البرادعي يحذر مرسي من «ثورة جوع» إذا فشلت التسوية السياسية في مصر

شفيق لوح بتدويل قضية «تزوير الانتخابات».. وتوعد الإخوان بـ«حساب عسير»

مصري يمر أمام رسم جداري بشارع محمد محمود في القاهرة يسجل عددا من الضحايا المدنيين الذين قتلوا في أحداث عنف متكررة خلال العامين الماضيين (رويترز)
TT

هاجم قياديون بارزون في المعارضة المصرية مجددا سياسات الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها.. وحذر الدكتور محمد البرادعي المنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني التي تجمع طيفا واسعا من الأحزاب المدنية، من مغبة غياب التسوية السياسية، قائلا إنها شرط مهم لحصول بلاده على قرض من صندوق النقد الدولي.

وتعول الحكومة كثيرا على هذا القرض الذي تبلغ قيمته 4.8 مليار دولار، لتجاوز عثرتها الاقتصادية. وتحدث البرادعي عما سماه خطورة الوصول بالبلاد إلى «ثورة جوع» بسبب تفاقم الاقتصاد، بينما بدا الفريق أحمد شفيق، وصيف الرئيس مرسي في الانتخابات الرئاسية والمقيم حاليا في الإمارات، أكثر ثقة قائلا إن «أيام الرئيس في الحكم باتت معدودة»، ملوحا بتدويل قضية «تزوير الانتخابات الرئاسية».

ويرى مراقبون أن شعبية الرئيس مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين تأثرت كثيرا خلال الفترة الماضية، لكنه لا يزال يملك تأييدا واسعا في صفوف القوى الإسلامية، كما لا تزال تجاذبات القوى المعارضة لـ«الإخوان» تقلل من حجم ومدى تأثيرها في الشارع السياسي.

وفي مقابلة مع وكالة رويترز، قال البرادعي الذي يحظى بتقدير دولي، إن الحكومة يجب أن تسعى إلى تسوية سياسية لتكسب دعما واسعا لقرض مهم من صندوق النقد الدولي حتى ينتعش الاقتصاد المتعثر، متهما جماعة الإخوان بإقصاء القوى السياسية الأخرى عن اتخاذ القرار، وإعاقة تعافي البلاد بعد عامين من ثورة 25 يناير (كانون الثاني) التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.

ورغم حديث المعارضة المصرية عن تنامي غضب المواطنين تجاه السياسات الاقتصادية والاجتماعية للرئيس الإسلامي، لم تفلح المعارضة في حشد أنصارها مجددا في ميدان التحرير أو خلال مسيرات اعتادت التوجه بها إلى قصر الاتحادية الرئاسي خلال الشهرين الماضيين.

وأبدى حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين مرونة أكبر تجاه المعارضة، وبدأت اتصالات - بعضها معلن وبعضها أحيط بالسرية - منذ شهرين.. لكن البرادعي قال: إن الإخوان بعدما أبدوا استعدادا للتواصل مع المعارضة غيروا المسار خلال الأسابيع الأخيرة ويعتزمون فيما يبدو السير بمفردهم.

وتشترط المعارضة تغيير حكومة الدكتور هشام قنديل، والتوافق بشأن قانون الانتخابات التشريعية، قبل بدء حوار مع حزب الإخوان للتوافق بشأن الملفات الرئيسية في البلاد وأهمها مواجهة الأزمة الاقتصادية.

وشدد البرادعي على أن «النجاح أو الفشل يتوقف على التوافق السياسي، لأنه إذا لم يكن هناك توافق فلن يكون هناك استقرار، ومن دون استقرار لن تدور عجلة الاقتصاد. وإذا لم تدر عجلة الاقتصاد سينتهي الحال إلى شعب جائع غاضب».

وتتفاوض الحكومة المصرية بشأن قرض من صندوق النقد الدولي. وتأمل في أن يساهم القرض في تدفق مزيد من الأموال لمواجهة ارتفاع معدل التضخم الذي وصل إلى المثلين تقريبا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وخسارة ما يقدر بأربعة مليارات دولار سنويا من عائدات السياحة، وبلوغ معدل البطالة 13% بحسب البيانات الرسمية.

وأضاف البرادعي: «الاقتصاد في حالة متردية للغاية، إذا نظرنا إلى الناتج المحلي الإجمالي أو التضخم أو الاحتياطي الأجنبي أو الحساب الجاري أو الدين العام سنجد أنها كلها سلبية.. إنه وضع خطير جدا».

ومن أجل الحصول على قرض صندوق النقد يتعين على الرئيس مرسي خفض دعم الغذاء والوقود، وهي إجراءات يرى خبراء ومراقبون أن كلفتها السياسية قد تكون باهظة وتفاقم من تراجع شعبية الرئيس وجماعة الإخوان، خاصة قبل موعد الانتخابات التشريعية المتوقعة في أكتوبر (تشرين الأول) القادم.

وقال مصدر مطلع في جماعة الإخوان، طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، إن موقف الجماعة والحزب لم يتغير تجاه جبهة الإنقاذ، وأضاف: نقبل ونطالب بالحوار لكننا لا نقبل بشروط مسبقة. وأوضح أن الرئيس مرسي، وهو يجري مشاورات لتعديل حكومة قنديل، طالب من جميع القوى السياسية المعارضة سواء كانت تحت مظلة جبهة الإنقاذ أو خارجها أن يتقدموا بترشيحاتهم لكنهم لم يستجيبوا.

في سياق مواز، شن الفريق شفيق، الذي جاء تاليا للرئيس مرسي في الانتخابات الرئاسية منتصف العام الماضي، هجوما حادا على الرئيس وجماعة الإخوان واصفا سياساتهم بـ«المهزلة».

وقال شفيق الذي غادر مصر عقب الانتخابات الرئاسية، قبل أن تحرك النيابة العامة ضده بلاغات بفساد مالي، إنه سوف يدول قضية ما اعتبره عملية «تزوير شابت الانتخابات الرئاسية». وتوعد شفيق بمحاسبة كل من أخطأ في حقه وبينهم الإخوان المسلمون، ووصف خلال حوار أجراه معه الصحافي مصطفى بكري وأذيع على قناة النهار الفضائية المصرية، الإخوان بأنهم «سرطان تفشى داخل مصر»، وأن جهاز الأمن الوطني يعرف أن تنظيم القاعدة موجود في بلاده، وقال: إن الحساب عسير وقريب جدا.. مضيفا أن «على الرئيس مرسي أن يتقي الله خلال الفترة المحدودة التي تبقت له».

ولم يتوقف هجوم شفيق، الذي تعتبره قوى معارضة من المحسوبين على نظام مبارك، عند حدود الرئيس مرسي، بل تجاوزه إلى مهاجمة جبهة الإنقاذ، نافيا أن يكون قد طلب الانضمام إليها، لكنه كشف عن اتصالات جرت بينه وبين قيادات بالجبهة للتنسيق معه في الانتخابات التشريعية، وهو ما امتنعت الجبهة عن التعليق عنه في انتظار عودة القيادي (الذي ذكره شفيق) إلى البلاد لاستيضاح الأمر.

ورفض قيادي إخواني التعليق على اتهامات الفريق شفيق لجماعة الإخوان، قائلا إن «حديثه لا يستحق الرد عليه ولا نولي لهؤلاء أي اهتمام».