مسلحون يطوقون وزارة العدل الليبية بعد سيطرتهم على وزارة الخارجية

مرشد «إخوان ليبيا» لـ «الشرق الأوسط» : أستبعد نشوب حرب أهلية في البلاد

مسلحون ليبيون يطوقون وزارة العدل الليبية في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد يومين من سيطرتهم على مبنى وزارة الخارجية الليبية في طرابلس الغرب، قالت مصادر أمنية ليبية أمس إن مسلحين من «الثوار» قاموا بالهجوم على مبنى وزارة العدل وتطويقه للضغط على المؤتمر الوطني والحكومة المؤقتة لإقرار قانون لعزل من عملوا في السابق مع العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.

وفي مصر قالت مصادر قضائية إن ابن عم القذافي، أحمد قذاف الدم، الذي تطالب ليبيا بتسلمه من مصر، والمحتجز حاليا في سجن جنوب القاهرة، سيخضع للتحقيق في التهم المنسوبة إليه على يد القاضي الذي تولى في السابق تحقيق قضية «موقعة الجمل» التي هاجم فيها مجهولون بالخيول والجمال المتظاهرين بميدان التحرير ضد الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

وأفادت مصادر حكومية ليبية بأن عناصر من الميليشيات المسلحة التي كانت تقاتل ضد نظام القذافي، تشن حملة على مبان وزارية للضغط على الحكومة المؤقتة والمؤتمر الوطني (البرلمان المؤقت)، للضغط على المسؤولين لإقرار قانون يبعد من عملوا مع نظام القذافي عن المواقع القيادية في الدولة، وأن مسلحين هاجموا أمس مبنى وزارة العدل وطوقوا المبنى، وذلك بعد يومين من الهجوم على مبنى وزارة الخارجية.. ما تسبب في شل العمل في الوزارتين، وسط تهديدات بتصعيد الموقف ضد حكومة الدكتور علي زيدان الذي تولى منصبه الخريف الماضي بصفته مرشحا مستقلا قبل أن يلقى دعما من التيار الليبرالي.

واستبعد بشير سالم الكبتي المراقب (المرشد) العام لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من طرابلس، أن يؤدي اقتحام الميلشيات المسلحة لبعض مقار الوزارات التابعة للحكومة إلى نشوب حرب أهلية في البلاد.

ومن جانبها أضافت المصادر أن عشرات المسلحين الذين يستقلون أكثر من عشرين شاحنة، طوقوا مبنى وزارة العدل وسدوا الشوارع أمام المبنى، مشيرة إلى أن بعض الشاحنات مثبت عليها صواريخ «غراد» وقذائف.

وبينما عاودت وزارة الداخلية العمل أمس بعد فك الحصار عنها عقب مغادرة المجموعة المسلحة التي حاصرت الوزارة يوم أول من أمس، قال وليد بن رابحة، رئيس مكتب الإعلام في وزارة العدل، إن «الكثير من المسلحين يركبون سيارات مجهزة بمدافع مضادات جوية طوقوا هذا الصباح (أمس) وزارة العدل»، مشيرا إلى أن المسلحين «طلبوا من الوزير والموظفين مغادرة المكاتب وأغلقوا مبنى الوزارة».

ويطالب المسلحون المحتجون بتطبيق قانون العزل السياسي وتطهير الحكومة المؤقتة ممن يسمونهم «أزلام النظام السابق»، ممن عملوا مع القذافي، لكن المشرعين في المؤتمر الوطني لم يتمكنوا على مدار عدة أشهر من وضع توصيف لمن يمكن أن ينطبق عليهم القانون الذي ما زال في طور الإعداد. ومن شأن إقرار مشروع القانون بوضعه الحالي أن يتسبب في استبعاد الكثير من كبار المسؤولين الحاليين في الدولة، من بينهم رئيس الحكومة ورئيس المؤتمر الوطني.

ويقول أحد المحتجين ممن ما زالوا ينخرطون في كتائب مسلحة شاركت في الإطاحة بنظام القذافي، إن الثوار لن يتوقفوا عن إعلان مطالبهم والسعي لتحقيقها، وهي إبعاد من عملوا مع النظام السابق عن المناصب القيادية في الحكومة وفي سفارات ليبيا في عدد من بلدان العالم. وما زال الثوار المسلحون يواصلون حصارهم لمبنى وزارة الخارجية الليبية لليوم الثالث على التوالي.. ما دفع المؤتمر الوطني لتأجيل جلسته المقبلة.

