الأمير الحسن يوجه نداء لإطلاق سراح المطرانين إبراهيم واليازجي

قال إن ما يجري هو «انحدار خطير نحو تدمير الذات والمجتمع»

الأمير الحسن بن طلال
TT

وجه رئيس «منتدى الفكر العربي»، الأمير الأردني الحسن بن طلال، نداء لإطلاق سراح مطران السريان الأرثوذكس يوحنا إبراهيم، ومطران الروم الأرثوذكس بولس اليازجي.

وقال الأمير الحسن في نداء صدر عن مكتبه في عمان، بعنوان «من الاختطاف إلى التدمير»، إن «دوامة العنف، من قتل الأبرياء إلى العداء الممنهج تجاه أقلية الروهينغيا، واختطاف اثنين من رجال الدين، وتدمير الأماكن المقدسة، تثير السؤال التالي: ما الذي بقي مقدسا لدينا بالضبط؟»، وأضاف الحسن أن المأساة التي تتكشف في سوريا تشكل تهديدا ليس لحياة البشر وأسباب عيشهم وحسب، بل للبشرية نفسها أيضا، حيث تقبع الرحمة والكرامة الإنسانية محطمة في أماكن بعيدة، مثل الأضرحة في مالي وتونس وأماكن مقدسة أخرى عدة، مدفونة تحت ركام تراثنا المشترك. وتساءل «هل سنسمع، بعد الآن، صوت الأذان من المسجد العمري في درعا، أو من المئذنة التي تعود إلى القرن الثاني عشر في المسجد الأموي في حلب، أو أصوات تجار الأسواق المحيطة بها والموسيقيين المعروفين، ناهيك عن الثرثرة البهيجة للأطفال الأبرياء؟».

وقال الأمير الحسن إن «الانتقال من احتجاج سلمي إلى عنف تصاعد إلى حد اقتتال بين الأخوة والتدمير الشامل، واستبدال الشعارات المبكرة تلك، التي تنادي بوحدة سورية، وإلى ظهور حقد وحشي وتجاوزات بغيضة من الأطراف كافة، مما يشير إلى عالم غريب بعيدا عن سوريا التعددية والعالمية وحسن الضيافة، والتي تفاخر بها السوريون كافة، والتي عكست، أيضا امتداد وعمق ثقافتهم القديمة».

وأكد الحسن أن «الوقت حان لوقف سيل الفظائع المتواصلة التي تتسبب في ارتدادات في أرجاء منطقتنا وخارجها، ووقف التدمير الشامل للكرامة البشرية والقيم الإنسانية الناجم عن ضغط العيش في ظل تهديد مستمر»، مشيرا إلى أن «علينا القبول أصلا بأن فترة ما بعد الصراع ستتطلب إعادة إعمار، ليس للبنية التحتية وحسب، بل للقلوب والعقول أيضا، خاصة في ما يتعلق بالشباب والمجتمعات السورية المتنوعة».

ونوه بأن «اختطاف صديقي العزيزين، مطران السريان الأرثوذكس يوحنا إبراهيم، ومطران الروم الأرثوذكس بولس اليازجي، لدليل آخر على انحدار خطير نحو تدمير للذات في أنحاء البلاد والمجتمعات التي طالما عاش فيها أتباع الديانات الإبراهيمية معا».

ودعا الأمير الحسن إلى إخلاء سبيل المطرانين، وتوفير ممر آمن لهما، حتى يتمكنا من مواصلة عملهما الإنساني الذي له حاجة ماسة في هذا الوقت، وإنهاء العنف سواء أحدث ذلك باسم العلمانية أو الدين أو آيديولوجية ما أو غيرها. وقال إن أرض سوريا تعتبر بحق جزءا من الهلال الخصيب، حيث قدمت للإنسانية بعض أعظم إنجازاتها في العلوم والقانون والأدب والموسيقى والفنون. ومما لا شك فيه أن تركيز السياسة لما فيه مصلحة الشعب وتمكينه هو بمثابة سيادة للمواطنين السوريين كافة بثرائهم وتنوعهم.

وأضاف «إنني كمسلم أؤمن بحق الحرية وحق الكرامة، ويمكن تحقيق هذا فقط من خلال الارتقاء بالدين فوق السياسة، والحفاظ على سلامة الأماكن المقدسة، الروحية والجمالية على حد سواء، ومن خلال استعادة الطبيعة التعددية لمنطقتنا». وقال «يجب ألا نلقي على الماضي مسؤولية مشكلاتنا الراهنة، القريبة أو البعيدة على حد سواء، بل لا يتوجب علينا المطالبة بحقوقنا فقط، وإنما يجب علينا تحمل مسؤولياتنا من خلال رعاية الضعفاء والمهمشين، ومن خلال العمل على استعادة الإنسانية والقيم الإنسانية المشتركة في عالمنا».

وأشار إلى أنه «وبغض النظر عن نتيجة الصراع السوري، لا يمكننا تجاهل حقيقة أن شعورا غامرا بإقصاء وعزل الآخر، في سوريا وغيرها، يكمن في جوهر الصراع. وما دام الجميع استمروا في النظر إلى أجندتهم من الجوانب المادية حصريا، المصممة للحفاظ على النفوذ الشخصي، فلا يمكن أن يكون هناك حوار حقيقي حول قيمنا المشتركة، ولا سلام لأي شخص على هذا الكوكب».