تقارير دولية: ارتفاع صادم لمعدلات الجريمة واختطاف النشطاء في مصر

أظهرت استمرار السلطات في انتهاج العنف ضد المعارضين بعد الثورة

مظاهرة لإسلاميين أمام مركز الأمن الوطني الرئيس في مدينة نصر الخميس الماضي (إ.ب.أ)
TT

كشفت تقارير دولية عن تضاعف صادم لحالات الخطف وجرائم القتل في مصر بعد عامين من ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011 وسقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك بعد 30 عاما من حكمه.

وقالت التقارير أيضا، إن قمع حرية التعبير والمعارضة لا يزال مستمرا في البلاد بعد مبارك، وأن نظام الرئيس محمد مرسي بدلا من الاستفادة من دروس سقوط الرئيس السابق، وتقبل النقد والمعارضة باعتبارهما نتيجة صحية وطبيعية للثورة، انتهج نفس سياسة سابقه في التعامل معهم.

وبحسب مراقبين تحولت فرحة نجاح الثورة المصرية إلى مأساة بعد انتشار أعمال العنف بكل أشكالها، والتي طالت كثيرا من المدن المصرية، ويعود ذلك إلى غياب الاستقرار الأمني ودور الحكومة في الحد من تلك الجرائم.

ورغم تأكيدات السلطات في مصر أن الوضع الأمني في البلاد آمن، إلا أن مصدرا أمنيا رفيع المستوى حذر من اتساع رقعة الجريمة في مصر بشكل ملحوظ إذا بقي الوضع على ما هو عليه، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «الخريطة الجنائية حاليا تتغير بشكل سريع وهو ما يتطلب تركيزا أمنيا، يصعب تحقيقه في الوضع الحالي».

وتظهر الأرقام التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أمس، أن معدلات الخطف بدافع الحصول على فدية ارتفعت نحو 4 مرات، من 107 حالات سجلت قبل الثورة إلى 400 حالة بعدها، بل وانتشرت تلك الحوادث من المناطق النائية إلى كافة بقاع مصر. كما تصاعدت سرقات المنازل من قرابة 7 آلاف حالة إلى أكثر من 11 ألفا. وتضاعف السطو المسلح 12 مرة، من 233 حالة عام 2010 إلى قرابة 3 آلاف حالة سطو عام 2012. وارتفعت حالات سرقة السيارات 4 أضعاف، من قرابة 5 آلاف سرقة إلى أكثر من 21 ألف حالة عام 2012. ووصلت حالات القتل إلى أكثر من ألفي حالة سنويا، بما في ذلك الضحايا الذين سقطوا في التظاهرات.

وأكد المصدر الأمني أنه من الطبيعي أن تزداد معدلات الجرائم والسطو المسلح وسرقة السيارات خلال الفترة الماضية، في ظل إضراب أفراد الشرطة عن العمل لفترات طويلة وعدم أداء واجبهم على الوجه الأكمل. وقال المصدر إن «الفترة الماضية كانت فرصة لممارسة الجرائم بكل أنواعها مع غياب الشرطة».

ومن ناحية أخرى، قالت منظمة العفو الدولية (أمنستى) في تقرير لها أمس، إن المعارضة لا تزال تتعرض للهجوم في مصر في مرحلة ما بعد مبارك. وأشارت «أمنستى» في تقرير أعدته ديانا الطحاوي، الباحثة بالمنظمة في مصر، إلى أن قمع حرية التعبير والمعارضة لا يزال مستمرا في البلاد بعد مبارك، وأنه بدلا من الاستفادة من دروس سقوط الرئيس السابق، وتقبل النقد والمعارضة باعتبارهما نتيجة صحية وطبيعية للثورة، فإن السلطات المصرية تجلد النقاد. وقالت المنظمة إن الخطاب الرسمي في مصر يسعى إلى تشويه المعارضين باعتبارهم بلطجية ولعبة في أيدي أعداء مصر الذين يتآمرون من أجل تدمير البلاد.

وأضافت المنظمة: «كان هناك زيادة ملحوظة في الملاحقات القضائية للنشطاء المعارضين والمدونين والكوميديين والمحتجين وآخرين».

وفي الوقت الذي يعمل فيه الإسلاميون داخل مجلس الشورى (الذي يمتلك سلطة التشريع) على تضييق الخناق على الحريات الأساسية، تتكرر في الآونة الأخيرة الخروقات القانونية وتزداد أعمال العنف والاعتداءات ضد المعارضين لنظام ما بعد الثورة.

ويرى مراقبون أن إبداء رأي علني أو أي كلمة مناهضة للرئيس مرسي أو معاونيه من حزب الحرية والعدالة الحاكم أو جماعة الإخوان المسلمين، تكفي لاتهام قائلها بإهانة الرئيس أو الإسلام. ووفقا للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان في مصر، أن الشهر الأخير شهدت شوارع مصر عددا كبيرا من أعمال عنف سواء بالضرب أو السحل ضد نشطاء ومعارضين للنظام.

وتذكر منظمة العفو الدولية (أمنستى) في تقريرها، أن الحكومة تزعم أنها ليست وراء أغلب البلاغات التي تم تقديمها من قبل مواطنين «قلقين» من الهجوم على ما يمثل حساسيات بالنسبة لهم بإهانة الآخرين، بمن فيهم الرئيس أو الأديان السماوية. وما فشلت السلطات في ذكره هو أن الأمر يعود إلى النيابة العامة لإسقاط البلاغات أو نقل القضايا إلى المحاكمة.

وتحدثت المنظمة عن التحقيق مؤخرا مع الناشط أحمد دومة في اتهامات له بإهانة الرئيس ونشر أخبار زائفة، بعد أن اتهم الرئيس في أحد البرامج التلفزيونية بأنه قاتل، وتم احتجازه دون منحه فرصة لإخبار محاميه أو زوجته بهذا الأمر، ولم يتم معرفة احتجازه إلا بعدما عاد محاميه على مكتب النائب العام في مدينة طنطا بمحافظة الغربية للسؤال عنه، وهذا ما اعتبرته منظمة العفو انتهاكا للقوانين المصرية، ناهيك بالمعايير الدولية. وتحدثت المنظمة أيضا عن المحاكمات التي تنتظر المدون أحمد أنور، والناشط حسن مصطفى.

من جانبه، أكد الناشط السياسي، شادي الغزالي حرب، أن اعتقال النشطاء مؤشر على أن هناك محاولات لتصفية شباب الثورة، لأن الإخوان يعلمون جيدا أنهم العقبة الوحيدة في وجه النظام الإخواني، قائلا: «خرجنا في وجه مبارك ولن يستطيع أحد أن يقف في وجه الموجة الثورية ضد نظام الإخوان».

وقال الغزالي، خلال كلمته بالمؤتمر الصحافي للتضامن مع عدد من النشطاء المعتقلين، والذي عقد بمقر حركة 6 أبريل (نيسان) أمس: «نعيش في دولة ليس بها أي نوع من العدالة أو أي سيادة للقانون».

وفي السياق ذاته، بدأت نيابة قصر النيل والأزبكية بالقاهرة، أمس السبت، التحقيق مع 26 متهما بالانتماء لـ«بلاك بلوك» التي ترتدي الملابس والأقنعة السوداء، والتورط في الاشتباكات التي وقعت أعلى كوبري قصر النيل وفي محيط السفارة الأميركية ومحاولة إشعال النيران بدار القضاء العالي، مساء أول من أمس.