«الصحة العالمية» تحرم المناطق المحررة من المساعدات بتوزيعها عبر الحكومة

المعارضة تطالب بتخصيص حصة لها من المساعدات الطبية

TT

أكد ناشطون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة شمال سوريا، أن المعونات الطبية الإغاثية لا تصل إلى مناطقهم «رغم الحاجة الملحة لها»، داعين منظمة الصحة العالمية والمنظمات الطبية الدولية «لرفد المستشفيات بالمواد الطبية، والتنسيق مع المعارضة لضمان وصولها».

وتزامنت تلك التصريحات مع إعلان ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا إليزابيث هوف، أول من أمس، أن التعاون قائم مع وزارة الصحة السورية من خلال إرسال المساعدات لها للقيام بتوزيعها على المحافظات، لافتة إلى أن المنظمة «تتعاون أيضا مع وزارة التعليم العالي لتلبية احتياجات مشافيها بما يلزم».

ونقلت وكالة الأنباء السورية «سانا» عن هوف قولها، بعد جولة ميدانية في مشافي حمص الحكومية ولقائها المحافظ هناك، إن أولولية المنظمة في سوريا هي الأمراض المزمنة والمعدية، مبنية أن خطة المنظمة هي «طلب شراء الدواء اللازمة لهذه الأمراض لتلافي انتشارها، والاستعداد لتوزيعها على المحافظات». وأوضحت هوف أنه تم وصول شحنة أدوية إلى حمص وضعت في مستودعات الهلال الأحمر لتوزيعها على المشافي والمراكز الصحية تتضمن أدوية الرضوض والحوادث وأدوية الإسهال والأمراض المعدية، إضافة إلى صناديق إسعافات أولية»، مشيرة إلى تحقيق الاستجابة الفورية والسريعة لكل الطلبات التي ترفع للمنظمة بما يخص الرعاية الصحية للجميع.

يشار إلى أن منظمة الصحة العالمية تتعاون مع الحكومة السورية فيما يخص تأمين المساعدات الطبية وتوزيعها، وترفض التعاون مع المعارضة السورية باعتبارها «جهة غير رسمية».

وفي هذا الصدد، استغربت عضو الائتلاف السوري ريما فليحان أن تكون المساعدات عبر «حكومة نظام (الرئيس بشار) الأسد التي تحاصر المدن وتمنع وصول الأدوية والأغذية وتعمل على تصفية الأطباء والناشطين العاملين في المجال الإنساني»، متسائلة في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «كيف يكون الدعم عبر الجهة القاتلة؟». وأكدت أن «المساعدات لا تصل إلى محتاجيها»، مشيرة إلى أن الحكومة السورية «لا تساعد الأحياء، ولا تساعد المدن المحاصرة ولا الخدمات للمعتقلين، مما يعني أن المساعدات ستصل إلى مصابين من جيش الأسد».

ورأت فليحان أن «هذا التصرف غير إنساني أو أخلاقي»، موضحة أن الحل يكون عبر طريقين: «إما إدخال المساعدات بنفسها، فتصل إلى كل المناطق بقرار ملزم من مجلس الأمن، أو أن تقسم المساعدات إلى قسمين؛ الأول يُمنح للحكومة السورية والثاني إلى وحدة تنسيق الدعم والمنظمات الأهلية العاملة بالحقل الإنساني في سوريا».

من جانبه، أكد عضو لجان التنسيق المحلية في الحسكة ميرال بروردا أن مساعدات وزارة الصحة السورية «لا تصل بتاتا إلى مستشفيات الحسكة الحكومية، على الرغم من أن نظام الأسد لا يزال يحتفظ بسيطرته عليها».

وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن النقص الذي يعتري المستشفيات «لا يقتصر على الأدوية، بل يتعداه إلى نقص في الكادر الطبي بعد هجرة الأطباء بسبب انتشار أعمال السرقة والخطف وفقدان الأمن في المنطقة». وأشار ميرال إلى أن 120 مريضا يغسلون الكلى يوميا في مستشفى القامشلي الحكومي، «توقفوا عن غسل الكلى بسبب فقدان الأدوية المناسبة لهم»، لافتا إلى وجود «حالات خطيرة في القامشلي، لا تتمكن من تلقي العلاج بسبب فقدان الأدوية». وإلى جانب مرضى غسل الكلى، قال ميرال إن مرضى السرطان «يواجهون المشكلة ذاتها أيضا»، مما دفع كثيرين منهم للسفر إلى كردستان العراق لتلقي العلاج «على نفقتهم الخاصة».

ومع انتشار مرض «لاشمانيا» المعروف بـ«حبة حلب» في دير الزور ومنطقة الميادين بالمحافظة، نظمت لجان التنسيق المحلية حملة لجمع التبرعات والأدوية لعلاج المصابين بهذا المرض. ونفى ميرال أن تكون المنظمات الدولية «ساهمت بتقديم الأدوية لعلاج المرض»، مشيرا إلى أن المعارضة «لم تلتقِ ممثلين عن المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، كون تلك المنظمات لا تعترف باللجان الثورية، وتنسق مع الحكومة المركزية».

وتنسحب المشكلة على محافظتي اللاذقية وإدلب. وأكد الناشط في اللاذقية عمر الجبلاوي لـ«الشرق الأوسط» أن مساعدات منظمة الصحة العالمية «لم تصل بتاتا إلى منطقة جبل التركمان وريف اللاذقية»، مشددا على أن «إمداد وزارة الصحة الرسمية المنطقة بالأدوية، معدوم، ووزارة الصحة مفقودة هنا».

وأشار الجبلاوي إلى أن الأدوية توفرها منظمتا «سوريا الخير» و«الإغاثة الطبية»، إضافة إلى مستشفيات ميدانية تمدها دول عربية بالمساعدات الطبية.

وقال الجبلاوي إن «الثوار في الساحل محرومون من إمدادات وزارة الصحة الطبية، كذلك محرومون من إمدادات منظمة الصحة العالمية التي تمنحها مباشرة لوزارة الصحة»، مشددا على أنه «لا مساعدات تصل عن طريق المؤسسات الحكومية».

وبموازاة ذلك، أكدت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا إليزابيث هوف أن المنظمة ستقوم بكل جهدها لمساعدة الشعب السوري وإيصال الاحتياجات الدوائية إلى كل المناطق، لافتة إلى أن المنظمة ستعمل كل ما بوسعها لزيادة حجم المساعدات المقدمة لتشمل أكبر عدد من السوريين المحتاجين.

وفي سياق متصل، شكر الائتلاف الوطني السوري كل الجهود التي تبذلها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) وبرنامج الأغذية العالمي من أجل مساعدة اللاجئين السوريين في سوريا وفي بلدان اللجوء المجاورة، آملا زيادة الدعم المخصص للشعب السوري وللدول المستضيفة.