ملك إسبانيا يزور المغرب الصيف المقبل

بعد إرجاء زيارة كانت مقررة في مارس بسبب وعكة صحية

TT

توقعت مصادر متطابقة أن يقوم ملك إسبانيا خوان كارلوس بزيارة إلى المغرب في غضون الصيف المقبل، بعد أن استعاد عافيته، واستأنف نشاطه الرسمي بكيفية تدريجية.

ولم يعلن بشكل رسمي في عاصمتي البلدين عن موعد الزيارة؛ إذ جرت العادة أن يترك ذلك إلى حين اقتراب موعدها، وإنهاء الترتيبات البروتوكولية اللازمة.

وكان الملك خوان كارلوس قد أرجأ زيارة كان سيقوم بها للمغرب في مطلع شهر مارس (آذار) الماضي، لكنه أدخل المستشفى على عجل، يوم الثالث من الشهر نفسه، حيث أجريت له عملية دقيقة لاستئصال فقرتين من العمود الفقري الذي سبب له آلاما مبرحة لم تنفع معها المسكنات، فاقتنع الأطباء أنه لا مفر من انتزاع مصدر الألم بواسطة تدخل جراحي، وتعويض الفقرتين المصابتين.

واتفق الملك محمد السادس والملك خوان كارلوس في حينه، على اللقاء في الرباط، وتركا الموعد مفتوحا ريثما يستعيد ملك إسبانيا القدرة على السفر والتنقل إلى الخارج.

وتحمل الزيارة المرتقبة، إذا لم يحل ما يرجئها، دلالات ومعاني سياسية مهمة؛ إذ إنها تتم بعد سحب المقترح الأميركي لمجلس الأمن بشأن تمديد صلاحيات بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو) لتشمل حقوق الإنسان فيها، الذي عارضته مدريد، أو تحفظت عليه بشدة، باعتبارها الدولة المحتلة سابقا للصحراء التي استرجعها المغرب عام 1975 بواسطة مسيرة سلمية (المسيرة الخضراء)، شارك فيها 350 ألف مغربي، إلى جانب كون مدريد أحد أعضاء «مجموعة أصدقاء الصحراء»، إضافة إلى أن الاستقرار في المغرب يهمها في المقام الأول.

وفي هذا السياق، لوحظ في المدة الأخيرة أن السياسة التي تنهجها حكومة الحزب الشعبي الإسباني، أكثر جرأة من تلك التي سلكها الحزب الاشتراكي العمالي بصدد الصحراء، فقد تفهمت مدريد، على لسان وزير خارجيتها، التحفظات والانتقادات التي أبدتها الرباط بخصوص الوساطة التي يقوم بها المبعوث الأممي إلى الصحراء، كريستوفر روس، مما جعل المغرب يسحب الثقة منه باعتبار «روس» منحازا لطرف على حساب آخر.

وسجل المراقبون أن العلاقات الثنائية بين المغرب وجارته الشمالية اتسمت في المدة الأخيرة بنوع من الهدوء، فقد اتفق الجانبان بشكل ضمني على إرجاء الخلافات التقليدية (سبتة ومليلية) والتنسيق المتصاعد في مجال محاربة الهجرة السرية، والمراهنة على المصالح الحيوية المشتركة، وخاصة في ظرف الأزمة الاقتصادية التي تمر بها إسبانيا، والتي بدأت تلقي بظلالها على المغرب، على اعتبار أن الأخير يمثل السوق الثانية لإسبانيا بعد الاتحاد الأوروبي.

ويتجلى الهدوء بين البلدين في انحسار موجة الحملات الصحافية الإسبانية ضد المغرب، ليس بخصوص الصحراء فقط، بل يحركها أي خلاف في وجهات النظر؛ سواء تعلق الأمر بالصيد البحري أو الهجرة السرية أو الاتفاق الزراعي بين الرباط والاتحاد الأوروبي.

ويعتقد ذات المراقبين أن السياسة «البراغماتية» التي اعتمدها الحزب الشعبي إزاء المغرب، خلافا لما كان متوقعا، أملتها، فضلا عن الأزمة المالية القوية، إرادة ملك إسبانيا الذي تجمع تقارير على أنه منزعج من تداعيات الركود الاقتصادي في بلاده، ويعارض فتح جبهة مع المغرب، الأمر الذي حتم عليه أن يصبح محركا للسياسة الداخلية في بلاده، حيث أصبح يجتمع برئيس الحكومة ماريانو راخوي، وبزعيم المعارضة الاشتراكية بيريث روبالكابا، دون استثناء فعاليات أخرى سياسية ونقابية، حيث يقود الملك نوعا من «الإجماع» لمواجهة المشكلات المستعصية.

واستنتج ملاحظون من سلسلة الأنشطة التي يعتزم ملك إسبانيا القيام بها في الداخل والخارج (يتوقع أن يزور فلوريدا في الخريف المقبل)، وترأس مباراة رياضية منتصف الشهر الحالي، أنه لا ينوي التنازل عن العرش لصالح نجله ولي العهد، كما تم الترويج على نطاق واسع، ويعتقدون أنه حتى إذا كان ينوي الأقدام على تلك الخطوة التاريخية، بالنظر إلى ظروفه الصحية (دخل المصحات عشرات المرات)، فإنه لن يفعل ذلك في الظروف الراهنة؛ إذ تشتكي فئات واسعة من الإسبان من تداعيات الأزمة، كما ظهرت في بعض الأقاليم (كاتالونيا) نزعات المطالبة بالاستقلال عن الحكومة المركزية في مدريد، بل الأغرب أن اليسار المتطرف وشرائح من اليمين المعتدل وقف إلى جانبها.