المومني: تداعيات الأزمة السورية وصلت إلى مرحلة التهديد لأمننا الوطني

وزير الإعلام الأردني أكد لـ «الشرق الأوسط» عزم الحكومة تقديم مبادرة لتعديل قانون الصوت الواحد والنظام الانتخابي

وزير الإعلام الأردني
TT

أكد وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الأردني، الدكتور محمد المومني، أن تداعيات الأزمة السورية وصلت إلى مرحلة التهديد للأمن الوطني الأردني.

وقال المومني، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن الأردن توجه إلى مجلس الأمن الدولي لوضعه أمام مسؤولياته الإنسانية والأمنية ولفت انتباه أعضائه إلى الوضع الإنساني الخطير الذي يواجه الأردن نتيجة استمرار تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، الذين فاق عددهم حتى الآن نصف مليون لاجئ، وهو الأمر الذي يهدد أمن واستقرار البلاد. وأضاف المومني أن رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبد الله النسور سيستأذن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال أيام لإجراء مشاورات مع الكتل النيابية من أجل مشاركتها في الحكومة تمهيدا لإجراء تعديل وزاري على الحكومة لإحقاق الحكومة البرلمانية. وأكد أن الحكومة الأردنية ستبدأ بإطلاق الحوارات الوطنية السياسية مع الأحزاب السياسية والقوى السياسية للوصول إلى توافقات وطنية، حول القوانين الناظمة للعملية الإصلاحية وفي مقدمتها قانونا الانتخاب والأحزاب. وفي ما يلي نص الحوار..

* بعد حصول الحكومة على ثقة مجلس النواب، كيف تصف مناقشات الثقة؟

- هناك حقيقة جديدة تشكلت في الحياة السياسية الأردنية يعود الفضل فيها إلى الانتخابات النيابية النزيهة، وهي أن هناك مجلس نواب قويا وفاعلا ويأخذ دوره الأساسي في المشهد الأردني، فأي متابع للمشهد النيابي خلال مناقشات الثقة يرى الصورة الحقيقية لما يجب أن تكون عليه الديمقراطية الأردنية، فقد رأينا الخطاب السياسي الرفيع والملتزم بقضايا الوطن والمواطن والباحث عن تعزيز دور السلطة التشريعية كجزء رئيس من السلطات الدستورية في الأردن. الأردنيون تابعوا مناقشات النواب بكل شغف، والسبب لا يعود إلى البحث عن المطالب الخدمية في كلمات النواب على الرغم من أهميتها، وإنما للتأكد من تضمينها التعبير السياسي عن المطالب بما يعكس النقاش الإصلاحي الدائر في الشارع الأردني، وهنا نتبين أن انقسام النواب بين مؤيد ومعارض تجاه العمل الحكومي هو تأكيد حي على المنجز الإصلاحي الديمقراطي. المناقشات النيابية تمرين إصلاحي حقيقي لترسيخ العمل الديمقراطي في الأردن وفرصة أمام الجميع للنهوض بالأردن إلى مستوى يطمح إليه الجميع في هذا الوطن بما يحقق التقدم والتحديث المنشود. وهنا يجب التأكيد على أن مداولات الثقة كانت مداولات سياسية برامجية مسؤولة تعبر عن نهج أردني متميز يؤكد على قيم الديمقراطية الحقيقية التي نسعى لترسيخها في العمل السياسي الأردني.

* في ظل الإعلان عن تشكيل ائتلاف نيابي معارض لمن حجبت الثقة عنه.. كيف ترى العلاقة المستقبلية بين مجلس النواب والحكومة؟

- السلطة التشريعية مكون دستوري في النظام السياسي الأردني والجزء النيابي يأتي في مقدمة التعريف بالنظام السياسي الأردني (نيابي ملكي وراثي) والنواب لهم مكانة سياسية تمثيلية للشعب الأردني. وأؤكد أن تجربة الحكومة البرلمانية تحتل مساحة كبيرة في تفكير ورؤى وجهود الملك عبد الله الثاني، وهذا يلقي مسؤوليات كبيرة على البرلمان والحكومة لإنجاح رؤية جلالته وترسيخ العمل الدستوري لكل سلطة من هذه السلطات بما يحقق المصلحة الوطنية. العلاقة بين السلطات يحكمها الدستور والقانون، ومرجعيتها مصلحة الوطن العليا، وحدودها ترسيخ وتفعيل العمل الديمقراطي، وذلك كله يشكل دافعا لنا في الحكومة للعمل بالتشارك مع النواب.. العمل الذي يستند إلى تعظيم المنجز الإصلاحي.

* رئيس الوزراء تحدث عن تعديل وزاري خلال الفترة المقبلة.. متى ستبدأ مشاورات التعديل، وهل سيدخل نواب إلى الحكومة؟

- في البداية أؤكد أن موضوع التشكيل والتعديل على الحكومة يعود لصاحب الأمر، جلالة الملك عبد الله الثاني، وأعلن دولة رئيس الوزراء وأمام مجلس النواب عن التوجه القريب لإحقاقِ الحكومةِ البرلمانية وبالسرعةِ القصوى. ويمكن القول إن التشكيلة الحكومية التي تشمل عددا محدودا من الوزراء دلالة على توجه دولة الرئيس في ما يتعلق بالتعديل الحكومي.

