رئيس الوزراء الياباني: بقاء الأسد يزيد من مخاوف تأثير المتطرفين بعده

شينزو آبي أكد في حوار مع «الشرق الأوسط» أن السعودية شريك مهم لأمن الطاقة في اليابان

شينزو آبي رئيس الوزراء الياباني («الشرق الأوسط»)
TT

قال شينزو آبي رئيس الوزراء الياباني إن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، سيعيق العملية الانتقالية بشكل سلس، مشيرا إلى أنه في حال استمرار الوضع الحالي كما هو، فهناك خوف من زيادة تأثير المتطرفين في المرحلة التي تلي نظامه.

وبين رئيس الوزراء الياباني في حوار مع «الشرق الأوسط» أن بلاده كانت ولا تزال تبذل جهودا سياسية، بالتعاون مع المجتمع الدولي، من أجل دعوة الأطراف المعنية في عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل إلى استئناف المحادثات للتوصل إلى حل بإنشاء دولتين.

ويبدأ شينزو آبي زيارته لكل من السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وتركيا، حيث يشير إلى أنها الدول الرئيسة في المنطقة، ويسعى لتبادل الآراء بشكل معمق حول كيفية التعاون والتنسيق من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة، في الوقت الذي أشار فيه إلى أن السعودية تعد شريكا مهما للغاية لأمن الطاقة في اليابان.

وتحدث رئيس الوزراء الياباني في الحوار المكتوب, عن الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وحول استعداد بلاده لمواجهة كافة الاحتمالات من قبل كوريا الشمالية، إضافة إلى علاقة اليابان بدول الربيع العربي والوضع الاقتصادي العالمي. وإلى تفاصيل الحوار

*ما الغرض من زيارتكم إلى دول الشرق الأوسط؟ وكيف تقيّمون العلاقة مع المملكة العربية السعودية، خاصة في مجال النفط؟ وكيف ترون إمكانية تطويرها؟

- تحتفظ اليابان ودول الشرق الأوسط بعلاقات ممتازة تقليديا، ولكن خلال عدة سنوات ماضية، لم تكن هناك أي زيارة لرئيس وزراء ياباني إلى دول الشرق الأوسط.

وفي هذه الزيارة يرافقني وفد من رجال الأعمال، لكي نظهر مدى انتعاش اليابان الاقتصادي، ونؤكد أيضا وجود اليابان الصديق القديم للعالم العربي، وبعبارة أخرى، نهدف من الزيارة لبناء شراكة شاملة مع دول الشرق الأوسط، وتطوير العلاقة المتعددة المستويات.

وتشمل هذه الشراكة أولا تعزيز العلاقات في المجال السياسي من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة، وتعزيز العلاقات الاقتصادية، بما في ذلك مجال الطاقة، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات في مجال التبادل الثقافي بما في ذلك تبادل الزيارات بين الشعوب، وتنمية الموارد البشرية.

وسأزور هذه المرة إلى جانب السعودية، دولة الإمارات، وتركيا وهي الدول الرئيسة في المنطقة، وأود أن أتبادل الآراء بشكل معمق حول كيفية التعاون والتنسيق من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة. وتعتبر المملكة العربية السعودية بشكل خاص، شريكا مهما للغاية لأمن الطاقة في اليابان. ولقد تمكنا من زيادة نطاق التعاون الثنائي من خلال الكثير من الوسائل، مثل زيادة التعاون الصناعي الياباني - السعودي، وفي مجالات المياه، وترشيد استهلاك الطاقة، والطاقة المتجددة، والتنمية الصناعية، وتنمية الموارد البشرية. وقد تم قبول أكثر من 500 طالب سعودي يدرسون الآن في اليابان. وأتمنى توسيع مثل هذه العلاقة الثنائية المتعددة المستويات في مجالات أكثر من أجل تجسيد الشراكة الشاملة.

*مرت عدة بلدان مثل مصر وتونس وليبيا واليمن بثورات وأقامت حكومات جديدة. كيف تقيّمون العلاقة بين اليابان وهذه الدول، وما رسالتكم إلى العالم العربي؟

- على الرغم من بعد المسافة الجغرافية، فإن اليابان والعالم العربي يتمتعان بعلاقات وثيقة جدا. أتذكر أنه عندما ضرب الزلزال الكبير شرقي اليابان، قدمت الدول العربية دعما هائلا لنا، وإننا لن ننسى ذلك أبدا.

