نتنياهو يحاول منع كيري من تبني المبادرة العربية

وزير الداخلية الإسرائيلي الأسبق: قادتنا مصابون بالعمى

صورة لهضبة الجولان المحتلة تظهر السياج التي أقامه الجيش الاسرائيلي هناك.. وأعلن الجيش الإسرائيلي أمس أنه طلب من المئات من جنود الاحتياط القيام بمناورات عسكرية في الهضبة أمس (رويترز)
TT

في الوقت الذي يرى فيه العديد من القادة الإسرائيليين «بشرى مفرحة» في تصريحات الشيخ حمد بن جاسم آل ثان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، حول قبول فكرة تبادل الحدود في إطار التسوية النهائية للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، أشارت تقارير إسرائيلية عديدة إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يرى فيها كابوسا، وأنه يخشى من أن يتبناها وزير الخارجية الأميركي جون كيري.

وعلق على موقف نتنياهو هذا، أمس، وزير الداخلية الإسرائيلي الأسبق، مئير شطريت، قائلا إن «هناك غشاوة تغطي عيون قادة إسرائيل في السنوات العشر الأخيرة إزاء مبادرة السلام العربية وكل ما يرافقها من مواقف إيجابية تجاه عملية السلام في العالم العربي». وأضاف شطريت، الذي كان يتحدث للإذاعة الإسرائيلية الرسمية باللغة العبرية، «ريشت بيت»، أنه في بعض الأحيان لا ينام الليل وهو يراقب المواقف الإسرائيلية. وتابع: «في وقت ما، كان العرب مشهورين بسياسة اللاءات، وما زلت أذكر قرارات القمة العربية في الخرطوم؛ تلك اللاءات الأربع. لكن شيئا ما تغير لدى العرب. وفي سنة 2002 خرجوا بمبادرة جيدة مبنية على إقامة سلام كامل وشامل بين إسرائيل وجميع الدول العربية، مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة في حرب 1967. ثم انضمت 56 دولة إسلامية إلى هذه المبادرة. واليوم يأتوننا بتعديل مهم حول تبادل الأراضي، مما يعني أن موقف العرب يتطور باتجاه عملية السلام. فماذا نحن فاعلون؟ نثأثئ ونتلعثم ونتهرب.. هذا هو العمى بعينه».

وكشف شطريت أنه كان قد توجه لرؤساء حكومات إسرائيل الثلاثة في هذه السنوات، أرييل شارون وإيهود أولمرت وبنيامين نتنياهو وأمضى ساعات معهم محاولا إقناعهم بضرورة قبول مبادرة السلام العربية أساسا للمفاوضات. وأوضح: «قلت لهم إن هذه المبادرة تصوغ بحكمة وذكاء كل شروط التسوية، وحتى في قضية اللاجئين الفلسطينيين تطرح حلا معقولا يعطي إسرائيل حق الفيتو؛ إذ تتحدث عن حل عادل بالاتفاق لقضية اللاجئين. وقلت لشارون، اترك خطة الفصل عن قطاع غزة، فهذه لن تأتي بنتيجة جيدة لإسرائيل. ولكنهم لم يتجاوبوا. وأخشى أن يضيع نتنياهو الفرصة اليوم أيضا للتسوية».

وكان يغآل بالمور الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، قد قال لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن تصريحات رئيس الحكومة القطري إيجابية، وإن ترحيب وزيرة القضاء تسيبي ليفني بها واعتبارها بشرى مفرحة هو موقف الحكومة الإسرائيلية بأسرها. ولكنه في الوقت نفسه قال إن «مسألة تبادل الأراضي ليست جديدة، وإن الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات كان قد وافق عليها في مفاوضاته مع حكومة إيهود باراك سنة 2000 وإن الرئيس الفلسطيني الحالي (محمود عباس (أبو مازن) وافق عليها في مفاوضاته مع إيهود أولمرت. والجديد هو أن الجامعة العربية تتبناها.. وهذا مهم، ولكنه يشكل خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح. وعلينا أن نمر بخطوات إضافية حتى نصل إلى المفاوضات المباشرة. وفقط في المفاوضات المباشرة يمكننا التقدم نحو التسوية».

وذكرت صحيفة «هآرتس»، في عددها الصادر أمس، أن نتنياهو، الذي امتنع عن التعقيب بشكل مباشر على تصريحات بن جاسم بخصوص تبادل الحدود، «يخشى أن يبادر كيري إلى تبني موقف الجامعة العربية من موضوع حدود الدولة الفلسطينية (حدود 1967) حتى لو تضمن ذلك الموافقة على مبدأ تبادل الأراضي. والسبب هو أن نتنياهو لا يوافق على أن تكون حدود 1967 أساسا للمفاوضات، ويعتبر ذلك (تنازلا مسبقا) من قبل إسرائيل قبل بدء المفاوضات». وأضافت الصحيفة نقلا عن مصدر إسرائيلي مطلع، أن نتنياهو ومستشاريه يعتقدون أن إعلان الجامعة العربية موافقتها على مبدأ تبادل الأراضي يحد من الموقف الإسرائيلي في المفاوضات مع الجانب الفلسطيني في المستقبل، وأن نتنياهو يحمل تحفظات على جعل حدود 1967 أساسا للمفاوضات، مما جعل الأميركيين يشككون في السابق في استعداده لقبول مبدأ الدولتين.

وكان نتنياهو قد صرح، أول من أمس، أن «الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين ليس صراعا على الأراضي، بل هو على حقيقة وجود إسرائيل دولة يهودية». وقال نتنياهو، خلال اجتماعه مع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية، إنه يعمل من أجل استئناف المفاوضات، وعبر عن أمله بأن تستأنف عما قريب. وأضاف أنه سيجري البدء بمبادرة تشمل حلولا اقتصادية للفلسطينيين إلى جانب خطة سياسية. وتابع قائلا: «السلام الاقتصادي مهم، لكنه ليس بديلا للسلام السياسي». وأضاف خلال الاجتماع أن أي اتفاق سلام سيتطلب ترتيبات أمنية «يمكن الاعتماد عليها وقابلة للديمومة» بالنظر إلى أن «الورق لا يعد بأي شيء»، حسب تعبيره.

والتقى نتنياهو أمس مع وزير الخارجية السويسري ديديه بورخهالتر، وقال في مستهل اللقاء: «إن المنطقة التي تعيشون فيها أكثر هدوءا وأقل تحديا، ولكنني لا أعرف أي إسرائيلي يكون مستعدا لتبديل دولتنا بدولة أخرى. ومع ذلك، أعتقد أنه توجد بعض الأمور التي يمكننا أن نتعلم منكم واحدا منها؛ هو موضوع الاستفتاءات. ولو توصلنا إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، فسأود أن أطرحه للاستفتاء وأريد أن أبحث معك خبرتك في هذه القضية وفي قضايا أخرى». ورد الوزير الضيف: «يسعدني أن أكون في إسرائيل، وإذا زرتم سويسرا، وسيادتكم مدعو لزيارتها، فسيسرنا أن تستعرضوا منظومة الاستفتاءات التي نجريها مرات كثيرة. ليس مهما متى ستصلون إلى سويسرا، فمن المؤكد أنه يجرى استفتاء في هذا الحين. شكرا على حسن استضافتي».