تهنئة الأقباط بـ«عيد الفصح» تثير جدلا في مصر

الإخوان: تناقض عقيدتنا.. والسلفيون: لا تجوز شرعا

TT

مع اقتراب عيد القيامة الذي يحتفل به المسيحيون في كل أنحاء العالم، تشهد مصر حاليا جدلا حول جواز تهنئة الأقباط بأعيادهم، وذلك على خلفية تهنئة الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، للأقباط بـ«أحد الشعانين» (عيد الفصح) الذي يبدأ به «أسبوع الآلام»، فيما أفتى الدكتور عبد الرحمن البر عضو مكتب الإرشاد بالإخوان المسلمين الذي يعرف بأنه مفتي الجماعة بعدم جواز تهنئة الأقباط بأعيادهم قبل أن يتراجع عن فتواه، معتبرا أن التهنئة بعيد القيامة أمرا غير مشروع لأنه يناقض العقيدة.

وكان معتادا قبل وصول الرئيس محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، للحكم، أن يرسل رئيس الدولة مندوبا عنه للتهنئة بأعياد المسيحيين كما يجري رئيس الدولة اتصالا بالبطريرك لتهنئته، ولم تشهد مصر مثل هذا الجدل في عهود سابقة.

وقال البر في بيان له: «رأيي الذي أعلنته ولا أزال مقتنعا به ولا أفرضه على أحد ولا ألزم به أحدا أن تهنئة شركاء الوطن من النصارى في مناسباتهم وأعيادهم المختلفة من الإحسان الذي أمر الله به، ومن البر الذي لم ينهنا الله عنه، طالما لم تكن هذه التهنئة على حساب ديننا، ولم تشتمل - شفاهة أو كتابة - على التلفظ بشعارات أو عبارات دينية تتعارض مع مبادئ الإسلام، ولا على أي إقرار لهم على دينهم، أو رضا بذلك، أو مشاركة في صلواتهم، إنما هي كلمات من المجاملة العادية التي تعارف عليها الناس، لا تحتوي على أي مخالفات شرعية».

وأضاف البر: «لا أرى بأسا بالتهنئة في عيد الميلاد مثلا، فنحن نؤمن أن عيسى عليه السلام هو رسول من أولي العزم من الرسل، وأنه بشر كانت ولادته آية من آيات الله، وكانت خيرا على البشرية».

واستطرد البر: «أما التهنئة بما يناقض عقيدتنا ويصادمها مصادمة واضحة فأمر غير مشروع من وجهة نظري، كالتهنئة بما يسمى عيد القيامة، فعقيدتنا نحن المسلمين التي لا تحتمل لبسا أن المسيح عليه السلام لم يقتل ولم يصلب، بل عصمه الله من اليهود ورفعه إليه، فعيسى عليه السلام لم يصلب حتى تكون له قيامة، وبالتالي فلا يلزمنا تهنئة أحد بما نعتقد يقينا بطلانه، وهذا لا ينفي إقرارنا بحق شركائنا في الوطن في أن يعتقدوا ما يشاءون أو أن يفعلوا ما يشاءون».

وكان البر قد حضر احتفال الكنيسة بتنصيب البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وظل جالسا في الصف الأول بزيه الأزهري ولم يقف خلال القداس كما تقتضي المراسم.

ووجه الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، التهنئة للمسيحيين ببدء أسبوع الآلام قائلا على حسابه بموقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي: «اليوم يبدأ أسبوع ام عند شركاء الوطن المسيحيين باحتفالهم بأحد السعف أو أحد الشعانين وينتهي بعيد القيامة أو (أحد الفصح)».

وأضاف العريان: «تحية إلى كل المحتفلين والصائمين والذاكرين والمتأسين بروح الله وكلمته ورسوله من أولى العزم (عيسى بن مريم) عليه السلام».

وتسببت تهنئة العريان للمسيحيين في هجوم شديد عليه شنه سلفيون أكدوا عدم جواز تهنئة الأقباط بأعيادهم. وأكدت الجبهة السلفية أنه لا يجوز تهنئة الأقباط بأعيادهم الدينية، واصفة من يذهب من المسلمين إلى الكنائس لتهنئة الأقباط بأعيادهم الدينية بأنه «آثم».

وقال خالد المصري، عضو المكتب السياسي للجبهة السلفية، في تصريح له «تهنئة الأقباط بأعيادهم الدينية، كعيد الميلاد أو القيامة، فهذا لا يجوز شرعا بإجماع أهل العلم، لأن تقديم التهنئة بهذه الأعياد تعنى إقرارك بأعياد أنت لا تؤمن بها أصلا، فعلى أي أساس يمكن تهنئتهم».

من جانبه، اعتبر المهندس عبد المنعم الشحات المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية أن تهنئة الأقباط بعيد القيامة «تعتبر إثما مؤكدا»، وقال «لا يجوز إطلاقا تهنئة الأقباط على اعتقادهم المناقض لصحيح الدين الإسلامي ونص كتاب الله من أن المسيح عيسي عليه السلام صلب».

وأضاف: «لا يمكن أن نمنع الأقباط عن ممارسة شعائرهم الدينية لأنهم شركاء في الوطن ولكن يجب أن نعلم أن لهم دينهم ولنا ديننا الذي لا يمكن أن نجامل أحدا على حسابه».

وكانت الكنيسة الأرثوذكسية بمصر قد وجهت دعوة للرئيس المصري محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، ورئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل لحضور قداس عيد القيامة (الفصح) مساء السبت المقبل بمقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، فيما قالت مصادر كنسية لـ«الشرق الأوسط»: «الدعوات التي تم توجيهها إجراء روتيني ولا نتوقع أن يحضر الرئيس مرسي لأنه لم تجر العادة على حضور أي رئيس للدولة قداسات العيد بالكنيسة».