وشهد الشرق الأوسط في الأعوام الماضية تغيرات كبيرة، إلا أن ذلك لا يؤثر في موقف اليابان المبدئي، فنحن سنبقى شركاء مخلصين للدول العربية وسنبقى نسير معا، وأود أن أؤكد على نقطتين بالنسبة إلى العلاقات اليابانية - العربية في المستقبل وهما أولا أن استقرار المنطقة العربية يؤثر على استقرار العالم بشكل مباشر. وسوف تواصل اليابان دعمها بقوة لدول الشرق الأوسط التي تبحث عن وسيلة لتحقيق الاستقرار والازدهار بعد أن شهدت الثورات والتغيرات. وثانيا، بناء شراكة شاملة. وقد كانت اليابان وما تزال تتلقى دعما هائلا من دول الشرق الأوسط، في مجال إمدادات الطاقة، وأرغب أن تستخدم اليابان ما لديها من المعرفة والتكنولوجيا في مجالات ترشيد استهلاك الطاقة والطاقة المتجددة، وتطوير البنية التحتية وغيرها، مما يؤدي إلى توسيع الشراكة مع دول الشرق الأوسط، وتعميق العلاقة المتعددة الطبقات التي لا تقتصر على مجالي الاقتصاد والطاقة فحسب مع هذه الدول، وآمل أن تبذل كل من اليابان والشعوب العربية معا مزيدا من الاهتمام والفهم المتبادل للثقافة والمجتمع في البلدين، بحيث تصبح علاقاتنا أقوى أكثر وأكثر.

*ما رأيكم فيما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط، وتحديدا في سوريا، وإسرائيل، وفلسطين؟

- يرتبط استقرار الشرق الأوسط ارتباطا مباشرا باستقرار العالم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أمن اليابان. وستواصل اليابان دعمها للمنطقة بقوة بالتعاون مع الأطراف المعنية، وفيما يتعلق بسوريا بشكل خاص، أود أن أعرب عن بالغ قلقي من الضرر الإنساني الكبير الذي لحق بهذا البلد وشعبه، وامتداد تأثيره إلى المنطقة بأسرها. لقد دفعت اليابان حتى الآن 80 مليون دولار كمساعدات إنسانية عاجلة، وذلك في محاولة لدعم المواطنين السوريين والدول المجاورة. ونحن نرى أن بقاء الرئيس الأسد في السلطة، يعيق سير العملية الانتقالية بشكل سلس. ومن ناحية أخرى، فإنه إذا ما استمر الوضع الحالي كما هو، فهناك خوف من زيادة تأثير المتطرفين في عهد ما بعد نظام الأسد. ويجب على المجتمع الدولي أن يتحد ويدعم عملية توحيد أطراف المعارضة، وذلك من أجل إيجاد حل لهذا الوضع.

أما بالنسبة لقضية تحقيق السلام في الشرق الأوسط، التي تشكل هدفا تاريخيا للمنطقة، فإن استئناف محادثات السلام بات الآن أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. لقد صوتت اليابان العام الماضي، لصالح قرار الأمم المتحدة الذي منح فلسطين صفة دولة مراقب. وعلاوة على ذلك، فإن اليابان كانت ولا تزال تبذل الجهود السياسية، بالتعاون مع المجتمع الدولي، من أجل دعوة الأطراف المعنية إلى استئناف المحادثات للتوصل إلى حل بإنشاء دولتين. ولتحقيق هذا الهدف، تدعم اليابان جهود فلسطين لبناء البلد، وبلغت جملة ما قدمناه من دعم في هذا الشأن حتى الآن نحو 1,35 مليار دولار. وتتعاون اليابان لتجسيد مبادرة «ممر السلام والازدهار» التي أطلقناها عام 2007، بالتعاون مع إسرائيل والأردن، وتهدف إلى الإسهام في التنمية الإقليمية لفلسطين وتشجيع الصناعة فيها، بتمويل ياباني، بهدف تطوير دولة فلسطين لكي تعتمد على الاكتفاء الاقتصادي الذاتي. ونعمل الآن على لإحياء هذه المبادرة من جديد. وبالإضافة إلى ذلك، استضافت اليابان مؤتمرا دوليا في شهر فبراير (شباط) من هذا العام، شارك فيه وزراء من دول شرق آسيا ومن منظمات دولية. وقد وافق هذا المؤتمر على عقد اجتماع لرجال الأعمال من آسيا ودول الشرق الأوسط. وبهذه الطريقة، فإن اليابان تقدم أسلوبها الفريد لدعم فلسطين.

