يجب أن يبقى المعيار الأساسي في عملنا كقوى سياسية في هذه المرحلة». ورأى أبو فاعور أنه «ما زالت لدينا أيام فاصلة وحاسمة، ويجب الإفادة منها لمزيد من النقاش، لذلك ستكون هناك اجتماعات كثيفة للوصول إلى صيغ مشتركة»، لافتا إلى «أننا لم نحدد مهلة، ولكن يجب أن نفيد من كل لحظة».

وعكست مجموعة من المواقف الصادرة في بيروت، أمس، استمرار التباين في وجهات النظر بشأن قانون الانتخاب وصيغة الحكومة المقبلة في آن معا. وفي هذا السياق، انتقد عضو كتلة القوات اللبنانية، النائب أنطوان زهرا، التسريبات التي تتحدث عن العودة إلى اعتماد «قانون الستين».

وذكر بأن «كل الحركة السياسية الحاصلة في الشهور الأخيرة، وصولا إلى اجتماعات بكركي، صبت كلها في إطار رفض (قانون الستين) والبحث عن قانون آخر عصري وحديث وتوافقي»، مشيرا إلى أن «الأحزاب المسيحية ذهبت في رفضها لهذا القانون إلى الحد الأقصى بتأييدها الطرح المناقض له تماما، وهو الاقتراح الأرثوذكسي سعيا للوصول إلى قانون يؤمن صحة التمثيل والتوازن الوطني والوحدة الوطنية». وتمنى النائب آلان عون عضو كتلة الإصلاح والتغيير، برئاسة النائب ميشال عون، على «كل الفرقاء قبول منطق التصويت بالأكثرية على قانون اللقاء الأرثوذكسي (ينص على أن تنتخب كل طائفة نوابها)»، ودعا للاحتكام إلى «التصويت» و«ليسقط القانون أو يقر، فلن نتنازل طوعا عن حقوقنا كمسيحيين، وليتحمل الرافضون مسؤولية الإبقاء على التهميش أمام الرأي العام المسيحي.

وأعلن عون، خلال مقابلة تلفزيونية، أمس، عن «توصلنا إلى قناعة بأنه سيكون هناك صعوبة كبيرة في التوصل إلى إجماع حول قانون الانتخاب، إذ يرفض حزب الكتائب الانطلاق من مشروع الرئيس بري لنقاش النظام المختلط من جهة، ويرفض «التقدمي الاشتراكي» فصل الشوف عن عاليه من ناحية أخرى»، داعيا إلى أن «يصارحوا الرأي العام اللبناني، وليوقفوا عملية التشويش والتضليل والإيحاء بأن التيار الوطني الحر يعطل».

وفي موازاة إشارة عون إلى أن فريقه السياسي «يريد الذهاب إلى الحسم في مجلس النواب، لأنه (طفح الكيل) وشبعنا مناورات»، وأنه «سيصوت على تمديد تقني فقط تسهيلا لإجراء الانتخابات»، أعرب عن اعتقاده بأن «إقرار قانون انتخابي عامل مسهل لتشكيل الحكومة». ورأى عون أنه «إذا تحدد مصير الانتخابات بشكل نهائي، فسيتحدد بالتالي مدة عمل الحكومة وهويتها»، معتبرا أن «المشكلة لا تكمن بعدد الوزراء؛ 30 أو 24 وزيرا، بل في توزيع النسب وفقا لحجم الكتل في المجلس النيابي».