التوتر بين نيودلهي وإسلام آباد ينتقل إلى السجون

زملاء سجن لهندي مدان بالتجسس في باكستان أجهزوا عليه انتقاما لإعدام نفذته الهند

دالبير كاور، شقيقة السجين القتيل، تتحدث أمام الصحافيين بغضب في نيودلهي أمس (رويترز)
TT

أبدت الهند رد فعل غاضبا أمس بعد تعرض مواطن لها يقضي عقوبة سجن في باكستان لعملية قتل من قبل زملائه، وطالبت بإجراء تحقيق في ملابسات الحادث الذي أثار توترات جديدة بين البلدين الجارين النوويين.

وتوفي سارابجيت سينغ، وهو مزارع عمره 49 عاما، أمس، متأثرا بجروح أصيب بها قبل خمسة أيام حين تعرض لضرب مبرح على أيدي عدد من زملائه في السجن، حيث يمكث منذ 16 عاما إثر الحكم عليه بالإعدام بتهمة التجسس. وكانت نيودلهي قد طالبت، بعيد الهجوم، بالإفراج عنه لأسباب إنسانية حتى يتلقى أفضل الرعاية الطبية.

وقال طبيب بمستشفى جناح في لاهور بإقليم البنجاب (شمال شرقي باكستان) إن السجين الهندي سارابجيت سينغ توفي متأثرا بجروحه بعدما ظل غارقا في غيبوبة لمدة خمسة أيام. بدوره، قال المحامي عويس شيخ إن موكله تعرض لإصابات خطرة، بينها كسر في الجمجمة، حين انقض عليه ستة من المساجين يوم الجمعة الماضي وأوسعوه ضربا. وأضاف أن سينغ تلقى تهديدات بالموت بعدما أعدمت السلطات الهندية في 9 فبراير (شباط) الماضي بنيودلهي الناشط الكشميري محمد أفضال غورو الذي حكم عليه بالإعدام شنقا بتهمة التورط في الهجوم الدامي الذي شنه إسلاميون على برلمان نيودلهي في ديسمبر (كانون الأول) 2001. وفي المقابل، كان سارابجيت سينغ قد أدين بالتجسس والإرهاب لدوره في تفجيرات عام 1990 التي أسفرت عن مقتل 14 شخصا في مدينتي فيصل آباد ولاهور الباكستانيتين. وتم رفض طلبه استخدام الرأفة، ولكن قرارا بالوقف المؤقت لتنفيذ أحكام الإعدام أبقاه بعيدا عن حبل المشنقة. وتقول أسرة سينغ إنها قضية خطأ في تحديد الهوية، ونفت أنه كان جاسوسا أو انتحاريا، مؤكدة أنه ضل طريقه إلى داخل الأراضي الباكستانية.

وقد أعرب السياسيون الهنود، بدءا برئيس الوزراء إلى ممثلي الأحزاب، عن أسفهم لحادثة قتل السجين أمس، واصفين إياها بـ«العمل البربري». وقال رئيس الوزراء، مانموهان سينغ، في بيان، إنه يتعين تقديم أولئك الذين شاركوا في هذا الهجوم «البربري والقاتل» ضد السجين الهندي للعدالة. وأضاف أنه «لأمر مؤسف أن الحكومة الباكستانية لم ترد على طلب الإفراج عنه لاعتبارات إنسانية». كما قال وزير الخارجية، سلمان خورشيد إن وفاة سينغ قد أضرت بالعلاقات بين البلدين، مشيرا إلى «تراجع هائل على المستويين العاطفي والسياسي بالنسبة للعلاقات بين الهند وباكستان». أما شقيقة السجين، دالبير كاور، فقالت إنه «يتعين على الحكومة الباكستانية الرد على تساؤلات العالم بأسره». وجرى تنظيم مظاهرات من قبل أعضاء في البرلمان وكذا مواطنين في مسقط رأس السجين (مدينة بيكيويند التابعة لولاية البنجاب)، واتهموا السلطات الباكستانية بالتواطؤ في الهجوم.

وقال ناريندرا موندي، القيادي بحزب «بهاراتيا جاناتا» المعارض، ناعتا الحكومة الهندية بـ«الضعيفة»، إن الحكومة قد عانت «تعتيما تاما» في سياستها الخارجية وأخفقت على جميع الجبهات، بما فيها قضية سارابجيت سينغ الذي كان يواجه حكما بالإعدام.

وقد سلمت الحكومة الباكستانية في وقت لاحق أمس جثة السجين القتيل إلى المفوضية العليا الهندية بإسلام آباد تمهيدا لنقلها إلى الهند. وقالت باكستان إنها وفرت أفضل علاج للمزارع الهندي، الذي قالت إنه دخل في غيبوبة ووضع على جهاز التنفس الاصطناعي بعد إصابته في «عراك» مع سجناء آخرين. وبحسب محطات تلفزيونية باكستانية، أبلغ اثنان من الرجال الستة الذين هاجموا سارابجيت سينغ المحققين الباكستانيين أنهم كانوا مدفوعين برغبة في الانتقام وأرادوا قتله انتقاما لعقوبة إعدام أصدرتها محكمة هندية ضد المواطن الباكستاني أجمل قصاب لدوره في تفجيرات مومباي عام 2008 وبعدها عقوبة الإعدام ضد الناشط الكشميري أفضال غورو لتورطه في هجوم ضد البرلمان الهندي.

ورغم أن العلاقات بين الهند وباكستان لم تكن طبيعية مطلقا منذ انقسامهما في عام 1947، فإن كلتيهما قد خاضت أربع حروب، غير أن العلاقات بينهما قد تحسنت إلى حد ما في السنوات الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بالتجارة. إلا أنها ما لبثت أن تدهورت مجددا بعد الاشتباكات على الحدود بين جيشيهما في بداية هذا العام بعد قطع رأس ضابطين هنديين وعدم إعادة جثة أحدهما مطلقا من قبل الضباط الباكستانيين على طول الحدود في جامو وكشمير.