ونقلت وكالة رويترز عن دبلوماسي غربي في طرابلس قوله إن «هذه بالتأكيد محاولة لفرض جدول أعمالهم على العملية السياسية. هذا ليس بغريب، فقد رأينا ذلك من قبل، ولكن بالتأكيد هو اتجاه مثير للقلق».

وتجمع نحو مائة شخص في ساحة الشهداء بالعاصمة طرابلس أمس للإعراب عن تأييدهم للمؤتمر الوطني. وتقوم تنسيقيات تم تأسيسها في عدة مدن ليبية مؤخرا بوضع قضية العزل السياسي في الواجهة بتعضيد من كتائب ترفض تسليم أسلحتها ولا تخضع لسيطرة الحكومة.

ويقول المطالبون بقانون للعزل السياسي إنهم يخشون سيطرة قيادات من النظام السابق على السلطة والارتداد على مطالب الثورة التي قامت يوم 17 فبراير (شباط) 2011 ضد نظام القذافي الذي استمر في الحكم طيلة نحو 42 عاما. وذكرت وكالة أنباء التضامن الليبية أن «تنسيقية العزل السياسي» نشرت قائمة تضم 99 اسما لشخصيات قالت إنها تعمل في وزارة الخارجية والتعاون الدولي حتى الآن، وصفتهم بأزلام النظام السابق.

وزادت وتيرة الجدل حول مشروع القانون منذ طلع هذا العام. وكان من المقرر مناقشته في المؤتمر الوطني في مارس (آذار) الماضي، لكن تم تمديد الموعد إلى وقت لاحق لم يتحدد بعد، ما أثار غضب قطاع من المطالبين بسرعة إقرار القانون، وأدى ذلك إلى محاصرة محتجين لمبنى المؤتمر الوطني لعدة أيام، وإطلاق مسلحين النار على موكب لرئيسه محمد المقريف. ودفعت الاضطرابات المؤتمر الوطني إلى تأجيل جلسته التي كان من المقرر عقدها يوم أمس (الثلاثاء) إلى يوم الأحد المقبل.

وقال الكبتي عبر الهاتف من طرابلس إنه يستبعد أن يؤدي اقتحام الميليشيات المسلحة لبعض مقار الوزارات التابعة للحكومة إلى نشوب حرب أهلية في البلاد، قائلا إن التدخل الأجنبي مرفوض من حيث المبدأ، والشعب كله يرفض هذا. وأضاف أن انسحاب حزب العدالة والبناء الذي يعتبر الذارع السياسية لجماعة الإخوان، من حكومة زيدان، أو تجميد عضوية أعضائه في المؤتمر الوطني، هو أمر يخص الحزب فقط، ولا علاقة للجماعة به.

وقال إن «لومنا على الحكومة، وبالذات على وزارة الداخلية، التهاون في التعامل مع القضايا الأمنية، سواء في اقتحام مقر المؤتمر الوطني أو الوزارات المختلفة»، وأضاف أن «هذا تقصير كبير من الدولة ومن الحكومة بالذات، وتأخير إعادة هيكلة وزارة الداخلية لا شك أنه يحدث مثل هذه المشاكل التي تعاني منها الدول الرئيسية في ليبيا». وأضاف قائلا إن القذافي أطلق قبل انهيار نظامه سراح المساجين والمجرمين، وبعضهم عمل على تشكيل كتائب مسلحة.

وفي مصر التي يحتجز فيها قذاف الدم، الذي يعد من أبرز قيادات النظام الليبي السابق، حددت محكمة استئناف القاهرة جلسة يوم 13 من الشهر الجاري لبدء أولى جلسات محاكمته بتهم حيازة أسلحة وذخائر، ومقاومة السلطات، والتعدي على ضابط شرطة أثناء عملية القبض عليه في منزله بالقاهرة قبل شهر.

وقالت مصادر قضائية إن المكتب الفني بمحكمة الاستئناف قرر إسناد نظر القضية إلى الدائرة 10 بمحكمة جنايات جنوب القاهرة برئاسة المستشار مصطفى حسن عبد الله، وهو القاضي الذي ارتبط اسمه بالتحقيق في قضية موقعة الجمل الشهيرة في مصر، وتم الحكم فيها ببراءة جميع المتهمين، الذين يعد معظمهم من قيادات نظام الرئيس السابق حسني مبارك.