ليبيا: مخاوف من اقتحام مقر الحكومة وترقب في الوزارات

وزير الخارجية: تلقينا تطمينات بعدم تدخل عائلة القذافي في شؤون البلاد

ليبيون ينظرون إلى مبنى تابع لوزارة الدفاع الليبية تم حرقه في بنغازي مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

واصل عدد من المسلحين الليبيين حصار مقر وزارة الخارجية الليبية بوسط العاصمة طرابلس، أمس (الاثنين)، لليوم الثاني، للمطالبة بـ«تطهير الوزارة من عناصر النظام السابق». وبينما قال شهود عيان إن «مسلحين اقتحموا بالفعل وزارتي الداخلية والمالية، أمس، إلى جانب حصار الخارجية»، كشف مسؤول ليبي رفيع المستوي عن وجود حالة ترقب تسود مختلف الوزارات، بعد ورود معلومات عن احتمال اقتحامها من قبل المسلحين، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»: «نخشى أن يقدم المسلحون على محاولة اقتحام مقر رئاسة الحكومة في طرابلس». إلى ذلك، قالت السلطات الليبية إنها تلقت تطمينات من نظيرتها في سلطنة عمان بعدم تدخل أفراد عائلة العقيد الليبي الراحل معمر القذافي في الشؤون السياسية لليبيا.

وأكد المستشار مصطفى دويدار المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة في مصر، أمس، أن أحمد قذاف الدم، ابن عم القذافي المحبوس في مصر، لم يتم إخلاء سبيله، وأنه تمت إحالته محبوسا على ذمة قضية مقاومة السلطات وحيازة أسلحة نارية وذخائر دون ترخيص، مشيرا في تصريحات صحافية، أمس، إلى أن قذاف الدم كان في البداية محتجزا على ذمة تسليمه للسلطات الليبية، وبعد إحالته محبوسا في القضية الجنائية، زال الاحتجاز الذي كان مفروضا عليه لمدة 30 يوما.

وكان كمال جرجس رئيس مكتب التعاون الدولي بالنيابة العامة في مصر، قد أكد، أمس، أن قذاف الدم أخلي سبيله بقرار من النائب العام المصري المستشار طلعت عبد الله في قضية تسليمه إلى ليبيا، الخاصة بالتحقيقات التي تمت بمكتب التعاون الدولي.

ووصل وفد ليبي رفيع المستوى برئاسة الدكتور محمد المقريف رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، مساء أول من أمس، إلى العاصمة العمانية مسقط. وقال محمد عبد العزيز وزير الخارجية الليبي، إن «سلطنة عمان وافقت على معاملة أفراد عائلة القذافي كلاجئين سياسيين، وهذا شيء عادل»، مشيرا إلى أن ما يهم ليبيا هو أن لا يمارسوا أي نشاط سياسي يتعارض مع ثورة 17 فبراير (شباط) عام 2011، التي أطاحت بالقذافي.

وأضاف الوزير الليبي أن بلاده تلقت تطمينات من العمانيين في مختلف المناسبات تفيد بأنهم سيحترمون حرص ليبيا على ابتعاد أفراد عائلة القذافي عن التدخل في السياسة الليبية. وحسب الوزير الليبي، فإن ابنة القذافي عائشة وابنها وزوجها وشقيقها محمد وآخرين قد منحوا اللجوء السياسي في سلطنة عمان، بعد مغادرتهم الجزائر التي لجأوا إليها في أغسطس (آب) عام 2011. وتابع: «كما لجأت إلى الجزائر زوجة القذافي صفية وابنها هانيبال، بينما فر ابنها الآخر الساعدي إلى النيجر في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، بينما قتل 3 من أبناء القذافي هم معتصم وسيف العرب وخميس في الأحداث التي شهدتها ليبيا».

أما سيف الإسلام، الذي كان يعد ليكون خليفة والده، فقد اعتقل في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011، وينتظر محاكمته.

وعلى صعيد متصل، تقوم نحو 30 سيارة «بيك آب» يحمل بعضها مضادات جوية، إضافة إلى عشرات الرجال المسلحين، منذ صباح أول من أمس، بمحاصرة مقر وزارة الخارجية، وعلقت على مداخل المبنى لافتات كتبت عليها عبارات تطالب بتبني قانون العزل السياسي.

وقال أيمن محمد أبو دينة عضو تجمع المحتجين إن «الوزارة ما زالت محاصرة ومقفلة»، مضيفا أن «محادثات ستبدأ في الساعات المقبلة مع مسؤولين في الوزارة».

ورأى أبو دينة أن «الحصار لن يرفع إلا عند تلبية مطالب المحتجين، وخصوصا مع تصويت المؤتمر الوطني العام على مشروع قانون العزل السياسي للمتعاونين السابقين مع معمر القذافي».

وقالت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى بالخارجية الليبية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»: «إن ما فعلته الميليشيات أمر مسيء جدا لليبيا، وإنه ليس بذلك الطريق تلبى تلك المطالب، وإن كانت مشروعة».

وكان علي زيدان رئيس الوزراء الليبي أعرب، أول من أمس، في مؤتمر صحافي، عن أسفه لمحاصرة مبنى وزارة الخارجية، وندد أيضا بأعمال تخريب استهدفت وزارة الداخلية والتلفزيون الوطني، داعيا السكان إلى دعم الحكومة في مواجهة المجموعات المسلحة التي «تريد زعزعة البلد»، موضحا أن حكومته لا تريد «الدخول في مواجهة مع أحد».

ونفي زيدان استقالة وزير الداخلية عاشور شوايل، قائلا إن «ما تواجهه حكومته من تحديات لن يثنيها عن مشوارها، ولن يوقفها عما تقوم به، وهي مقتنعة بذلك بتفاهم وتوافق وتناصح ومشورة المؤتمر الوطني، الذي يمثل السلطة التشريعية في الدولة».

وقال زيدان: «إذا استمرت محاصرة وزارة الخارجية، فإن ذلك بكل تأكيد سيسيء لنا ويسيء إلى سمعة ليبيا، ويجعل الشركات الأجنبية لا تأتي إلينا، ويجعل السفارات الأجنبية تغادر البلاد».

من جهته، قال صالح المخزوم النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني، إن «المؤتمر قد أحال قبل يومين مشاريع القوانين إلى الكتل والأحزاب لسياسية بداخل المؤتمر لتجتمع وتبلور قانون العزل السياسي خلال أسبوعين، بحيث يقدمون مشروعا متكاملا ليتم التصويت عليه». ويثير قانون العزل للمسؤولين الذين عملوا مع النظام السابق جدلا وقلقا بين الطبقة السياسية (حسب مراقبين)، وتمت في الآونة الأخيرة محاصرة أعضاء في المؤتمر الوطني العام لعدة ساعات من متظاهرين يطالبون بتبنٍّ سريع لقانون العزل السياسي، وتعرض موكب رئيس المؤتمر محمد المقريف إلى إطلاق نار دون حدوث إصابات.