رئيس الوزراء أعلن وعلى شاشة التلفزيون الأردني أنه سيستأذن جلالة الملك بعد عودته من الولايات المتحدة الأميركية بإجراء مشاورات مع الكتل النيابية من أجل مشاركتها في الحكومة تمهيدا لإجراء تعديل وزاري على الحكومة. وهنا يجب التأكيد مرة أخرى على الشراكة بين الحكومة والنواب لإحقاق الحكومة البرلمانية بما يعزز ما نص عليه الدستور الأردني من أن النظام السياسي نيابي، حيث يتطلب ذلك إشراك النواب في الحكومة وصولا إلى تشكيلها من قبل الأغلبية البرلمانية.

* هناك هدوء في الشارع الأردني، هل لدى الحكومة خطط لفتح حوار مع الحركة الإسلامية والحراكات الشعبية للوصول إلى توافقات حول أولويات الإصلاح السياسي؟

- في موضوع الحوار يجب الإشارة إلى أن كتاب التكليف السامي للحكومة أكد على أن تعزيز النهج التشاوري يتطلب الحوار مع القوى السياسية المختلفة حول برنامج عمل الحكومة. وانطلاقا من الالتزام بتنفيذ كتاب التكليف السامي فإن الحكومة ستبدأ بإطلاق الحوارات الوطنية السياسية الهادفة، ويأتي ذلك كله انطلاقا من إيمانها بأن الحوار الوطني ضرورة للوصول إلى التوافقات الوطنية، وهو الوسيلة للوصول أيضا إلى صيغ قانونية وسياسية حول القوانين الناظمة للعملية الإصلاحية وفي مقدمتِها قانونا الانتخاب والأحزاب. وضمن رؤية الحكومة تجاه تعزيز الحوار مع الجميع في هذا الوطن، فقد أكدت استعدادها لأن تقدم مبادرة في ما يتعلق بقانون الصوت الواحد والنظام الانتخابي إلى مجلس النواب، كما أنها ملتزمة وبموجب الدستور بتعزيز الحريات العامة والإعلامية بما يعزز الرقابة الموضوعية على أداء المؤسسات الحكومية.

* كيف تقيم تجاوب المجتمع الدولي مع تدفق اللاجئين السوريين على الأردن، وهل لدى الأردن القدرة على استيعاب الاعداد الكبيرة المتدفقة إلى البلاد؟

- إن تداعيات الأزمة السورية وصلت إلى مرحلة التهديد للأمن الوطني الأردني، ومن هذه الحقيقة التي نراها جميعا كان توجه الأردن إلى مجلس الأمن الدولي لوضعه أمام مسؤولياته الإنسانية والأمنية ولفت انتباه أعضاء المجلس إلى الوضع الإنساني الخطير الذي يواجه الأردن نتيجة استمرار تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، الذين فاق عددهم حتى الآن نصف مليون لاجئ، وهو الأمر الذي يهدد أمن واستقرار الأردن. وقد تضمن الطلب الأردني من مجلس الأمن اعتبار ما يواجهه بلدنا أمرا يهدد الأمن والسلم الدوليين استنادا إلى المادة (35-1) من ميثاق الأمم المتحدة في حال عدم تدخل مجلس الأمن العاجل وعدم توفير الدعم المالي الضروري والمطلوب لتمكين الأردن من التعامل مع هذا الوضع الخطير، وذلك كله لمواجهة التداعيات الجسيمة لأزمة اللاجئين السوريين وبلورة توجه دولي واضح للتعامل مع هذه الأزمة.

وقد حظيت الأزمة السورية وقضية اللاجئين السوريين باهتمام جلالة الملك عبد الله الثاني خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، وكان هناك تفاعل أميركي مع الدور الذي يقوم به الأردن تجاه اللاجئين السوريين، حيث استطاعت المملكة إبقاء حدودها مفتوحة للاجئين الذين يتوافدون لأسباب إنسانية وبأعداد كبيرة جدا في بلد صغير محدود الموارد مثل الأردن.

* هل يسهم الدعم الخليجي للأردن لإنشاء مشاريع في حل الأزمة الاقتصادية في الأردن؟

- إن عددا من المشاريع الواردة في الموازنة العامة تمول من قبل المنحة الخليجية للأردن. وفي هذا السياق وباسم الحكومة الأردنية أثمن المواقف الأخوية لدول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة، كما أستثمر هذه المناسبة لأقدم الشكر للشقيقة العراق لتعاونِها معنا في موضوعِ أنبوب النفط وتسويق المنتجات الزراعية.

إن الحكومة تعول على المنح الواردة من مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بالإضافة إلى المانحين الدوليين، لتسهم في زيادة الإنفاق الرأسمالي ومعالجةِ الاختلالات الناتجة عن ارتفاع فاتورة الطاقة، وذلك ما من شأنه زيادة معدلات النمو الاقتصادي.