*الاقتصاد العالمي يعاني من عدم الاستقرار. ما خطتكم لإنعاش الاقتصاد العالمي؟ وما مطالبكم؟

- كانت اليابان تعاني من الانكماش الاقتصادي لسنوات ماضية. لكننا نعتقد الآن أن اليابان، التي هي ثالث أكبر اقتصاد في العالم، لديها القدرة لقيادة العالم نحو التقدم. ومهمتي هي إنقاذ اليابان من هذا الانكماش الاقتصادي الذي امتد لفترة طويلة، وإعادة اليابان إلى مسار النمو مرة أخرى.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، أطلقنا سياسة نقدية في إطار «الهوامش الثلاثة» وهي السياسة النقدية الجريئة والسياسة المالية المرنة واستراتيجية النمو التي تشجع استثمارات القطاع الخاص. وقد نتج عن هذه السياسات حتى الآن، شعور إيجابي فيما يتعلق بالانتعاش الاقتصادي، حيث لوحظت بعض الإشارات الجيدة مثل نمو مؤشرات سوق الأسهم.

وفي حالة عودة اليابان إلى مسار النمو، فإن ذلك سوف يؤدي إلى ازدياد واردات اليابان وكذلك إلى ازدياد الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل أكبر. وسوف تستفيد دول العالم كثيرا من هذا العنصر. حيث إن أوروبا تعاني من الركود الاقتصادي، وكذلك تباطؤ النمو الاقتصادي في الدول الناشئة. إنني على قناعة بأن انتعاش الاقتصاد الياباني سوف يساهم في مزيد من تنمية العالم. إن منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص ليست مصدرا هاما للطاقة بالنسبة لليابان فحسب، بل هي سوق جذابة ومكان جاذب للاستثمارات للشركات اليابانية، وأعتقد أن استثمارات القطاع الخاص اليابانية، ونقل أحدث التكنولوجيات اليابانية في البنية التحتية، سوف تساهم في تنمية منطقة الشرق الأوسط. ونعتقد أن انتعاش الاقتصاد الياباني سوف يعمق علاقات التعاون إقليميا ودوليا، بما في ذلك دول الشرق الأوسط.

*كيف ترون الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وما استعدادات بلادكم لمواجهة التهديدات التي تطلقها بيونغ يانغ؟

- إن خطوة تطوير وإطلاق كوريا الشمالية لصواريخ وأسلحة نووية مخالفة تماما لقرارات مجلس الأمن الدولي، وللبيان المشترك الصادر من أطراف المحادثات السداسية. ويعتبر هذا التصرف تحديا دوليا كبيرا وللجهود الرامية لوقف انتشار الأسلحة النووية، كما يمثل تهديدا للسلام والاستقرار للعالم بأسره ولمنطقة آسيا بشكل خاص. ومن المؤسف أن كوريا الشمالية أظهرت مرارا موقفا متحديا مهددة اليابان باحتمال توجيه الضربة النووية الأولى.

وتعتقد اليابان أن المجتمع الدولي يجب أن لا يتأثر بمواقف كوريا الشمالية، ويجب علينا إفهام كوريا الشمالية أن مثل هذا الموقف لا يعود عليها بأي فائدة.

سوف تستمر اليابان في التنسيق عن كثب مع كل من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وكذلك مع كل من الصين وروسيا وغيرها من الدول المعنية من أجل نزع فتيل هذه الأزمة. وسوف نستمر في الطلب من كوريا الشمالية بقوة الالتزام التام بقرارات مجلس الأمن وعدم القيام بأي عمل استفزازي. إن حكومة اليابان، تبذل أقصى جهودها من أجل جمع وتحليل المعلومات عن الوضع في كوريا الشمالية، ونحن مستعدون جيدا لتأمين أمننا القومي. وسوف تواصل اليابان جهودها لتأمين الأمن الإقليمي، الذي ننتمي إليه، من خلال تطوير قدرات قوات الدفاع الوطني وكذلك قوة الردع بين اليابان والولايات المتحدة.